Saturday 17 May 2025
خارج الحدود

التضامن الإفريقي كما تفهمه الجزائر.. إهانة وطرد لمواطني جنوب الصحراء

التضامن الإفريقي كما تفهمه الجزائر.. إهانة وطرد لمواطني جنوب الصحراء

في الوقت الذي كثر الحديث عن أهمية التضامن بين شعوب المنطقة، أيا كانت هذه المنطقة في العالم. وتكتل البلدان المتجاورة لتشكيل قوة واحدة ضد تحديات العصر. تخرج الدولة الجزائرية بنشازها المعتاد حيال القضايا المشروعة، وتعلن الحرب على مواطني دول جنوب الصحراء الموجودين فوق أراضيها.

وعلى منوال "العذر أقبح من الزلة"، مضت الجارة الإفريقية، متهمة حاملي البشرة السوداء بنشر داء السيدا ومختلف الأمراض المنتقلة جنسيا. لذلك كان قرارها "العنصري" والتحريضي على التمييز بوضع حد لدخول هؤلاء إلى وطنها مع الإلقاء بالمهاجرين خارج الحدود.

وحتى إن كان ذلك ليس بغريب على مسؤولين اعتادوا ضرب جميع المبادئ الإنسانية والقيم الكونية عرض الحائط، وعمى أعينهم عما يقدمه غيرهم من دروس التضامن. فإنه ينعدم ما يشفع لهم بارتكاب فظاعة من هذا القبيل، خاصة وأنه إن تعذر عليهم الاقتداء بالأقطار الأوربية وكيف تلملم جراح بعضها البعض ضمن مجموعات متكاملة، فالنموذج الحي على مقربة من أذنهم، ويكفيهم النظر فقط إلى الإطار العام التي تأتي فيه الزيارات الملكية للعمق الإفريقي، وقبل ذلك العناية التي تولى للوافدين الأفارقة.

والحقيقة، أن هذه الهجمة الشرسة التي كشف عنها جيراننا، لا تعدو أكثر من دليل إضافي على معاداتهم لأصول التآلف المنتج، وتحريمهم للتعايش السلمي مع محاسن الترابط الأخوي، وإن جر عليهم ذلك سخط بقية العالم. وإذا كانت هذه الدولة التي تتبجح بإفريقية موقعها فعلت ما فعلته بأفارقة، ماذا عسى عنصريو البدان الأخرى من خارج القارة أن يفعلوا؟. مع العلم أن بعض هذه الدول المعروفة بمواقفها الصارمة من المهاجرين، لم تسمح لنفسها يوما بحرمانهم من الحد الأدنى لحقوق الإنسان، وبادرت في أكثر من مناسبة إلى إنقاذ حياتهم من أمواج الغرق، كما فتحت مستشفياتها لعلاجهم.

واليوم، تأتي الشهيرة بالمليون شهيد في سبيل الحرية، وتعتقل حقوق أناس يحتاجون الاستشفاء، إن صح الادعاء طبعا، قبل أي شيء آخر. فبالأحرى أن يكون تعميق أزماتهم بأشد معاملة قد يصادفها القدر لغرباء عن أوطانهم. بشر اضطر كرها لتوديع مسقط رأسه لأجل حياة أفضل. رجال ونساء وأطفال لو لم يقهرهم جحيم الفقر والحروب لما رموا بأجسادهم في ذل وطن مات فيه آخر وازع أخلاقي، دون الحديث عن الديني والعرقي.