Tuesday 13 May 2025
سياسة

أيها المتصوفون المغاربة.. حيادكم تشجيع على الإرتداد وترخيص لضرب التدين المغربي!

أيها المتصوفون المغاربة.. حيادكم تشجيع على الإرتداد وترخيص لضرب التدين المغربي!

لم يكن للتصوف، منذ نشأته على أرض المغرب، حالة روحية فقط. كما لم يكن له دائما وضع محايد إزاء عنف التحولات السياسية، أو احتداد التهديدات الداخلية والخارجية التي عرفتها بلادنا عبر التاريخ. بل إن رجاله نظموا حملات الجهاد ضد الغزو الأجنبي، ومارسوا إضافة إلى ذلك أدوارا تربوية واقتصادية واجتماعية جعلتهم طرفا أساسيا في التأثير على الأوضاع العامة ببلادنا. واليوم حين نستعيد تاريخ الطرق الصوفية نجد أن هذه الأدوار تظهر أو تختفي بحسب الإنضباط على إيقاع الاشتراطات السياسية، وإن كان الاقتصار على الجانب الروحي هو الغالب في ممارسة المتصوفين المغاربة، مع بعض الاستثناءات التي مثلها نزول البوتشيشيين إلى الشارع في السنوات الأخيرة. وبهذا الخصوص  كان الناطق الرسمي باسم الطريقة البودشيشية قد صرح لأحد المواقع العربية، في فبراير 2012، بأن "الطريقة تتدخل فقط في المنعطفات الإستراتيجية الكبرى، ويكون الهدف هو تحقيق وحدة المغرب واستقراره، لذلك نزلنا بقوة إلى الشارع لدعم الدستور الجديد، وقبل ذلك من أجل الصحراء المغربية، والتنديد بالرسوم المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

الغاية من هذا الإسترجاع طرح السؤال على التصوف المغربي هنا والآن.

هنا حيث مغرب ناهض تطور نسيجه الوطني في ظل إمارة المؤمنين وفق اختيار الوسطية والإعتدال، وذلك على هدي من المذهب المالكي، ومن العقيدة الأشعرية، ومن تصوف أبي القاسم الجنيد. والآن حيث يتنامى التهديد الأصولي مستهدفا هذا النسيج اعتمادا على مرجعيات وهابية وإخوانية في تعارض تام مع الإختيار المذهبي للمغاربة، وهو ما صار يهدد أمننا الروحي ولحمتنا الثقافية. وبناء على ذلك يصبح من المشروع التساؤل حول ما إذا كانت مثل هذه التهديدات ليست منعطفات استراتيجية كبرى تستدعي التدخل العاجل من أجل مواجهة ذلك المد المتطرف، وما يرافقه على المستوى النظري من دعوات التكفير ضد الديموقراطية والمرأة وحقوق الإنسان، وضد النشاط الفكري والفني، وما يرافقه كذلك من تصاعد تكوين الخلايا الداعشية على امتداد تراب الوطن، والتي تتصدى لها أجهزة الأمن بنجاعة.

التساؤل يطال أيضا حالة ما إذا كان الاعتكاف على الروحانيات  يلغي الحاجة الماسة إلى مواجهة الماديات، أي عالم الدنيا حيث يحتد الصراع حول المصالح والإمتيازات، وحين يلوى التدين من عنقه لتغذية نزعات الردة والظلام، وما يعطي لمثل هذه التساؤلات راهنية حادة هو تقاعس الدوائر الدينية المسؤولة عن الحقل الديني عن اتخاذ موقف حازم من حالات تنامي التطرف الإرهابي، وفي مقدمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي يرأسها مؤرخ وأديب ورجل التصوف البوتشيشي، كما يتعلق الأمر بالمجالس العلمية التي صرنا نراها بعضها مخترقا من قبل نشطاء أصوليين يهددون الثوابت العليا للوطن.

كل الإعتبارات تدعو إذن لتجديد دور المتصوفين المغاربة في النهوض بوضعنا العام. وهو ما لا يمكن أن يتحقق مع بقائهم رهيني الحالات التأملية الوجدانية.

الوطن اليوم في حاجة إلى كل طاقاته، والبقاء في حالة حياد يعني التشجيع على الإرتداد.