"الله يا مولانا" هي آخر إنتاجات الفنان ماهر زين (اللبناني الأصل السويدي الجنسية) الذي اشتهر بالغناء الديني العصري محققا درجات استماع عالية، خصوصا لدى فئات الشباب، لما يعتمده من إيقاعات عصرية، وزي شبابي يخرج الأغنية الدينية من سمات العتاقة والتقليد التي اتسمت بها منذانتشار هذا النوع من الغناء في العالمين العربي والإسلامي. ونذكر بهذا الخصوص أغانيه ذائعة الصيت: الله أكبر، رضيت بالله ربا، يا نبي سلام عليك.
ماهر اختار، هذه المرة، إعادة تقديم هذه الأغنية (بتصرف اكتفى فيه بمقاطع محدودة) بعد أن أداها ناس الغيوان سنة 1972 ضمن الدفعة الأولى لهذه المجموعة المتميزة، منذ انطلاقتها، ببحث فني يتجاوب مع نبض الشارع المغربي. وكانت أصوات مغربية وعربية أخرى قد عملت على إعادة أداء نفس هذهالأغنية بتوزيعات موسيقية مختلفة كما في المبادرة الأولى لجيل جيلالة في نفس عقد السبعينيات، والتي تلتها في العقود اللاحقة الممتدة إلى اليوم مبادرات بنات الغيوان ونبيل معن ودنيا باطما وشدى حسون وآخرين من خارج المغرب.
في تقديرنا هناك ثلاثة عوامل تجعل هذه الأغنية تتردد، يوما بعد يوم، على لسان المغاربة وعشاق الأغنية المغربية في البلدان المغاربية، خاصة لدى فئات الشباب:
ـ العامل الأول يعود إلى هذا السر الذي يحتفظ به الغناء التراثي الشعبي والديني على نحو خاص، والذي يجد تجاوبا خاصا لدى الشباب، وليس من باب الصدفة أن بدايات الغيوان وجيل جيلالة، المنظور إليها آنذاك كتجربة غنائية تحبل بمعاني التمرد على مضمون سنوات الرصاص سياسيا واجتماعياوغنائيا، كانت تشمل أغاني ذات مضمون غاضب واحتجاجي صرف كما في أغاني:"مهمومة"، "سبحان الله صيفنا ولى شتوة"، "ما هموني غير الرجال إلا ضاعو"... أو ذات ارتباط بالهم القومي كما في أغنية "صبرا وشاتيلا"، إلى جانب أغان ذات نفس ديني كما في هذه الأغنية «الله يا مولانا»، أو كما في أغنية أخرى لا تقل شهرة. يتعلق الأمر بأغنية «مزين مديحك» التي تشمل نفس الابتهالات: "مزين مديحك يا بو فاطمة خير لي من مال الدنيا يا رسول الله".
ـ العامل الثاني يرتبط بارتفاع منسوب التدين لدى فئات الشباب كتعبير سوسيولوجي عن تمثلات خاصة ترتبط بالله والحياة واليوم الآخر، خاصة بعد سقوط أو تراجع مرجعيات عقد السبعينيات التي ألهمت جيل سنوات الرصاص.
ـ أما العامل الثالث فيرتبط بطبيعة كلمات وموسيقى الأغنية ذاتها. أما الكلمات فواضح أنها تستمد نفسها الأول من المرددات الدينية المطبوعة بسمة الابتهالات الدينية ذات النفس الصوفي. وبهذا الخصوص نميز في الهيكل العام لكلمات الأغنية بين القسم الأول الديني المحض الذي يزخر بمعاني التضرع الصوفي للمولى الحي الباقي، العالم بخفايا أحوال الناس. أما القسم الثاني المقدم له في الأغنية بالآهات وبالدندنات التي تعني في المعجم اللغوي «الحديث أو الغناء بصوت خفي يسمع ولا يفهم» على النحو التالي «واو واواو واو» و«وا دندن داني داني»، فيعبر عن معاناة شخصية لفرد يعرض حالته: "قصتي واضحة ف جبني/ما بقات رغبة تلهيني/عل الفراق عوال".وذلك بعد أن رمت به الظروف إلى المجهول، وبعد أن فقد الأمل والرغبة من كل شيء: "يكفاك ذا البكا يا عيني/يكفاك هم ذا الحال/الظرف غشمني ولاحني/ ما بقا لي أمل".
في نفس السياق تسير اللحان بانسياب أشبه بالنشيد، وبما يردد عادة في مقامات التخشع والابتهال، ما يجعل هذه الأغنية تتجاوب مع الوجدان المغربي لتظل من أشهر الأغاني الدينية لمدة تفوق الأربعة عقود...
كلمات الأغنية
الله يا مولانا
الله الله يالله مولانا
حالي ما يخفاك يا الواحد ربي
سبحان الحي الباقي
سبحانك يا إله جود علي
بك عمرت سواقي
ونحلتي في نواورك مرعية
ولا تجعلني شاقي
حرمة ودخيل ليك بالصوفية
نشاهد نور عياني
نطوف بالكعبة نزورها ونلبي
أمولاي محمد آداوينا
يا بوعمامة خضرا
(الدندنات)
يكفاك ذا البكا يا عيني
يكفاك هم ذا الحال
الظرف غشمني ولاحني
ما بقا لي أمل
لله ياللي تسألني لا تطلب بالمحال
قصتي واضحة ف جبني
ما بقات رغبة تلهيني
عل الفراق عوال