كل راكب من أصل 4 يتنقل عبر الخطوط الملكية المغربية عبر العالم ينحدر من إفريقيا، مما يبين القيمة والوجاهة التي احتلها المغرب كناقل رسمي للأفارقة على اختلاف بروفيلا تهم (رجال أعمال، طلبة، عمال، سياح إلخ...). فاحتفال «لارام» بنقل 8 مليون مسافر عام 2017 جعلها تحتفل أىضا بنقل 2 مليون إفريقي، وهو الاحتفال الذي تزامن مع توسع شبكة التغطية لـ 33 وجهة إفريقية من أصل 80 وجهة عالمية. هذا الوضع خول المغرب ليكون أحد الأرقام المهمة في معادلة الملاحة الجوية على مستوى القارة الإفريقية، وهي المعادلة التي تعززت بالقرار الذي جعل من الدارالبيضاء كمنصة (HUB) ضرورية للعبور من وإلى إفريقيا.
لكن بقدر ما يبتهج المرء للأدوار الطلائعية التي يلعبها المغرب كفاعل رئيسي في الملاحة الجوية الافريقية، بقدر ما يضع على قلبه من غياب حكامة وتنسيق بين الأجهزة العمومية لكي تبقى للمغرب ريادته في هذا المجال، خاصة وأن كل الشركات العملاقة بدأت شهيتها تفتح للحصول على موطئ قدم في السوق الافريقي، بدليل أن سكان إفريقيا الذين يمثلون 14 في المائة من ساكنة العالم لا يشكلون سوى 2 إلى 3 في المائة من حركة الملاحة الجوية، إلا أن المنحنى التصاعدي جعل إفريقيا هي «الإلدورادو» الجديد للشركات الدولية.
فإلى حدود 2006 أو 2005 كان المغرب وتركيا وإثيوبيا على قدم المساواة في الحضور في الملاحة الجوية، إلا أن الانزال القوي والمواكبة الضخمة التي قامت بها كل من الحكومة التركية والحكومة الاثيوبية لدعم شركات النقل الجوي وتشددهما في عدم التنازل لدى تطبيق سياسة «السماء المفتوحة» (OPEN SKY)، فضلا عن التحفيزات الضريبية الهائلة الممنوحة جعلت كل من تركيا وإثيوبيا يحلقان بعيدا في الملاحة الجوية فيما المغرب انبطح كليا للشركات الأوربية التي «هرفت» على كل الفرص بالملاحة الجوية بسبب التطبيق الأعمى لـ «السماء المفتوحة» ومع ذلك حافظت «لارام» على قوتها وحضورها في الساحة، بل وواصلت تعزيزا أسطولها الذي وصل الآن إلى 57 طائرة دون احتساب الطلب على المشتريات الجديدة، إلا أن الضربة المرتقب أن تقصم ظهر المغرب في إفريقيا هي تخلف المكتب الوطني للمطارات على مواكبة السياسة الرسمية للمغرب في المجال الافريقي. ذلك أن 70 في المائة من الأفارقة الذين يتنقلون عبر مطار الدارالبيضاء هم «ركاب ترانزيت» (أي حوالي مليون و400 ألف شخص في العالم)، وهذا العدد الضخم يعاني من مشاكل جمة بمطار محمد الخامس (مبيت، خدمات، فيزا إلخ...) بشكل يعطي صورة سلبية جدا عن المغرب، بحكم أن هؤلاء لا يرون من المغرب سوى قطعة من جهنم متمثلة في مطار محمد الخامس، وبالتالي انتصاب تخوفات من عدم اختيار الخطوط المغربية للتنقل مستقبلا أو التخوف من تحول هؤلاء إلى سفراء ضد المصالح المغربية بالدول الافريقية. وهنا الخطر القائم الذي يمكن أن ينسف كل الجهود التي بذلها المغرب لتعبيد الطريق لعودته إلى إفريقيا.