السبت 18 مايو 2024
مجتمع

الحكامة الأمنية تلقي بظلالها على مدينة الرباط

 
 
الحكامة الأمنية تلقي بظلالها على مدينة الرباط

خلفت الواقعة الأخيرة المتعلقة بتفريق المتظاهرين على أحداث الحج بالرباط، نقاشا كبيرا حول حدود رجل الأمن في استعمال سلطاته القانونية، بين من اعتبر الأمر يندرج ضمن "العنف المشروع"، لأجهزة الدولة، وبين من اعتبر الأمر شططا في استعمال السلطة. وبين هذا وذاك يتجدد طرح مفهوم الحكامة الأمنية، من حيث تحديد معايير وحدود استعمال القوة.

برز مفهوم الحكامة الأمنية على خلفية تفعيل توصيات "هيأة الإنصاف والمصالحة" ووضع خارطة طريق للحكامة الأمنية لتأهيل مستعملي القوانين حقوقيا ولتفادي وقوع انزلاقات شبيهة بما حدث في "سنوات الرصاص". وتضمنت التصورات التي جرت مناقشتها في عدة لقاءات وندوات شارك فيها جميع المتدخلين، وجاء ضمن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة سبعة محاور رئيسية هي:

- اعتماد المسؤولية الحكومية في مجال الأمن.

- المراقبة والتحقيق البرلماني في مجال الأمن.

- تحديد وضعية وتنظيم أجهزة الأمن.

- المراقبة الوطنية للسياسات والممارسات الأمنية.

- المراقبة الإقليمية والمحلية لعمليات الأمن وحفظ النظام.

- تحديد معايير وحدود استعمال القوة.

- التكوين الممنهج لأعوان السلطة والأمن في مجال حقوق الإنسان.

وقد عرف مفهوم "الحكامة الأمنية" نقاشا كبيرا سواء بين الأمنيين المهنيين، أو بين الحقوقيين والجامعيين.. إداريا اعتمدت المديرية العامة للأمن الوطني مجموعة من التدابير والآليات، أبرزها إصدار نظام أساسي لرجال الأمن، استجاب لتطلعات مختلف العاملين في سلك الشرطة، كما لبى متطلباتهم الاجتماعية والوظيفية، ضمن ظهير 23 فبراير 2010، كما تم إعداد مشروع لتكوين أعوان ورجال الأمن في مجال حقوق الإنسان.

فأضحت شراكات أجهزة الأمن، شرطة ودرك، ضمن برامج الشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سواء في صيغته الحالية أو السابقة، وأصبحت مواد حقوق الإنسان وسبل مناهضة التعذيب.. تدرس في معاهد الشرطة والدرك، إلى جانب إشاعة حقوق اللاجئين المترتبة عن القانون الدولي الإنساني.. كل هذا من أجل تحصين العاملين في القطاع الأمني من ارتكاب أعمال أو تجاوزات تطالها مقتضيات جريمة التعذيب أو غيرها من جرائم شطط الموظفين في استعمال سلطتهم إزاء الأفراد.. وإلى جانب هذه الترسانة الأكاديمية في مجال حقوق الإنسان، ارتفعت قرارات المجالس التأديبية للشرطة، بين العزل والتوبيخ، لم تستثن درجة من الدرجات.

وبالموازاة مع حركية إدارة الأمن الوطني في تكريس حقوق الإنسان لدى منتسبيها، عرفت المسطرة الجنائية عددا من التعديلات التي تعطي ضمانات مناهضة التعسف والشطط في استعمال السلطة، أي مساس بالحريات الفردية والجماعية.

وما يجعل مفهوم الحكامة الأمنية، ذو راهنية دائما، هو أنه في أقل من أسبوع تحتضن مدينة الرباط نشاطين حقوقيين تحسيسيين:

- الأول، تنظمه جمعية عدالة، اليوم الجمعة 16 أكتوبر الجاري، يناقش العلاقة بين الحكامة والأمن، كيف يمكن للدولة أن تحمي مواطنيها ضمن تطبيقات حقوق الإنسان؟ وأي دور لنشطاء المدنيين في حماية الحقوق المتعلقة بالأمن؟

- الثاني، نشاط ينظمه مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، حول موضوع "الحكامة الجيدة بقطاع الأمن في العهد الرقمي: تدبير وحماية المعطيات الشخصية بين متطلبات الأمن وحماية حقوق الإنسان"، وذلك يومي 19 و20 أكتوبر 2015.