Wednesday 14 May 2025
فن وثقافة

محمد حسنين هيكل يراجع نعيه في "الجارديان" قبل وفاته بسنوات

محمد حسنين هيكل يراجع نعيه في "الجارديان" قبل وفاته بسنوات

أجرت «المصري اليوم»، حوارًا مع الكاتب الراحل الكبير محمد حسنين هيكل في 2008، وكان لقاء دافئا حميما، بين خبرات أستاذية اشتهر بها ولازمته طوال سنوات عمره، تقلدها متربعا على قمة الصحافة وأعلى سلم الصحف القومية سنوات مديدة من العمل المهني المتواصل على ثغره الباسم.

كنا جلوسا في بيته الذي جمع بين الفخامة والرقة والبساطة في آن واحد، عشرة صحفيين، استقبلنا استقبال الأب لأبنائه كي ينهلوا من علمه المتدفق، واستطراداته وتحليلاته الدقيقة العميقة التي تتركك مذهولا من كم المعلومات، وترشدك وتعلمك وتفتح أمامك أبوابا من الأسرار وخزائن من ذخائر المعرفة ببواطن الأمور، التي لم يكن يملكها أحد إلا شخص واحد في وزن الأستاذ، إضافة إلى ما حظى به من صداقات الملوك والأمراء والرؤساء والسفراء.

وكان من بين المواقف واحد ترك أثرا عميقا في نفسى ونفوس الحاضرين، حينما قص علينا كيف أنهم في الغرب يحترمون المواعيد ويقدسونها، وأنهم لا يتركون شيئا للظروف كي تشكلها كيفما شاءت، وضرب لنا مثلا قائلا: "كنت في زيارة لبريطانيا وذهبت في جولة لصحيفة الجارديان البريطانية كي أرى آخر ما توصلوا إليه من مستجدات وتطورات الصحافة هناك، وكان شيئا ممتعا ورائعا".

وأضاف هيكل: "عندها طلب منى رئيس التحرير أن أشغل منصب رئيس تحرير ضيف (هو مصطلح عندهم) كي يتعلم منى البريطانيون ويستفيدون من خبراتي، لكن رفضت وقلت له لقد فات الأوان، فأنا لا أصدر صحفا ولا أشغل هذا المنصب منذ زمن طويل، دعني أرى ما تفعلونه وأتجول بينكم، ثم قضيت معهم وقتا سعيدا وأبديت بعض ملاحظاتي وانصرفت".

وتابع: "قبل أن أصل إلى السلم جاء شاب صحافي، وأطلعني على ورقة لأراجعها، وفوجئت أنها تسرد تاريخ حياتي المهني والخاص، فسألت الشاب ما هذا، فرد على: إنه نعيك يا أستاذ هيكل، لم أغضب من حماس الشاب، لكن راجعت معه النعي الذي كتبه، وفوجئت أن كله صحيح باستثناء معلومات بسيطة جدا صححتها معه، فشكرني، وتركته مبتسما".

وهو الموقف الذي عبر عنه هيكل بأن هذا "الصحافي البريطاني الشاب لم يترك شيئا للظروف، واستغل الفرصة لأنه لا يعرف متى يلتقى بي مرة ثانية أو ما إذا كنت سأذهب إلى بريطانيا مرة أخرى، أو ربما مت قريبا".

(عن "المصري اليوم")