Sunday 11 May 2025
فن وثقافة

الجزء الفارغ من "كأس" مهرجان ربيع مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء 2016

الجزء الفارغ من "كأس" مهرجان ربيع مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء 2016

يرى المتتبعون لمهرجان ربيع الحي الحسني بالبيضاء في دورته العاشرة 2016، أن مجلس المقاطعة الحالي تغلب على العديد من النزاعات والمشاكل، التي كانت توازي تنظيم هذا النشاط الثقافي الموسمي، إلى حد مقاطعته وإفشاله، كما حدث في السنة الماضية على عهد الرئيس السابق "محمد عمور" ورئيس اللجنة الثقافية سابقا "محمد محفاض" وكلاهما من حزب المصباح أو "اللامبة" كما ينعته العديد من سكان الحي الحسني، لكن لم ينتبه القائمون على هذا المهرجان، لمسألة إعادة الاعتبار لرواد الفن والثقافة بالمنطقة وتمكينهم من التواصل فنيا مع ساكنة الحي، الذي ترعرعوا فيه وقدموا في فترات سابقة أعمالا فنية بفضاءاته، خصوصا بقاعة بن الياسمين التي لم تشهد ولو "زغرودة" تحت ظل المهرجان، نظرا لرفض الإدارة المسؤولة عن القاعة استضافة المهرجان وهو الأمر الذي أجبر مسؤولي المقاطعة على تغيير الوجهة صوب فضاءات أخرى بالمنطقة كقاعة الهواء الطلق بالفردوس وفضاء الجمعيات بحي البركة، الذي لا يصلح للعروض الفنية (المسرح مثلا)  بسبب الهندسة غير الملائمة على مستوى تأمين وصول الصوت لأذن المتلقي بشكل يسير، كما أن أعمدة قاعة هذا الفضاء الكثيرة، تحجب الرؤيا دون الحديث عن كون الركح بها لا يصلح لتقديم ألوان فنون التعبير المتنوعة رغم الجهود التي بدلت لتجهيزه وتوضيبه (الركح) الذي يوصف بالخشبة، وقد تمَّ في هذا المهرجان، تغييب فرقة مسرحية شابة تنتمي لمعهد تراب المقاطعة جغرافيا وإداريا، وهي فرقة شابة ذرفت الدموع جراء إقصاءها، وتشرف عليها الفنانة رشيدة السعودي (من الحي الحسني).

 بعد تولي "محمد جدار" عن حزب المصباح مسؤولية رئاسة المقاطعة بأغلبية مريحة جدا، برز أسلوب جديد في التعامل مع المهرجان، إذ تمَّ إشراك البعض من شباب المقاطعة في العديد من الفقرات وترتيبات تنظيم هذا الاحتفال الثقافي وكان أغلبهم معارضا شديدا للمهرجان في السنة الماضية. عاد المهرجان بحلة مغايرة وأكثر انفتاحا من الدورات السابقة، وتمَّ تنظيمه تحت إدارة الدكتور "محمد الوادي" من أهل الثقافة بالحي، مدير معهد الحي الحسني، ورئيس المصلحة الثقافية حاليا، لكن لوحظ غياب أوتغييب فرقة مسرحية تتكون من شباب ينتمون للمعهد، تحت إشراف الفنانة رشيدة السعودي (أستاذة المسرح بذات المعهد) ولا يخفى على المنظمين أنها من رواد المنطقة في مجال الفن، وسبق أن قدمت هذه الفرقة عرضا مسرحيا قبيل المهرجان بمقاطعات مُجاورة، فانطبق على أعضائها الطلبة وأستاذتهم "رشيدة" مثال "مُطرب الحي لا يُطرب" وهو المثال الذي انطبق في هذه النسخة على العديد من رواد الفن في الحي الحسني والكثير من الفاعلين في القطاع الجمعوي، الذين لم يظهر لهم أثر بفضاءات هذا الاحتفال الذي يهمهم قبل غيرهم ومن بينهم (الفنان والملحن "مصطفى اهباض" زوج سكينة جيل جيلالة، والفنان "عبد القادر عيزون"، والفنان "اسماعيل السايسي" والفنان الموسيقي "مصطفى قداش" وعازف العود والفنان التشكيلي "عبد الخالق أكروني" و"عبد اللطيف بابا" و"سعيد صليان" و"المربيطي" من قدماء المسرح بالمقاطعة، والمسرحي والموسيقي "عزيز بولعروق" المنتمي لفرقة "جين بريكين" الفرونكوفونية البريطانية وعازف العود (تامنت) والمغنية "سعاد صابر" والفنان "مصطفى صبحي" خريج المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي والممثلة "سعيدة أيت بوزيد" والمنشد "عبد الكريم مطيع" و"عز الدين بن عائشة" الذي سبق له أن أشرف على تنظيم جولات فنية بالعديد من المدن المغربية وجولات أخرى خارج الوطن (تونس)، بتنسيق مع ابن المنطقة الفنان العالمي "نور الدين بلاوي" (الوحيد على المستوى العربي الحاصل على شهادة الأوسكار ميرلين في الألعاب السحرية وذلك سنة 2014) وهو أيضا من الغائبين عن المهرجان ويتواجد حاليا خارج أرض الوطن، كما غاب بعض المنتمين للجيل الرابع كالفكاهي الشاب "بوبكر" الذي قام مؤخرا بجولة فنية في تونس وإسبانيا والممثل الشاب "هشام بلعودي" والمغني الشاب "مراد فاضل" الذي شارك في العديد من اللقاءات الفنية وكان في فترة سابقة قد شارك دون الحصول على مقابل في جولة غنائية تحت إشراف جمعية محسوبة على حزب المصباح بالمنطقة، كما غابت بعض الفعاليات الفنية المنتمية للجيل الثالث مثل : الممثل والمخرج "محمد فورار" الذي يعكف حاليا على مباشرة آخر الترتيبات لإنجاز مسلسل تلفزيوني لفائدة SNRT والممثل والمؤلف "مصطفى قمي" الذي اكتفى هذا الموسم على ما يبدو بالمشاركة في دوري للشطرنج الذي يعد من المواهب الأخرى التي تستهويه إضافة إلى التمثيل والتأليف وهو الذي شارك في العديد من التظاهرات المسرحية ممثلا الحي الحسني في لقاءات ومهرجانات فنية داخل وخارج الوطن) والعديد من الطاقات والمواهب الأخرى المنتمية لكافة الأجيال بالمنطقة. قد يقول قائل : لم يتقدموا بطلب المشاركة وحتما سيكون الجواب بسؤال آخر : وهل تقدم كل المشاركين بهذا الطلب؟. "المقاطعة التي تتنكر لرواد الثقافة بترابها من خلال عدم إشراكهم في مهرجاناتها الثقافية، لن تسير قدما في تأسيس العمل الثقافي المبني على تلاقح الأجيال ورد الاعتبار للذين قدموا خدمات كبيرة لها في الماضي على مستوى التنشيط الثقافي على سبيل التطوع، واليوم بعد ارتفاع مبلغ الميزانية يتم تغييبنا". هكذا صرَّحَ لـ "أنفاس بريس" فنان من أبناء منطقة الحي الحسني، يشتغل فنيا منذ فترة طويلة خارج مقاطعة الحي الحسني ويُشارك في العديد من المهرجانات المحلية بباقي مقاطعات البيضاء.

لا يختلف اثنان من رواد الثقافة شيوخا وشبابا بالحي الحسني  في مسألة عدم توفر اللجان الثقافية على لائحة تجرد أسماء كافة الفنانين والفاعلين في مجال الثقافة بالمنطقة، ومن الغرائب أن بعض شباب الحي الحسني وليساسفة ودرب الهناء والألفة ومازولا وسيدي الخدير، الذين برزوا في برامج تلفزيونية فكاهية ومسلسلات تلفزيونية وبرامج إذاعية والمسرح، يظن الكثير من المتتبعين على المستوى الإقليمي والوطني أنهم ينتمون لمقاطعة الحي المحمدي، وقد شاهد وسمع الحاضرون لقاعة العروض الهواء الطلق الفردوس، كيف أخطأت منشطة فقرات حفل فني، في نطق اسم المقاطعة، إذ اختلطت عليها عبارة الحي الحسني باسم مقاطعة أخرى، وصاح غيرة بعض الحاضرين (الحي الحسني !! الحي الحسني !!) وقد عرف الحفل مشاركة فنانين من خارج المقاطعة بدعوى أنهم مشهورون، وهذه حقيقة.. لكنها تخفي مسألة مهمة وهي أن مثل هؤلاء، يجدون الدعم والاحتضان محليا لينطلقوا وطنيا. "من حق كل فاعل في المجال الفني والجمعوي بالمقاطعة الوقوف على نسبة إشراك فناني الحي الحسني بهذا النشاط الثقافي، التي ببدو أنها لم تتجاوز في تقديري نسبة 5 إلى 10 في المائة" - يقول فاعل جمعوي من أبناء المنطقة -.

قبل نسخة 2016 ارتفعت مبالغ التعويض عن بعض الأنشطة داخل ربيع الحي الحسني إلى 3 ألف درهم، بعد أن كانت مثلا في سنة 2011 لا تزيد عن 1000 درهم لأغلب العروض، واليوم بلغت التعويضات لفائدة الفاعلين في المجال الجمعوي والفني بالمقاطعة ما بين 3000 و 10 ألاف درهم وأكثر، وعزا البعض الأمر لحصول المهرجان على ميزانية تفوق 100 مليون سنتيم - لم يتم الإعلان الرسمي عن الرقم الحقيقي لهذه الميزانية -، كما رد آخرون الأمر إلى كون الرئيس الجديد (محمد جدار) يتبنى سياسة إنصاف الفاعلين في المجال الثقافي والجمعوي، لكن رأي ثالث يُخلط الثقافة بالسياسة ويُبرر ذلك بكون صنبور الدعم مفتوح من مركز القرار (رئاسة مجلس المدينة) في مساندة من قيادات حزب المصباح لزملائهم بالمنطقة للحفاظ على الحضور القوي بالمنطقة سياسيا، عن طريق إرضاء أطراف وفاعلين في المجال الجمعوي محسوبين على تيارات سياسية أو "وجوه انتخابية" للقطع مع بعض الممارسات، التي كانت تتسبب في إفشال المهرجان في مناسبات سابقة وكانت تضع مسؤولي حزب البيجيدي بالمنطقة في خانة الإقصاء واحتكار نشاط ثقافي عمومي، خاص بكل الساكنة في الحي الحسني وليساسفة  وباقي المناطق الأخرى المحسوبة على التقسيم الإداري للمقاطعة، وجامع لكل الأطياف السياسية داخل المجلس، ويروج على ألسنة العديد من المشاركين في المهرجان وغيرهم، أن تحركات الجمعوي "مصطفى الزيدوني" عضو مجلس المقاطعة عن حزب المصباح، جنبت نوعا ما إدارة المهرجان السقوط في أخطاء الأمس القريب والبعيد، حيث يُعلنُ البعض أنه قام بجهود كبيرة لرأب الصدع الحاصل منذ فترة طويلة بينبعض مكونات المشهد الجمعوي ومسؤولي المقاطعة والمهرجان. "حضرت جل محطات المهرجان وتابعت فقراته حتى أتمكن من تكوين قناعة موضوعية بخصوصه رغم أنني لم أتوصل بأي دعوة في الموضوع، وأرى أن جل أنشطة المهرجان ركزت على مستوى مناطق معينة تعد من القلاع والخزانات الانتخابية، فيما حرصت على تغييب تراب منطقة ليساسفة بأكمله ( البرنامج يوضح ذلك)، وبحديثنا عن الفضاءات والتهميش الذي تعرضت له المنطقة التابعة ترابيا للمقاطعة لابد من الإشارة إلى كون فعاليات المنطقة همشت بنفس القدر، وحتى الجمعيات التي شاركت بفقرات مسرحية فقد عاشت أجواء لا تحسد عليها بعد برمجة نشاطها بدار الشباب فرح السلام دون تعبئة أو إشهار" - يقول فاعل جمعوي نشيط من منطقة ليساسفة -

يتمنى أغلب الفاعلين الجمعويين والفنانين بالمنطقة أن يكون غيابهم أو تغييبهم بهذا "الربيع الثقافي" مرتبط بصعوبات الانتقال إلى مرحلة العمل بطريقة جديدة في تدبير الشأن الإبداعي والجمعوي المحلي وسن طرق كفيلة بالقطع مع "الخريف الثقافي" الذي أسقط لسنوات عديدة أوراق الشجرة الفنية والجمعوية بالمنطقة وأصابها بالكساد، على أمل إشراك كافة الفعاليات المتدخلة في القطاع في المناسبات القادمة، عن طريق التواصل معهم مباشرة أو فتح باب تقديم طلبات المشاركة بفترة مناسبة على عكس ما كانت تعرفه إعلانات هذه الطلبات سابقا، وذلك للمضي قدما في ترتيبات الانسجام مع مبدأ التنافسية والتشاركية، التي يفتقدها الشأن الثقافي منذ زمن بعيد بتراب مقاطعة الحي الحسني بالبيضاء. ولا يمكن هذه السنة إنكار أن المجلس الجماعي أعطى الفرصة لبعض الوجوه الفنية القليلة بالحي والفاعلين في المجال الجمعوي والإعلامي وميدان الإنشاد مثل المنشد (علي المديدي) والمنشد المعروف بالحي (محمد العديدي) الذي غاب لسنوات عديدة عن مهرجانات الحي الحسني بعد أن كان نشيطا جدا في فترات "التطوع مقابل شكرا أو دون سماعها".