يوم 2 يونيو 2018 كانت لـ"أنفاس بريس"، فرصة زيارة مدينة هينداي HENDAYE الفرنسية (تبعد بحوالي 15 دقيقة بالسيارة عن الحدود الإسبانية)، وهي مدينة صغيرة من حيث عدد السكان( حوالي17ألف نسمة) ، لكنها وازنة من حيث المكانة الاقتصادية، خاصة اقتصاد البحر وما يرتبط به من رياضة مائية، إذ تضم المدينة أزيد من 280 مقاولة صغرى وكبيرة تنشط في هذا النوع من الاقتصاد ( التقت "أنفاس بريس" ببعض الفاعلين منهم ).
هذا النسيج الاقتصادي ينشط بالأساس في ما يمكن ان نسميه "اقتصاد البحر"، وهي مقاولات توظف 5000 فرد وتخلق ثروة سنوية بقيمة 5ملايير أورو كرقم معاملات، منها 2مليار للتصدير(ملابس رياضية، ألواح شراعية وألواح ركوب الموج، زوارق صغيرة،إلخ...)، كما تأوي المنطقة المقر الإجتماعي لأربع مقاولات عملاقة عالميا في إنتاج لوازم الرياضة، خاصة في ركوب الموج وما يرتبط بالرياضات المائية.
المدينة معروفة بمينائها الترفيهي الذي تبلغ طاقته 850 يخت يتراوح طوله بين 6أمتار و20 متر(الصورة)، وهي الطاقة التي بلغت مداها منذ أواسط العشرية الأولى من القرن الحالي بشكل جعل لائحة الانتظار تطول بالنسبة لمن يرغب في الظفر بمكان يوقف فيه مركبه، وهو ما يعكس جاذبية مدينة هينداي التي ينتظر اقتصادها غد مشرق بحكم أن فرنسا ستحتضن الالعاب الأولمبية عام 2024.
الألعاب الأولمبية فرصة للشركات الموجودة بهينداي المتخصصة في الرياضات البحرية(surf. wave surf.pirogue.foil surf.aviron) لتحقيق وثبة تجارية ومالية لتسويق أوسع لهذه المنتجات مع ما يعنيه ذلك من خلق فرص الشغل ومداخيل ضريبية للدولة وللبلدية والجهة ولإنعاش السياحة. هذه الأخيرة تمثل حوالي 20 من الناتج الداخلي الخام المحلي لهينداي.
في المغرب نتوفر على 3500 كيلوميتر من السواحل، وللأسف لم تفلح نخبنا الحكومية والبرلمانية والجماعية والصناعية في تحويل الساحل إلى مضخة لإنتاج الثروة وفي خلق مناصب الشغل. كما فشلت المجالس المنتخبة في تحقيق المصالحة مع البحر ، سواء بسبب القوانين والقرارات البلدية البليدة والمتكلسة، أو بسبب تحجر تصاميم التهيئة، او بسبب نظرة رجال المال بالمغرب لسواحل المدن التي يتعاملون معها "كهمزة عقارية" أكثر منها فرصة تعميرية لجعل سواحلنا تنبض بالحياة وبالمطاعم وبالكورنيشات الجميلة وبالفنادق والبهية وبالنوادي الرياضية وبالمياه ذات الجودة العالية للسباحة وممارسة الرياضات المائية وبالموانئ الترفيهية المتوفرة على كل ما يحتاجه المبحرون.
لا يعقل أن منطقة الباسك الفرنسية (بساكنة لاتتجاوز 350ألف نسمة، أي أقل من مقاطعة سيدي مومن بالبيضاء) ولا تتوفر سوى بالكاد على شريط ساحلي بطول 35 كلم، ومع ذلك تستقبل زهاء 500 ألف سائح من مختلف دول المعمور في فصل الصيف(خاصة في مدينتي بياريتز وهينداي) بينما المغرب يتوفر على 3500 كيلومتر من السواحل ولا يستقطب أي زائر.
هناك خلل ما في "الشبكة الكهرومغنطيسية" في مخ من يدبرون شؤوننا سواء في الحكومة او في البرلمان او في مجالس الجماعات.