في العدد 633 بتاريخ 12 نونبر 2015، أظهرنا بالحجة والدليل أن عبد العزيز العماري، الذي تم تقديمه كعمدة جديد للدار البيضاء، ليس مؤهلا لقيادة أكبر مدينة بالبلاد.. وها هو الزمن ينصف توقعنا. إذ رغم مرور ما يزيد عن سنتين من عمر الولاية الجماعية الحالية، لم تزدد الدار البيضاء إلا إفلاسا في التسيير والتدبير، رغم أن الدولة وضعت رهن إشارتها 33 مليار درهم، وهو غلاف لم يسبق أن حلم به وزير يدبر قطاعا حكوميا، فأحرى عمدة يدبر مدينة.
العمدة العماري منذ انتخابه على رأس مدينة الدار البيضاء، عقب انتخابات 2015، وهو غائب عن المشهد العام، لدرجة أن الوسط الإعلامي والسياسي والشعبي يصفه بـ "العمدة الشبح".
فالأوراش إما مجمدة أو تعرف تعثرات كبيرة، والمرافق الرئيسية (نظافة، نقل حضري، حركة السير... إلخ.) تشهد ترديا فظيعا والالتزامات المسطرة أمام ملك البلاد مشكوك في القدرة على الوفاء بتنفيذها في الوقت المحدد (مدار عزبان، قنطرة مرجان كاليفورنيا... إلخ).
والخطير في الأمر أن العمدة العماري توفرت له اليوم الظروف التي لم يسبق أن توفرت لغيره، سواء بالدار البيضاء أو غيرها من المدن. فهو يتمتع بأغلبية كاسحة في مجلس المدينة، ويحظى حزبه بالأغلبية المطلقة في تدبير المقاطعات، فضلا عن كون العماري ينتمي إلى هيأة سياسية تتوفر على الأغلبية في البرلمان، وهي الهيأة التي تسير الحكومة اليوم.
وبدل أن يحول العماري هذا المناخ إلى فرصة لتحقيق إقلاع حقيقي للدار البيضاء لجر الموارد إليها أو سن النصوص التي تكبح جماح المقاولات الصغرى بترابها أو إصدار القرارات البلدية المساعدة على تجويد عيش بيضاوة، نجد أن العكس هو الحاصل، إذ تحولت الدار البيضاء إلى «زبالة كبيرة» في عهد العمدة الأصولي، وتحولت إلى جحيم رهيب لمستعملي الطريق، وأضحى العيش فيها يشبه العيش في كاريانات حقيرة بالنيكاراغوا أو السلفادور.
الطامة الكبرى أن عبد العزيز العماري، الذي يرهن مصير أكبر مدينة بالمغرب، لم يحظ سوى بـ 7121 صوتا في اقتراع 4 شتنبر 2015، أي ما يمثل 0.3 في المائة من حجم سكان الدار البيضاء.
إنه لمن العار أن تتفرج النخب والأجهزة العمومية على «الكانيباليزم» الذي تتعرض له على الدار البيضاء من طرف عمدة لم يحصل سوى على 7121 صوتا.
بئسا للديمقراطية إن كانت تسمح لعمدة بأن يفترس 4 ملايين نسمة رغم أنه لم يحصل سوى على 0.3 من أصوات سكانها!
بئسا للديمقراطية التي تسمح لشبح أن يصل إلى رئاسة وتدبير العاصمة الاقتصادية ويتقاضى 30 ألف درهم شهريا من مال البيضاويين ويملأ خزان «الأودي» الفاخرة المكتراة بضرائب المواطنين بحوالي 200 لتر من المحروقات على حساب الشعب، وبدل أن يسخر وقته لخدمة المدينة نراه يزيد في إغراقها والعمل على صب الوحل تحت عجلات تنميتها.