الخميس 28 مارس 2024
مجتمع

فريق"بيجيدي"يستغل ملف بوعشرين ويطرح سؤالا حول أوضاع النزلاء في السجون

فريق"بيجيدي"يستغل ملف بوعشرين ويطرح سؤالا حول أوضاع النزلاء في السجون محمد صالح التامك، المندوبية العامة لإدارة السجون ، وإدريس الأزمي، رئيس فريق البيجيدي(يسارا)
بقدر تأكيد فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب على أن المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، هي إدارة تابعة للحكومة، فإن السؤال هو ما هي ثمار هذه التبعية؟ هل تعني الوصاية وضع المندوبية في قفص الاتهام وتحول النواب البرلمانيين إلى سلطة اتهام؟ إلى أي حد تفرض هذه الوضعية المبهمة من حيث تبعية مندوبية السجون لرئاسة المحكمة وفِي نفس الوقت لا تحظى بالدعم اللازم من طرف المسؤولين عن قطاعات حكومية من المفروض أنها شريكة في إعادة الإدماج؟
ألا تفرض هذه التبعية حضور المندوب العام في مجالس الحكومة، كما كان النقاش في السابق؟ ألا تُمارس الحكومة وصاية على مندوبية السجون عندما لا تمنح لها الفرصة للدفاع عن نفسها في مواجهة منتقديها، بمن فيهم بعض الأحزاب المكونة لهذه الحكومة؟
لقد بين بلاغ فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، على إثر البلاغ الصادر عن المندوبية العامة لإدارة السجون يوم الثلاثاء 19 يونيو 2018 ردا على إبداء أحد نوابه لرأيه، وهو فعلا رأي، مادام أنه غير مؤسس على أرضية صلبة قانونا وواقعا، حول أنسنة ظروف اعتقال النزلاء، (بيّن البلاغ) أنه لايخرج عن المزايدات المجانية فيما يتعلق بقطاع السجون والنزلاء، وهو القطاع الذي يحظى برعاية ملكية خاصة، سواء من خلال حمل مؤسسة إعادة الإدماج لاسمه، أو من خلال الزيارات الملكية الميدانية، لعمق السجون، آخرها سجن العرجات، وحجم الاهتمام بوضعية النزلاء من حيث وضعيتهم وتمتعهم بكافة الحقوق، وكذا الرعاية التي يحظون بها بعد انقضاء فترة العقوبة، وكل هذا ومن خلال تتبع أنشطة مندوبية السجون، يلاحظ غياب تام سواء لعدد من وزراء الحزب أو برلمانييه أو مستشاريه الجماعيين، وكأن لسان حالهم "الله يحفظنا من الحبس، ولو على سبيل التضامن مع النزلاء"، والسبب معروف، فأينما توجد المصلحة الانتخابية يوجد حزب العدالة والتنمية، ومادام أن 83 ألف نزيل جلهم ضمن الاعتقال الاحتياطي ليسوا ضمن الكتلة الانتخابية، فإن حزب العدالة والتنمية يدير ظهره للشأن السجني، وما أثاره نائبه البرلماني هو فقط من باب ذر الرماد في العيون..
إن المتتبع لخرجات نواب "بيجيدي"، يتذكر جيدا كيف انتفضت النائبة آمنة ماء العينين، داخل لجنة العدل والتشريع مدافعة عن متهم بالاتجار في البشر وهو توفيق بوعشرين، مدير نشر "أخبار اليوم"، الموضوع رهن الاعتقال، معتبرة أن قانون الاتجار في البشر، لاينبغي تطبيقه على الصحافي بوعشرين، وإنما على الجرائم العابرة للقارات! متناسية أن حصانتها الكلامية لا تخول لها مناقشة حيثيات ملف يروج أمام القضاء، باعتبار هذا الأخير سلطة مستقلة..
إن موضوع طرح نائبي "المصباح" لهذين التدخلين، هو واحد، إنه بوعشرين، المدافع عن قلعة الحزب، وهذا يظهر من خلال الاستنفار العام الذي أعلنه حزب العدالة والتنمية، وهو يحاول تبرئة داعمه من جرائم الاستغلال الجنسي في حق نساء من بينهن مستخدمات لديه.
لقد أثار دفاع بوعشرين الذي يقوده منسق جمعية محاميي "العدالة والتنمية" غير ما مرة، وضعية بوعشرين في سجن عين البرجة بالدار البيضاء، بل بلغ به أن يكون موضوع مراسلة للجنة المختصة بالأمم المتحدة! وكذا لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فكان الجواب واضحا، وضع بوعشرين في زنزانة انفرادية كان برغبة منه، في الوقت الذي كان بالإمكان وضعه ضمن نزلاء أو معتقلين احتياطيين في زنزانة جماعية، والأكيد أن قيامة المدافعين عنه ستقوم لأنه وضع معتقلي الحق العام "وهو المعارض الشرس وصاحب القلم الجريء" كما يروجون، ولأن جميع الملاحظات التي أثيرت حول وضعية بوعشرين في السجن لم تكن مبنية على أسس قانونية، وتم تقويضها، كان لزاما تغيير خطة الدفاع، و"برلمنة" ملف بوعشرين تحت غطاء سؤال شفوي متعلق بأنسنة السجون..
ورغم أن المندوبية أبدت وجهة نظرها في موضوع الاتهامات الموجهة إليها، فإن التعقيب عليها بلاغ حزبي لفريق العدالة والتنمية، كان مفتقدا للباقة المطلوبة، إذ تعامل الفريق مع سؤال عضوه البرلماني بمنطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، حيث تفادى التطرق إلى صلب الموضوع المتمثل في القول بالاستمرار في ممارسة التعذيب في المؤسسات السجنية، وتم التركيز فيه فقط على الجانب الشكلي المرتبط بالجهة المخول لها ممارسة المراقبة.
مع الإشارة إلى اعتماد النائب المذكور في اتهاماته على تقرير صادر عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2012، في تحامل مقصود وتجاهل للتطورات الحاصلة في قطاع إدارة السجون منذ تاريخ صدور ذلك التقرير إلى اليوم، علما أن المندوبية العامة قامت بتنفيذ التوصيات الواردة به بالتنسيق مع الجهة المصدرة له (أي المجلس الوطني)، وهي الإجراءات التي تم تقديمها خلال اللقاء التقييمي الذي انعقد في أكتوبر 2017 بمقر المجلس بالرباط.
وإذا كان من حق المؤسسة التشريعية، ممارسة اختصاص الرقابة، فإن المتتبع للشأن السجني، يستحضر كيف استقبلت مندوبية السجون لجان استطلاع برلمانية. وكيف هي منفتحة على كل التساؤلات والملاحظات الجدية التي يبديها النواب والمستشارون في ارتباط بظروف الاعتقال بالمؤسسات السجنية.
منير الكتاوي