الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

البدالي : بخصوص فاجعة تلميذ قلعة السراغنة.. ألم يكن القاتل هو التعليم والمقتول هو التلميذ؟

البدالي : بخصوص فاجعة تلميذ قلعة السراغنة.. ألم يكن القاتل هو التعليم والمقتول هو التلميذ؟ صافي الدين البدالي
عاش ساكنة قلعة السراغنة يوما أسودا، يوم الثلاثاء 19 يونيو 2018 ، و هو ثاني أيام الإمتحان الموحد للسنة الثالثة إعدادي، على وقع جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها تلميذ على يد زميله بنفس المؤسسة حيث يدرسان معا في المستوى الثالثة إعدادي ويجتازان معا الإمتحان الموحد الإشهادي لنهاية السنة الدراسية.
كان هذا اليوم يوما دمويا في مؤسسة عرفت تاريخيا بعطائها التربوي منذ بداية السبعينات، وهي تؤهل وتوجه وتساعد التلاميذ على تحدي الصعاب والتشبع بمنافع العلم في جميع شعبه و امتداداته المعرفية و الثقافية والأخلاقية والاجتماعية، لم تعرف ساحتها يوما شجارا ولا تجاوزا للقواعد التربوية و الأخلاقية، حتى أصبحت قبلة كل من يرغب في العمل الجاد . وما عرفته من حدث مأساوي يجعلنا في وضعية جد مقلقة على مستقبل التعليم في بلادنا.
فعزاؤنا واحد في التلميذ الفقيد، لأنه من شباب مستقبل البلاد، و أسفنا الشديد على وفاته لأنه خلف جرحا عميقا في جسم أسرته و في جسم زملائه و زميلاته وفي جسم الطاقم التربوي و الإداري و في جسم المدينة ككل. وحسرتنا على التلميذ القاتل الذي دخل عالما آخر بين الأحياء و الأموات بين السجون و المعتقلات، مخلفا متاعب و شقاء لأهله و لذويه و لزملائه و زميلاته.
و أمام هذا المصاب نتساءل من القاتل ومن المقتول إذن ؟ هل نعتبر كلا من القاتل والمقتول مجرد تلميذين وكفى؟ ألم يكن القاتل هو نظام التعليم في بلادنا الذي أفرغه من قيمه النبيلة، الإجتماعية والثقافية والتربوية، و من برامج كانت من شأنها أن تساعد على صقل المواهب واكتساب المهارات والاكتشاف و بناء المفاهيم و اكتساب المعرفة و قواعد البحث العلمي ؟ ألم يحول نظام التعليم عندنا إلى تعليم أصم أبكم مجهول الهوية و المقاصد، تلقيني لتعليمات مفاهيمية غير واضحة كالطلاسم تحتاج إلى الفك و ليس إلى استثمار المهارات و المعارف و القدرات والإنفتاح ؟
لقد صدق التلاميذ و هم يتظاهرون أمام المؤسسة و في الشارع مرددين شعارات من بينها شعار مركزي " ياسين قتله التعليم ".
ألم يكن القاتلون الحقيقيون هم الذين تولوا شؤون هذا القطاع، الذي يعتبر روح الأمة وعمودها الفقري ومدخلها الرئيس لعالم التقدم الاقتصادي والتكنولوجي والتنمية بجميع أبعادها فحولوه إلى تعليم يكرس الجهل والأمية الثقافية والفنية والتخلف والتعصب والتطرف واليأس والانحراف والجريمة والغش والعنف والاستلاب الفكري ؟ ألم يكن القتلة هم الذين سرقوا أمواله و كدسوها في جيوبهم بافتعال برامج تعليمية باءت بالفشل كالبرنامج "الاستعجالي " والبرنامج الهيكلي للمنظومة التربوية ؟ ألم يكن القاتل هو التعليم والمقتول هوالتلميذ ؟
إن الجاني إذن أصبح هو التعليم والمجنى عليهم هم التلاميذ .
لقد آن الأوان لمحاكمة السياسة التعليمية في بلادنا على مستوى البرامج و المناهج و الأهداف و المقاصد و المعارف والمهارات المكتسبة و على مستوى تكوين أطره التربوية، كما آن الأوان لمحاكمة كل الذين بددوا أموال هذا القطاع ونهبوها ونهبوا عقاراته.
يجب محاكمة التعليم لأنه تحول إلى قاتل للوطن في أجياله الصاعدة و في هويته و في تقدمه و في نموه و في وحدته و في أمنه وأمانه و في استقراره ؟ ودعونا نكرر شعار الأطفال المصدومين "قاتل ياسين هو التعليم
                            - صافي الدين البدالي،فاعل حقوقي وقيادي في حزب الطليعة الديمقراطي الإشتراكي