"الأمن تاج فوق رؤوس الآمنين، لا يراه سوى المروعين". فأن تتنقل متى تشاء، وأينما تشاء، ومع من تشاء، ربما أمر بعيد عن مجرد النقاش في المغرب لاعتقاد بداهته. إنما القليل من يُحدث نفسه عن سر هذه الهبة والمجهودات التي تبذل من أجل استتبابها، إن في العلن أو الخفاء.
وحتما، لا يمكن إثارة هذا الشق من غير الوقوف مليا على مكانة المصالح الأمنية الوطنية في هذا الوضع، وما تستغرقه من عناء وتحريات حتى والناس نيام. ولعل أشد ما يزكي القول البلاغات المتتالية التي تصدر عن اعتقال إرهابي هنا، وتفكيك مجموعة "داعشية" هناك، مع ما كانوا يخططون له من محاولات إفساد راحة الاطمئنان، والسعي من غير كلل لتحويلها إلى ترهيب وعنف ودماء.
واليوم فقط، أعلنت وزارة الداخلية عن كبح الأجهزة الأمنية استعدادات خطيرة لأعداء هذا الوطن، أرادوا من خلالها ضرب أهم المؤسسات وأبرز الشخصيات، وعبرهم استقرار المغرب. كل هذا والمواطن العادي يمارس حياته بعيدا عن أي توجس أو حتى بنيته. إلا أن ذلك، لا يعني بقاءه في معزل عن مكتسبه هذا، وبالتالي وجوده في قلب المساعدة على حفظ أمنه إن بطريقة أو بأخرى حتمية، طالما أن الموضوع عام ويشمل الجميع كل من موقعه.
وفي المقابل، يبقى ذكر مسؤولية المواقع مستفزا للحديث عن دور العلماء وخطباء الجمعة، خاصة أمام صمت القبور الذي لمس منهم حيال هذا الملف. مما فتح الباب على مصراعيه لتناسل التأويلات والتفاسير التي، للأسف، تصب جميعها في المنحى السلبي الذي لا يليق بأناس من المفروض أن يكون لهم السبق في بلد إسلامي كالمغرب، ويحظى بملك أميرا للمؤمنين لتمجيد الحسن ونبذ القبيح.
وهنا كم يحز في الخاطر تيهان خطيب مسجد، كما نشرت "أنفاس بريس" قبل يومين، في "التقصار" بكلام عن "كود الويفي" ونصحه بتسليم شفراته إلى الجيران لكسب الآجر العظيم الذي قد ينفع يوم لا ينفع فيه إنترنيت ولا فايسبوك، والعهدة عليه. في حين نسي أو تناسي الحديث عن الأسباب التي مكنت أصلا هذا الممتلك لوسائل الاتصال عموما ومجاوريه من الارتباط فيما بينهم دون مركب نقص. أو حتى الهمس لمنصتيه بالقيمة المادية والمعنوية لما يرفلون فيه بالموازاة مع التنديد بما يتهدده من حين آخر بدليل نتائج التحريات الأمنية الإستباقية. علما أن المستفاد من الصمت عرفا هو الرضى. ويا تفاهة امرئ رضي بما لا يرضي الله والبلاد والعباد.