الأربعاء 1 مايو 2024
مجتمع

قبل السيطرة على المتمردين.. تفاصيل 3 ساعات في جحيم سجن القاصرين "عكاشة" كما عاينتها "أنفاس بريس"

قبل السيطرة على المتمردين.. تفاصيل 3 ساعات في جحيم سجن القاصرين "عكاشة" كما عاينتها "أنفاس بريس"

3 ساعات من الجحيم عرفها سجن القاصرين عين السبع بالدار البيضاء، إطلاق للرصاص المطاطي، وغازات مسيلة للدموع وتدخل للقوات الخاصة، وذلك على خلفية تمرد للسجناء، لاتعرف أسبابه لحد الساعة، كل هذا تم عشية يوم الخميس 28 يوليوز الجاري، والوضع الآن تحت السيطرة بعد إخماد هذا التمرد غير المسبوق في تاريخ المغرب الحديث..

العاشرة ليلا تم إقفال الباب الرئيسي، قبل ذلك تمكن موقع "أنفاس بريس"، من تجاوز المدخل الأول، لكن قبل ذلك عاينا حالة من الحصار الأمني التام لكل مداخل المركب السجني عكاشة، والمئات من المواطنين متجمعين قرب المدخل الرئيسي لمركز التهذيب والإصلاح، تشكيلات مختلفة من القوات الأمنية، لكن الظاهر هو أن التمرد، أبان عن شبه ضعف في التنسيق الميداني، أدخنة كثيفة تصاعدت من وراء الباب الرئيسي، كانت النيران تتصاعد بكثافة من حافلة للنقل وبجانبها سيارة أخرى، تسمع منهما انفجارات العجلات المطاطية، عناصر أمنية وحراس السجن، كانوا شبه تائهين، كل مسؤول يعطي تعليمات تتعارض مع المسؤول الآخر، حضر كبار المسؤولين الأمنيين والقضائيين، شح تام للمعلومة الصحيحة، وأحيانا روايات متضاربة حول الوقائع، لكن الأمور بظاهرها، محاولة للهروب الجماعي لمجموعة من القاصرين، لايعرف كيف نسقوا وكيف انطلقوا وكيف نفذوا وكيف حاولوا الهروب، هم سجناء قاصرون، لكن بنياتهم الجسدية كانت قوية، بدا بعض من تم توقيفه في حالة هستيرية وشبه فاقد للوعي، عراة، إلا من ارتداء لشورت قصير، وبين الفينة والأخرى، كان الصياح يعلو "هاواحد هنا، هاواحد لهيه"، سيارتان للقوات الخاصة، أخطأ سائقاها مكان التمرد، حيث كانا متوجهان نحو المدخل الرئيسي للسجن المركزي عين السبع، الذي يقع في الضفة الأخرى، ومع ذلك كان تدخل القوات الخاصة شبه فعال في تهدئة الأوضاع، قبل أن يتم تسليم قيادة إخماد التمرد لقيادة مختلطة من الأمنيين..

لم يكن هناك ضبط لمدخل مركز الإصلاح والتهذيب، أصبح الوضع لاكثر من ساعتين خارج السيطرة، فقد اختلط المدنيون صحافيون وحراس وأمنيون، فيما كان الساحة الأولى تحت ظلام دامس إلا من أضواء الهواتف المحمولة وبعض الكشافات اليدوية، استنفار كبير، والهدف هو منع فرار السجناء، كان بعضهم حين توقيفه سواء داخل السجن أو في الخارج، يصيح مستنكرا من التعامل القاسي معه، دون أن يطرح السؤال عن نفسه، عن سبب وجوده في مكان توقيفه، بعضهم تمت إعادته إلى الزنازن، وبعضهم تم نقله عبر سيارات كانت متوقفة بالخارج للتحقيق معه، بل حتى سيارات الإسعاف التي نقلت بعض المصابين من السجناء كان الحراس فيها بعدد مضاعف من المصابين..

كانت أعين عناصر القوات الخاصة تحاصر المكان بوجوه شبه مغطاة، حاملين أسلحتهم، إطلاق الرصاص المطاطي داخل السجن، لم ينفه مصدر أمني، وكيف ينفيه ولعلعة صوت الرصاص كانت تسمع خارج أسوار السجن، فحسب نفس المصدر، كانت هناك قوة قاهرة لاستخدامه، ومع ذلك كانت التعليمات مشددة بأن لايكون التسديد قاتلا، وإنما لصد الهجوم، من خلال إطلاق الرصاص في الهواء، قصد إخافة الذي نفذه العشرات من السجناء الذين كان الفرار نصب أعينهم، وبتخطيط مسبق أو غير مسبق، اعتلى بعضهم شاحنة للوقاية المدنية من الحجم الكبير، وتمكن أحدهم من إدارة محركها، لكنه لم يستطع اقتحام الباب، وبطريقة أو بأخرى، اقتحمت الشاحنة المدخل الرئيسي للمركز، بسرعة جنونية، لم يستطع الباب العملاق من الصمود أمام قوة الشاحنة وارتفاع سرعتها، الشاحنة كانت متوقفة بالمدخل الرئيسي حيث كانت النيران تتصاعد في الداخل، وفي غفلة من سائقها الذي ترك مفاتيحها  تحركت الشاحنة بهدف تنفيذ الخطوة الأخيرة من "خطة الهروب الجماعي" ولولا الألطاف الإلهية لتحول الواقفون وهم بالمئات خارج المركز السجني، لجثت ملتصقة على الأرض، قبل أن يتم إطلاق أعيرة نارية على عجلات الشاحنة مصطدمة بسور إحدى الفيلات المقابلة للمركز على بعد حوالي 70 مترا، دون أن يخلف الحادث ضحايا..

مصدر من داخل الإدارة، كشف لموقع "أنفاس بريس"، أن حالة من الفوضى عمت بعض الأجنحة بعد احتجاجات جماعية للسجناء القاصرين لتحسين أوضاعهم، تم التعامل في البداية معها على انها احتجاجات عادية يسهل التغلب عليها، لكن الاحتجاج بدأ يتسع ليأخذ منحى عنيفا من خلال إشعال النيران هنا وهناك، وأمام ضعف الموارد البشرية، انتقل الاحتجاج لخارج الزنازن، لايعرف كيف انتقل ومعه انتقلت النيران، انشغلت عناصر الوقاية المدنية بإطفائها، مما جعل الضبط الأمني خارج السيطرة، بدليل أن من السجناء من تمكن من صعود الشاحنة، وإدارة محركها قصد اقتلاع الباب الذي يؤدي مباشرة للشارع العام، ولولا استنفار أمني كبير وطلب المزيد من الدعم البشري واللوجستيكي، لكان يوم الخميس 26 يوليوز 2016 يؤرخ له كيوم الهروب الجماعي للسجناء القاصرين..