الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس الروخ : لنا الله

ادريس الروخ : لنا الله الفنان،ادريس الروخ
قد أكون مخطئا وأنا اكتب هذا الإحساس الذي كان يخالجني فيما مضى، ولكنه، اليوم، طفا على سطح واقعنا ..وأصبحت أراه وأحس به، بل ألمس قساوته؛ خصوصا في هذه المواقع الاجتماعية التي يبدوا أنها بؤرة لشن حروب باردة على جسدنا الإبداعي ...
لقد كنت أؤمن ولازلت، كما آمن من قبل شكسبير وكوكتو وأندري مالرو وهوجو وتشيكوف ...الكلً مِمَّن قرأت لهم ( وهم كثيرون) أوشاهدت إبداعاتهم الفنية واستمتعت برسوماتهم واستمعت لموسيقاهم أو أفلامهم أو تتلمذت على أيديهم ...أو عاصرتهم فترة من الزمان كانوا يؤمنون بقدرة الفن على التغيير وقوة الثقافة في الابتعاد عن الجهل ...كانوا يعرفون أن دور المسرح والشعر والرواية والقصة والرسم والغناء والموسيقى ..والسينما ...الخ
هو إعطاء الفرصة لأحاسيسنا لكي ترفرف في الأعالي ..والانفتاح على الآخر ...وتسليط الضوء على المناطق المظلمة في حياتنا ومجتمعنا وثقافتنا ...
لكنني الْيَوْمَ وأنا اقرأ بعضا من التعاليق في بعض صفحات الفايسبوك ...تأكدت بأن الفنانين - بمغربنا العزيز- غير مرغوب فيهم.. وكأن لا دور لهم في حياة المواطن، سوى التسلية وملء الفراغ الذي تحدثه السياسة ...تأكدت بأن الفنان والمبدع والمثقف ليسوا سوى شكل من أشكال تأثيث البيت المغربي ...وأنهم ليسوا كما يقال ..( بالعلماء ولا المكتشفون..ولا الأطباء ...الخ)، لكن الحقيقة عكس كل هذا فمجتمعنا يحتاج للممثلين والمخرجين والكتاب والمغنيين والرسامين والشعراء ...يحتاج لمن يوزع الأحاسيس في الناس ...يحتاج لمن يقدم الابتسامة التي لم يستطع السياسي أن يهديها لمواطن بسيط يعيش حياته بين بيت حقير، وعمل أحقر...يحتاج لطبيب المشاعر الدفينة والرغبة في أمل النجاة من واقع مر ...يحتاج لكي يري نفسه في مرآة كبيرة اسمها الحقيقة وان يتساءل عن الغد ...
المبدعون يعانون من أشياء كثيرة لعل أهمها وأقساها ألا يجد مكانا في الصفوف الأمامية، وأن يقبع في الخلف كأنه عالة على مجتمعه...
فالإبداع لا حدود له .. لكنه شاسع بشساعة محبيه والراغبين فيه... الإبداع وليد.. وملء الفراغ.. مجتمع يصفق ويشجع ويقف ويقرأ ويشاهد ويستمع ويستمتع ويحاور ...الفن والفنانين ...والثقافة والمثقفين...