هل أصبح النضال الفيسبوكي لمناضلي الأحزاب بديلا عن النضال الميداني لحشد هذا السخط العارم على حكومة بنكيران؟
لابد من تدقيق زاوية تناول الموضوع، إذ يجب حصر هذا "النضال" في تطور وسائط نقل المعلومات و الأخبار، على الشبكة العنكبوتية، وأثرها في خلق الرأي العام. ولتلمس ما يجري، فلنتذكر مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث أن أجهزة الدولة العتيقة، كانت تتحكم في المعلومة، وتوجه الخبر على هواها، وتفبرك الرأي العام على سجيتها، بقناة تلفزية واحدة بالأبيض والأسود، هي الآمر الناهي بسلطة الخبر، وحتى القنوات الإذاعية متحكم في مسارها، والخطوط الحمراء سيدة الموقف، فكم من الأخبار طمست، وكم من المغالطات سوقت، وحتى توازن نشر الخبر الصحيح والمحاصر لمعارضة تلك المرحلة، لا يلقى رواجا كبيرا لانحصار صحفها أو حتى بياناتها ومناشيرها.
لكن اليوم، هذه الأساليب تغيرت وهناك انفتاح سياسي..؟
انا قلت لك كان هذا في الماضي، لكن أكيد أن الحالة الآنية مع توسع وسائط التواصل الالكترونية، وانفجار مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية، لم يعد للأساليب العتيقة للدولة المخزنية هامش كبير لتوجيه الخبر أو صناعته لوحدها، أصبح الرأي العام تفاعليا. حيث بات ممكنا لقوة المحاججة، وقدرة النشطاء على خلق محيط ذو مصداقية لأفكارهم، المسنودة بقوة الصورة والفيديو وتعميم الوثائق والدراسات والتحاليل أن تخلق رأيا عاما وازنا، اصبح مثل كرة ثلج مخيفة للأساليب الكلاسيكية للدولة بتعليب المتلقي.
رغم هذا الدور السياسي للمواقع الاجتماعية، فيبقى الميدان هو المحك الحقيقي، هل هو هروب نحو الفضاء الافتراضي؟
إن الفاعل السياسي، الحقوقي، النقابي، معاركه الأصيلة بين الناس وفي مواقع تواجدهم، لكنه أيضا من المفروض عليه تطوير أدائه التواصلي على مستوى وسائط التواصل هاته، بما يخدم المشروع المجتمعي الديمقراطي والتقدمي.
لايمكن التغاضي عن جمهور واسع جدا يتابع المدونين، ويتفاعل مع طروحاتهم وأفكارهم، ولو كانت مناقضة لطروحات أجهزة الدولة، وتستعر هاته المعارك حين تصل كرة الثلج في المواقع الاجتماعية إلى حملة ضخمة، يدخل رحاها رسام الكاريكاتور، الشاعر، الفوتوغرافي، الموسيقي، الساخر، الحكواتي، المحلل، الأكاديمي.. لا أظن أن أجهزة الدولة تملك حلولا كثيرة حين تتلوى الشبكة العنكبوتية بهذا الشكل على عنق فضائحها وأباطيلها، إنه أحد أركان الإعلام البديل، الذي بدأ يتوسع جمهوره، ومن المهم أن لا يفقد هذا الذراع الإعلامي مصداقيته في المعارك العادلة، فنحن أمام 9 ملايين مغربي، فئات من الحدود الدنيا التعليمية حتى الفئات الأكاديمية، على قدم المساواة في الدخول إلى الفضاءات الزرقاء، ولها قدرة كبيرة على نقل الخبر والمعلومة إلى الأسر، إلى المصانع، إلى الأزقة، إلى البوادي، لا قيود هناك، يكفي أن تحصن مصداقيتك، مغناطيس أفكارك، و أن يحدث التكامل بين القدرة على التعبئة وخلق رأي عام أولي افتراضيا، وبين تفعيل هاته الخطط بإنزالها للواقع لملامسة هموم الناس ومطامحهم الملموسة، لا أدل على هذا معارك وقع فيها التكامل : العفو على البيدوفيل، الأطباء والأساتذة المتدربين، استيراد النفايات..
طيب، هناك تحدي يتعلق بالتسجيل في اللوائح الانتخابية، ما الذي قام به حزب الطليعة من أجل توسيع الكتلة الناخبة، والتقرير في ملامح المشهد السياسي المقبل؟
حزب الطليعة منخرط بشكل تام في تحفيز الشباب على التسجيل في اللةائح الانتخابية لخوض استحقاقات المحطة التشريعية المقبلة، كما أن فيدرالية اليسار الديمقراطي ونشطاءها يخوضون حملة قوية في فضاءات التواصل الاجتماعي، تحت شعار : "لا تبق بدون صوت !"، لحث المواطنات والمواطنين على التسجيل في اللوائح الانتخابية، وتحقيق أهداف التغيير الديمقراطي، وهم / هن أحد المحفزات المهمة في الحملات العادلة للتواصل الاجتماعي.