الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

ياسر اروين: خطاب العرش أعاد التأكيد على أبرز القضايا الوطنية وموقف المؤسسة الملكية منها

ياسر اروين: خطاب العرش أعاد التأكيد على أبرز القضايا الوطنية وموقف المؤسسة الملكية منها

الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، خطاب أعاد التأكيد على مجموعة من النقاط التي دأبت المؤسسة الملكية بالمغرب على التركيز عليها وتبيان موقفها الواضح منها، حيث ركز الخطاب مثلا على موقع المؤسسة الملكية بالمشهد السياسي باعتبارها فوق الأحزاب والصراعات السياسية، فحينما يقول الملك أن شخص الملك يحظى بمكانة خاصة وعلى الجميع تفادي استخدامه في أي صراعات انتخابية أو حزبية، فهو (الملك) من جهة يثبت الدور المحوري للمؤسسة الملكية ومن جهة أخرى يحذر من إقحام الملك في صراعات هو أكبر منها، وبالتالي من وجهة نظرنا فالملك يخاطب مباشرة المواطنين ويقطع الطريق على كل هيئة أو شخصية سياسية تحاول كسب ثقة المواطن باسم الملك...من هنا فالمحيط الملكي مطالب بالحياد في الإنتخابات التشريعية المقبلة وعدم التدخل بأي شكل من الأشكال في العملية الإنتخابية.

وحسم العاهل المغربي في أمر المؤسسات التي ستشرف على العملية الإنتخابية المقبلة، محددا إياها في رئيس الحكومة الذي ستجري الإنتخابات تحت سلطته، فيما دعا وزير الداخلية ووزير العدل إلى تحمل مسؤلياتهم في ضمان نزاهة العملية الإنتخابية، وترك (الملك) للقضاء معالجة التجاوزات التي ستعرفها الإنتخابات، ليظهر جليا أن رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل والقضاء هم المؤسسات التي ستسهر على انتخابات 7 أكتوبر، ليقطع بذلك الملك الجدل الذي أثير منذ مدة حول حيادية المؤسسات التي ستشرف على العملية الإنتخابية.

كما نبه الملك إلى "الفوضى" و"الصراعات" التي تعرفها الإنتخابات، وخاطب بوضوح تام الأغلبية والمعارضة ونبههم من "الركوب على الوطن لتصفية حسابات شخصية أو لتحقيق أغراض حزبية ضيقة"، وهو ما يمثل في رأينا رسالة واضحة إلى الفاعلين السياسيين يدعوهم من خلالها الملك إلى النضج وعدم الدخول بالمغرب إلى متاهات لعبة سياسية يتحكم فيها الشخصي والحزبي بشكل كبير.

ولم يفوت الملك المغربي الفرصة، ليكون حاضرا في قلب جميع الأحداث التي يعرفها المغرب، حيث أكد على ضرورة محاربة الفساد ومعاقبة المفسدين وتقديمهم للقضاء، الموكول له مقاضاة المفسدين مشيرا (العاهل المغربي) إلى أن لا أحد معصوم من الخطأ سوى الأنبياء والرسل، الأمر الذي يوحي من خلاله الملك أنه لا أحد فوق المحاسبة مهما علت درجاته وأن الجميع معرض للوقوع في الخطأ كرد ضمني من الملك على الضجة التي حصلت بعد تسرب وثائق تفيد استفادة مجموعة من "خدام البلد" من أراضي بأثمنة رمزية.

من جهة أخرى نبه العاهل المغربي إلى تصرفات أعداء المغرب، مجددا التأكيد على تشبت المغرب بصحرائه معتبرا أن المغرب حقق مكاسب في هذا الميدان، بالمقابل شدد الملك على استقلالية المغرب وعدم تبعيته لأي بلد كان وهي رسالة واضحة من وجهة نظرنا وتظهر بجلاء تموقع المغرب المستقل في العلاقات العربية/الإفرقية والدولية.

ومن الملاحظات المهمة أن الخطاب الملكي، ذكر مجموعة من الدول الغربية بالإسم دون أن يورد إسم "الولايات المتحدة الأمريكية"، مما يطرح أكثر من علامات استفهام حول العلاقات المغربية/الأمريكية على الأقل في المستقبل القريب.

عموما كان الخطاب شاملا وتطرق إلى نواحي عديدة سبق وأكد عليها العاهل المغربي محمد السادس في خطبه السابقة، حيث أعاد التذكير بالأمن والإستقرار الذي يعيشه المغرب، مستدلا على ذلك بولوج مجموعة من الشركات الكبرى للسوق المغربية، واختيار مجموعة من الأجانب للمغرب كبلد استقرار، مشددا الملك المغربي على نظرته الكونية للإنسان حينما قال:"ذلك أننا نضع البعد الإنساني في طليعة الأسبقيات فما يهمنا هو المواطن المغربي والإنسان بصفة عامة أينما كان".