السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

هل أصبح المغرب إقليما سعوديا؟

هل أصبح المغرب إقليما سعوديا؟ عبد الرحيم أريري

أن تكون للمغرب علاقة ديبلوماسية مع العربية السعودية مسألة عادية.

أن يبرم المغرب تحالفا استراتيجيا مع مملكة آل سعود، تبقى قضية سيادية.

أن يختار المغرب الاصطفاف إلى جانب السعودية، في القضايا الدولية هو اختيار مقبول.

لكن أن يتحول المغرب إلى "محمية سعودية" لضرب مقومات المذهب المالكي ونسف التدين المغربي، فهذا خط أحمر لا ينبغي السكوت عنه.

فمنذ مدة والأصوات الحقوقية والتقدمية تنبه إلى مخاطر تسلل الوهابية إلى المغرب عبر شبكة منظمة من التمويلات السعودية لجمعيات ومشايخ، وهو التسلل الذي تغاضت الدولة عنه (إن لم نقل غدته وزكته في عهد إدريس البصري والعلوي المدغري) في أوج الصراع بين أطراف الحقل السياسي بقصد تطويق المد التقدمي ببلادنا وتعبيد الطريق للأصوليين للسطو على موروث المغاربة الديني. ويكفي المرء أن يقف عند مسار بعض الشيوخ والزعامات الأصولية وتمويل المساجد بالمغرب ليكتشف حجم التسلل الوهابي لبلادنا.

اليوم، يصحو المغاربة على فاجعة مذهبية أخرى تجلت في الخبر الذي أوردته يومية "المساء" (عدد 3483) من كون السفارة السعودية بالرباط توصلت بأزيد من 1170 طلبا صادرا عن جمعيات بناء المساجد، "يعرب فيها أصحابها عن رغبتهم في تلقي دعم مالي من أجل بناء المساجد في مختلف مناطق المغرب".

والخطير في الأمر أن هذه الطلبات لا تقتصر على المصالح الرسمية للمملكة السعودية، بل يشمل الطلب استجداء أمراء وشخصيات سعودية، ما يترتب عن ذلك من شبهة "تصدير" خطاب التطرف والتشدد من قلعة الوهابيين إلى المغرب.

إن الدولة التي تراقب أموال الجمعيات المدنية بمبرر الخوف من السقوط في متاهة تمرير أجندة أوروبية تخدم أهواء السحاقيات والمثليين والمفطرين في رمضان، عليها أن تتدخل لمراقبة التمويلات السعودية بدعوى تمويل بناء المساجد حماية للأمن الروحي والمذهبي للمغاربة.

والأهم من كل هذا وذاك، على الدولة ترشيد عملية الإحسان لتوجيه الأموال لبناء المدارس وشق الطرق وفتح المراكز الصحية وبناء دور للأيتام، وإبعاد "المحسنين" عن الدين. فالعديد منهم لم يتبرع بالمال لبناء المسجد ابتغاء مرضاة الله بقدر ما يبتغي "همزة عقارية أو مالية" أو سمسرة سياسية مع جمعية أصولية لتسمين الأصوات الانتخابية.