المبادرة المغربية لتسوية وضعية المهاجرين في المغرب وإدماجهم في المجتمع المغربي هي مقاربة حقوقية وإنسانية، تتزامن مع الإرادة السياسية للملك في تمتين العلاقات الاقتصادية مع عدة دول قام بزيارتها مؤخرا.
هي تراكمات تجسد حقيقة رغبة المغرب في العودة للاتحاد الإفريقي ولعب دور أساسي في تكريس قيم التضامن مع الشعوب الإفريقية.
نعم مع التضامن مع الشعوب الإفريقية، نعم للعودة إلى إفريقيا بعد أكثر من عشرين سنة، نعم لكي تنخرط وزارة الجالية ووزارة الداخلية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في إنجاح المبادرة حتى ينعم بالأمن من اختار الهجرة من بلده والاستقرار في المغرب كمحطة أولى في انتظار الانتقال للضفة الأخرى.. المبادرة في حد ذاتها ورقة يلعب عليها المغرب لإبداء حسن نية أمام دول الاتحاد الأوروبي التي ضاقت درعا بتدفق الأفارقة على أراضيها، وبالخصوص إسبانيا وإيطاليا، ولم تنج منها حتى دول الشمال التي امتلأت مدنها بمهاجرين سريين يعانون اليوم من صقيع وبرد قارس..
المغرب المستفيد الأكبر من عملية التسوية، لأن دول الاتحاد اطمأنت الآن بهذه المبادرة بأن المغرب قبل بأن يلعب دور الدركي بذكاء لوقف تدفق النازحين من الجنوب إلى الشمال، وسكت عن التجاوزات التي يتعرض لها مواطنوه في دول أوروبية عديدة، منها من تراجعت عن اتفاقيات وقعها المغرب لسنوات غابرة، واعتداءات بالجملة يتعرض لها مغاربة ولدوا وترعرعوا هنا.. نماذج كثيرة قد نسردها، دون أن تلقى رد فعل لوزارة الجالية التي لمع صوت قائلا في خرجات إعلامية ينوه بالمبادرة والتعليمات الملكية لرد الاعتبار للمهاجرين الأفارقة، سياسة يوجه بها صفعة تاريخية للجيران الذي طردوا الأفارقة من أراضيهم بطرق مذلة وبعنف.. ومرة أخرى يسبق المغرب كل الدول ليقدم مساعدات للمطرودين الذين يعانون في مناطق قاحلة في النيجر.. المغرب كان المبادر قبل الدول الأوروبية للتخفيف من آلام المهاجرين، وبذلك يعطي درسين للجزائر: درس على أراضيه عندما مكن الأفارقة من حقوق كاملة، ودرس خارج أراضيه عندما ندد بالمعاملات العنصرية وحملة الطرد التي قادتها الجزائر في حق الجنوب إفريقيين.. ومع ذلك تقود معارضة شرسة ضد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي بتصريحات وزير خارجيتها الأخيرة، وضرب استقرار المغرب بتحريك مرتزقة البوليزاريو في الكريكات في المناطق العازلة جنوبا.
الوزير الذي نشط في آخر أيامه سكت طويلا عن تراجع هولندا عن التزاماتها وفرضت تعديلاتها على المغرب، وصادرت حقوقا انتزعها مغاربة هولندا.. والوزير سكت عن أوضاع مغاربة إسبانيا وإيطاليا المزرية.. والوزير سكت عن عدم إشراك مغاربة العالم في استحقاقات السابع من أكتوبر، تفعيلا لما ورد في الدستور المغربي، ولم ينوه بتاتا بالحكم الذي انتزعته جمعيات المجتمع المدني في المحاكم الهولندي ضد السياسي الهولندي الذي أهان مغاربة هولندا أكثر من مرة.
صراحة كنت أتمنى أن ينسحب السيد الوزير من الوزارة ومن شاشات التلفزيون المغربي، ويتوقف من الإدلاء بتصريحات يشمئز مغاربة العالم من سماعها.. إننا ننتظر بفارغ الصبر إنهاء البلوكاج وتشكيل حكومة جديدة بوجوه لا نرغب أن تكون فيها وجوها سئمنا من رؤيتها ومللنا تدخلاتها عبر الشاشات التي تلمس فيها نفاقا وقلة حياء..
مغاربة العالم ينفرون من السياسة وتنازلوا عن الهوية والحكومة في شخص وزير الجالية يستفزّون مشاعر مغاربة العالم بخرجات إعلامية كلها نفاقا...
مع تحيات مغترب من كوبنهاكن في يوم بارد.