Saturday 17 May 2025
سياسة

بلغزال: هذه هي السياقات التي ينبغي قراءة موقف الإبراهيمي في إطارها

بلغزال: هذه هي السياقات التي ينبغي قراءة موقف الإبراهيمي في إطارها

يرى الفاعل الحقوقي والباحث في القضية المرتبطة بالنزاع في الصحراء عبد المجيد بلغزال، بأن قراءة الموقف الأخير للأخضر الأبراهيمي والذي دعا فيه إلى ضرورة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب لا يمكن أن تتم إلا وفق مقاربة تأخذ بعين الإعتبار السياقات التي جاء فيها هذا الموقف العميق الدلالة والصادر من رجل ديبلوماسي وازن. وأضاف بلغزال في حديث خص به "أنفاس بريس" أنه في هذا الإطار يستحضر سياقبن. سياق خاص وسياق عام.

فأما على مستوى السياق الخاص، يقول الباحث: "لا يمكن لي كواحد من الذين تابعوا الحوار الجزائري المغربي وخاصة بمركز محمد بنسعيد آيت يدر إلا أن أعتبر أن ما جاء على لسان الإبراهيمي وفي مناسبة وطنية جزائرية تخلدها يوم 11 دجنبر من كل سنة، بأنه كلام صادر عن رجل دولة يدرك فعليا الكلفة التي يفوتها كل من المغرب والجزائر على شعبيهما بتمديد عمر النزاع"، مضيفا بأنه لا يسع أي مهتم بالبناء المغاربي إلا أن يحيي هذه" القولة" ، علما أنه في الجزائر اليوم ليس سهلا على أي أحد أن يدعو إلى فتح الحدود وإلى البناء المشترك في وقت يسود فيه التجييش فقط نحو المزيد من التأزيم. وبالتالي، يردف بلغزال، فما أقدم عليه الإبراهيمي هو شجاعة كبيرة من طرف ديبلوماسي يعرف كلفة ما يضيعه البلدان على شعبيهما وراء نزاع افتعالي لا يمكن أن يخدم إلا الإستبداد في الدولتين معا.

وبخصوص السياق العام، يعتبر بلغزال بأنه يجب فهم كلام الإبراهيني على أنه يأتي في وضع يتميز باكتساح أو تمدد المغرب بفعل تبنيه لنموذج اقتصادي -رابح رابح- من الغرب الأفريقي إلى شرقه. وتحولت مع هذا المنظور المؤسسات الإقتصادية المغربية الكبرى إلى فاعل أساسي في كل ما يجري في جنوب الصحراء ، وهذا التمدد. وفق المتحدث دائما، خلق دينامية جديدة تجسدت في بداية تحرر حتى بعض الأنظمة التي كانت إلى وقت قريب تصنف في خانة أعداء المغرب ولم تعد أسيرة الإيديولوجيات القديمة، وتحولت نحو التفكير في إعادة نسج علاقاتها مع المغرب بمنطق براغماتي نفعي قائم على الربح المشترك مثل ما تم بالنسبة لدول اثيوبيا رواندا نيجيريا، والتي دخلت في علاقات مع المغرب وفق هذا المنطق الجديد بغض النظر عن أي شيء آخر. خاصة وأن المغرب لم يشترط على هذه الدول سحب اعترافها بالبوليزاريو.

وهكذا، يستطرد الباحث والفاعل الحقوقي لـ"أنفاس بريس": " نلاحظ أنه في الوقت الذي يحقق المغرب بفضل هذا التغلغل والتوجه الجديد نجاحات مشهودة وتتجلى في اكتساح مؤسساته الإقتصادية لدول جنوب الصحراء، وأصبح يعد ثاني أو ثالث مستثمر بافريقيا بعد الصين وفرنسا، بل هو الأول حتى في بعض الدول بأفريقيا الغريية كساحل العاج والسينغال". في هذا الوقت، يسجل، تشهد الجزائر من جهة أخرى إخفاقات كبيرة في اﻵونة الاخيرة ولعل أبرزها ما جرى في المنتدى الجزائري حول الإستثمار الأفريقي، والذي تحول إلى مناسبة لتصريف صراع "الديكة" حول مواقع السلطة بين جماعة الرئيس من جهة والمجموعات العسكرية من جهة ثانية، وفشل هذا المنتدى الذي راهنت عليه الجزائر كثيرا محاولة منها العودة إلى المحيط الأفريقي ومنازعة المغرب في هذه العملية.

أضف إلى ذلك، يقول بلغزال، فشلها أيضا في منتدى آخر سابق كانت قد دعت إليه حول دعم تقرير المصير، وهكذا، يعتبر، في الأخير بأنه اليوم بموقف هذا الديبلوماسي و الفهم العميق لهذا الرجل لما يجري من صراعات داخل مربع السلطة بالجزائر ومن تحولات جيو استراتيحية كبيرة. فقد أظهر الإبراهيمي، يلفت بلغزال، مسؤولية أخلاقية كرجل دولة قوي قادر على قول رأيه والذي كان بمثابة رسالة مبطنة للجزائر ولكل القوى المتصارعة على السلطة لأنه فطن إلى أنه عوض أن تراكم الجزائر الفشل تلو الفشل فبالإمكان في حالة تأسيس علاقات مغريية جزائرية قوية، أن يتحول البلدان معا إلى موقع أفضل وأنفع ويلعبان نفس الدور الذي لعبته كل من فرنسا وألمانيا في الإتحاد الأوروبي. وهذه أعتقد هي الرسالة الأمثل وهذا هو مايجب ان يسير عليه المستقبل.."، يختم محاور "أنفاس بريس".