السبت 18 مايو 2024
فن وثقافة

فاطمة الجبيع: دفاتر التحملات بقطاع التلفزيون مشروع فاشل وظالم

 
 
فاطمة الجبيع: دفاتر التحملات بقطاع التلفزيون مشروع فاشل وظالم

قبل سن دفتر التحملات بقطاع التلفزيون العمومي، اشتغلت الممثلة والمخرجة "فاطمة الجبيع" في العديد من الأعمال التلفزيونية مخرجة منذ سنة 2005 "سلسلة قطار الحياة"،ثم تلتها أعمال أخرى من بينها سيتكوم "هذا حالي" وسيتكوم "اشريكتي مشكلتي" ومسلسل "زينة الحياة" ثم  مسلسل "شبح الماضي".. لكن الحاضر بالنسبة لها في قطاع التلفزيون موسوم بالإقصاء، إذ تقول إن الميدان غير مقنن، وتغمره الفوضى وأضحى صعبا على من ضحى و"حارب" من أجله، كما تدعو المسؤولين على القطاع إلى إعطاء القيمة للإبداع والمبدعين وتنادي بضرورة تعامل المبدع مع القناة مباشرة لأنها في الأخير هي من ترفض أو تقبل المشروع التلفزيوني حسب تعبيرها ..

+ من المعلوم لدى المتتبعين لمجال الإخراج أنك من بين المخرجين القلائل، الذين يشتغلون على مستوى الإخراج والتصوير التلفزيوني بتقنية "الميلتي كام" أي باستعمال أكثر من كاميرا. ما الفرق تقنيا وفنيا بين التصوير بهذه التقنية والتصوير بكاميرا واحدة؟..

- الميلتي كام هي تقنية تجعلك كمخرج تشتغل بأريحية أكثر، لأنها تمكنك من الحصول على تقطيع سريع وتسهل كذلك الأمر على الممثل، بحيث أنه يكون بدوره أكثر راحة، حيث أنه لا يعيد نفس المشاهد التمثيلية كثيرا أمام الكاميرا وبزوايا مختلفة. لكن وفي خضم كل هاته السهولة هناك صعوبة بالنسبة لمدير التصوير، لأن الاشتغال على كاميرا واحدة والتركيز عليها يكون أقل عبئا من أكثر من واحدة، وبالرغم من أنك أمام هذه التقنية العجيبة، إلا أنك كمخرج يجب أن ترى دائما بعين الكاميرا الواحدة.. وهنا في رأيي تكمن صعوبة الاشتغال بـ "الميلتي كام" لأنها تتطلب الدقة والتحكم في أدوات التصوير من خلال استعمال كل الكاميرات التي تقوم بتصوير مشاهد مختلفة من نفس العمل الفني، إذ يجب أن يكون هناك تناسق وتناغم على مستوى زوايا الكاميرا والإيقاع وشكل الصورة.

+ قبل سن دفاتر التحملات بقطاع التلفزيون العمومي اشتغلتِ في عدة أعمال تلفزيونية على مستوى الإخراج، وبعد صدور دفاتر التحملات، لم نعد نرى اسمك في جينيريك إخراج المسلسلات والسيتكومات ما السبب في ذلك؟

- يجب أن أشير أني شاركت أكثر من أربع مرات في الترشح لطلبات العروض بالقنوات العمومية من خلال مشاريع تلفزيونية، دون أن أتمكن من الاشتغال في مجال تخصصي "الإخراج". عندما جاء مشروع دفتر التحملات بالرغم من طريقته التي لا تخدم الفن، اعتقدنا أنه سينصف المبدع واعتقدنا خاطئين أنه سيعطي لكل ذي حق حقه، ولكن ولسوء الحظ لم يكن هذا القانون إلا ظلما يسلط على المبدعين ويلحق بهم الأذى النفسي، بحيث أصبح الفنان الذي ناضل من أجل الفن في هذا الوطن مهمشا ولا يشتغل، إذ وقفنا وقفة تأمل ونظرنا إلى الأعمال التي مرت في ظل دفتر التحملات، لن تجد المهنيين في أغلب الأعمال التي مرت "ممثلين أو تقنيين أو مخرجين أو كتاب سيناريو".. إذا دفتر التحملات في عمقه جاء لينظم القطاع ولكنه لم يكن إلا سلاحا فتاكا، اتخذه المتلاعبين بمصير وواقع هذا الميدان، ليقهروا المنتمين إليه وبالنسبة لي هذا مشروع فاشل وظالم ولا يخدم الفن والفنانين.

+ هل ترين أن مسألة استدعاء "لجنة الانتقاء" للمنتج والمخرج والمؤلف للدفاع عن المشروع المقترح مسألة إيجابية، علما أنه تم قبل ذلك تقديم ملف يوضح المعالم الفنية والتقنية للمشروع التلفزيوني المقترح؟

- أكبر إهانة للمبدع هي هاته اللجنة التي تعطيك إحساسا بالدونية، تجلس أمامها وكأنك أمام اختبار شفوي سيجعلك تمر أو ترسب، مع العلم أنها غالبا تمرر أعمالا لا علاقة لها بالجود ة، تدفعنا وهذا من حقنا كمهنيين أن نتساءل: هل هي فعلا لجنة مسؤولة أم صورية لا علاقة لها بما يتم اختياره!!. أم هي لجنة ضعيفة وفكرها بسيط لا يسمو إلى الأعمال الجيدة التي ترفضها في كثير من الأحيان بأسباب واهية!!؟؟. في ظل دفتر التحملات هذا، لم أقدم فقط أربع مشاريع بل كنت أقدم في كل سنة عملين أو ثلاثة، مع شركات إنتاج كبرى وصغرى، وفي هذه السنة قدمت فيلمين للقناة الثانية ثم فيلم و"رباعية" أي "مسلسل أو سلسلة من أربع حلقات" للقناة الأولى، لأتفاجأ باختيار القناة الأولى للفيلم، ثم أمر أمام اللجنة التي رفضت العمل، لماذا وكيف؟ العلم عند الله. على العموم قلت وما زلت أقول ساخرة: "رسبت في "الامتحان" وسأكرر "القسم" في زمن دفتر التحملات، لكن لدي إحساس كبير أني لن أستطيع النجاح فيه فهو يعتمد على دروس أخرى لم أدرسها، أتمنى أن لا يتم طردي طردا نهائيا، فأنا مازلت أطمع في مواصلة المشوار الدراسي".

+ بحكم تجربتك في المجال التلفزيوني لابد أنك تفكرين في حل واقتراحات تنظيمية للخروج من هذا الوضع. ما هي الحلول والاقتراحات في هذا الإطار حسب رأيك؟

- الحل صعب، لأن الميدان تشوبه أشياء كثيرة يصعب فهمها، أولا المجال غير مقنن، تغمره الفوضى الكثيرة، سهل على الدخلاء، وصعب على من ضحى و"حارب" من أجله، إن قلت لك يجب أن لا يكون إنتاج جديد على الأقل سنة يرفض خلالها المبدعون الاشتغال، فهم لسوء الحظ لا يشتغلون أكثر من سنة ولم يسأل أحد عن غيابهم، فمنهم من أصابته الحسرة ومنهم من مرض ومات ولم يكترث له أحد.. وفي هذا الإطار أطالب من المسؤولين أن تتغير طريقة التعامل مع المشاريع عوض أن يبحث المبدع على الشركة التي ستتبنى عمله، أفضل أن يتعامل المبدع مع القناة لأنها في الأخير هي من ترفض أو تقبل المشروع التلفزيوني، حتى لا يطال المبدع الظلم مرتين، فعلى الأقل سيعرف أنه يتعامل مع جهاز مسؤول.. ومن خلال تجربتي الخاصة أفضل أن أتعامل مع القناة لأنها صاحبة القرار، فأغلبية الشركات تضع في خدمتها أناس يستطيعون بالكاد قراءة العربية ولا يفهمون عمق السيناريوهات، فتجدهم يختارون حسب معرفتهم الضعيفة وثقافتهم الضيقة، ويلحقون الضرر بالإبداع والمبدع، فالشركات لا تهمها القيمة الفنية والأدبية بقدر ما يهمها الربح المالي، فيصبح المبدع سجين أفكار متعفنة وكسيحة غير قادرة على الرقي بالمستوى الإبداعي. أتمنى أن يتعامل الساهرون على هذا الميدان بمسؤولية أكثر قيمة، فالفن له تأثير مهم على المتلقي، لذلك وجب على المبدع أن يكون أكثر إحساس بالأمان وبضمير نقي، فالأرض التي نحيا فيها تحتاج إلى حبنا لا لحقدنا. التهميش والإقصاء ينعش الغل والحقد، والوطن يحتاج إلى حب، ليسمو ويرقى.