الجمعة 20 سبتمبر 2024
مجتمع

محمد أحداف: على وزير التعليم إن كان يمتلك قدرا محترما من الشجاعة السياسية أن يقدم استقالته فورا

محمد أحداف: على وزير التعليم إن كان يمتلك قدرا محترما من الشجاعة السياسية أن يقدم استقالته فورا

لايستبعد  ذ. محمد أحداف أستاذ علم الإجرام بكلية الحقوق بمكناس احتمال وقوف لوبي  وراء عملية التسريب، مشيرا الى أن الأمر لايتعلق بعمل فردي معزول بل بمخطط مدروس، وأوضح أن وزارة التعليم التي كانت تتحدث عبر بلاغات متكررة عن محاربة الغش في صفوف التلاميذ عجزت عن محاربة الغش من داخل دواليبها وهو ما يطرح تساؤلات عميقة حول حجم الفساد المستشري في دواليب وزارة التعليم العالي، داعيا إلى إخضاع أجهزة  الوزارة  بصفة استعجالية لعملية تطهير واسعة.

وأشار في حوار مع " أنفاس بريس " أن تسريب الإمتحانات يجب أن يقود الى إثارة المسؤولية السياسية للقائمين على الشأن التعليمي في بلادنا داعيا وزير التعليم إن كان يمتلك قدرا محترما من الشجاعة السياسية الى تقديم استقالتهلأن الأمر يتعلق بسمعة المملكة ومصداقية الشواهد العلمية التي تقدمها مشيرا الى التلاميذ حاملي الباكلوريا سيؤدون الثمن غاليا، إذ ستبدو شواهدهم فاقدة للمصداقية في المعاهد والجامعات الأجنبية.

 

 

كيف تتبعتكم عملية تسريب اختبارات الباكلوريا، وما حجم المسؤولية القانونية للوزارة الوصية الناجمة عن هذا التسريب؟

شخصيا كأستاذ متخصص في علم الإجرام ومختلف أشكال الإنحراف السلوكي فوجئت بالمصيبة والكارثة الوطنية المتعلقة بتسريب اختبارات الباكلوريا بساعات قبل ولوج التلايمذ الى مراكز الإمتحانات وهذا يعني من زاوية معينة احتمال وقوف لوبي أو مجموعة من الأشخاص وراء عملية التسريب، والأمر لايتعلق بعمل فردي معزول بل بمخطط سوف تكشف عنه  التحقيقات، وقد كنا نتوقع من خلال البلاغات المتتالية لوزارة التعليم والتي تتعلق بالخطط التي سنتها لمواجهة الغش والغشاشين واستعمال وسائل التكنلوجيا الحديثة والمعدات التي تم اقتنائها بأموال باهضة الحد من ظاهرة الغش، لكننا فوجئنا عوض أن تحارب وزارة التعليم الغش في صفوف التلاميذ عجزت عن محاربة الغش من داخل دواليبها وهذا الأمر بمفرده يطرح تساؤلات عميقة حول حجم الفساد المستشري في دواليب وزارة التعليم العالي وأن هذه الأخيرة يجب أن تخضع بصفة استعجالية لعملية تطهير واسعة داخل أجهزة الوزارة.

وكأستاذ للقانون أعتقد أن هذه التسريبات تطرح على الأقل إشكالية ترتبط بالمسؤوليات الناجمة عن هذه التسريبات، أولى هذه المسؤوليات يجب في إطار نظام ديمقراطي يخضع لقواعد الشفافية والنزاهة وكما نص على ذلك دستور المملكة من خلال ربط المسؤولية بالمحاسبة، أعتقد أن تسريب الإمتحانات يجب أن يقود الى إثارة المسؤولية السياسية للقائمين على الشأن التعليمي في بلادنا، وهذا في نظري يجب أن يقود بشكل مستعجل الى تقديم السيد وزير التعليم لإستقالته أمام الحكومة وأن يخضع للمحاسبة، فأقل من ما وقع في بلادنا ترتب عنه تقديم استقالات في البلدان الغربية، وأعتقد أن ما وقع يعد سابقة سوف تكون لها انعكاسات سلبية على صورة وسمعة المملكة المغربية وعلى جودة شواهدها وجودة تكوينها وبالتالي فأنا أعتقد أن أقل ما يمكن ان يثار في إطار المسؤولية السياسية للمسؤولين داخل الوزارة وعلى رأسهم السيد وزير التعليم هو تقديم استقالتهم ليفسحوا المجال أمام الأجهزة المختصة في محاربة الغش لإجراء التحقيقات الضرورية، ومن جهة ثانية فعملية التسريب تثير مسؤولية قانونية، وهذه المسؤولية يجب أن تسير الى أيعد مدى ممكن ويجب أن تطيح بالرؤوس الفاسدة، لأن التسريب وفق المنطق هو تسريب داخلي، فأسئلة الرياضيات كانت منشورة على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي، فكيف خرجت هذة الإختبارات علما أنها كانت محروسة بإحكام داخل " الكوفر فور " وأن القائمين عليها اتخذوا كل التدابير للحيلولة دون حدوث التسريب، وأن الوزارة الوصية اتخذت كل التدابير الضرورية، وبالتالي فالتسريب كان تسريبا داخليا ويجب أن يثير المسؤولية القانونية للإطاحة بالرؤوس الفاسدة التي أضرت يسمعة وصورة النظام التعليمي بالمغرب، وأعتقد أن القائمين على هذه الضجة يجب أن يحالوا الى العدالة الجنائية لكي تقول كلمتها

 

وهل يحق لآباء وأولياء التلاميذ مقاضاة وزير التعليم نتجية هذه الفضيحة؟

حقيقة هم ضحايا ويمكنهم من الناحية القانونية أن يتقدموا بشكايات الى النيابة العامة ضد مجهول وعلى التحقيق أن يفتح وأن يسير الى أبعد مدى لتحديد هوية أو هويات الأطراف أو الجهات التي تقف وراء هذا التسريب ومعرفة النوايا التي تحكمت في عملهم هذا، هل هو الإضرار بسمعة المملكة ؟ وفي هذه الحالة فإن الضرر أكيد سيكون على المستوى الوطني وأيضا على المستوى الدولي لتداعياته الإعلامية، وما أود الإشارة إليه هو أنه من غير المفهوم على الإطلاق الصمت المريب لجهاز النيابة العامة لأن الأمر كان يقتضي أن تتدخل لإعطاء التعليمات للضابطة القضائية للدخول على الخط وفتح تحقيق قضائي فوري في الموضوع، فهي تتوفر على جميع الإمكانات والوسائل للكشف عن هوية الأشخاص الذي يقفون وراء هذه المصيبة .

 

وكيف تلقيتكم تصريح رئيس الحكومة بأن التحقيق عهد الى وزير التعليم ووزير الداخلية؟

وزير التعليم يعتبر طرفا في هذه المصيبة ويجب أن يستبعد من إجراء التحقيقات، من غير المعقول أن ريتبط المشكل بوزارة التعليم وفي نفس الوقت يعهد إليها بإنجاز هذه التحقيقات، المنطق يقتضي أن يبتعد كذلك وزير الداخلية عن هذه التحقيقات وأن يعهد التحقيق الى جهاز النيابة العامة المختصة، لأن المشكل في عمقه قضائي ومن اختصاص جهاز العدالة الجنائية وأنا أستغرب دعوة رئيس الحكومة لوزير التعليم بإجراء التحقيق في الوقت الذي كان من المفروض أن يدعوه الى تقديم الإستقالة، وهذا ينطبق على مضمون مقولة

" حاميها حراميها "، فوزارة التعليم طرف في الموضوع ومن المستبعد أن يذهب التحقيق الى المدى الذي يتعين أن يصل إليه.

 

يعني هناك محاولات  للتستر على هذه الفضيحة؟

ممكن.. من غير المعقول أن الفضيحة انطلقت من داخل دواليب وزارة التعليم ويعهد لها بإنجاز هذا التحقيق، المطلوب من رئيس الحكومة ان يعد تصوره للإشكالية وأن يتدخل وزير العدل والحريات لكي يطلب من وكيل الملك والوكيل العام للملك بإعطاء التعليمات للضابطة القضائية لكي تدخل على الخط للكشف عن الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الفضيحة، لأن الأمر يتعلق بكارثة وطنية بكل المقاييس، لأن تداعياتها ستكون خطيرة مستقبلا على شهادات المملكة وهو ما سيعطي فرصة لأعداء المملكة لكي يلوكوا في سمعتها في المحافل الدولية، أعتقد أنه لا وزير الداخلية يملك الصلاحية للقيام بالتحريات ولا وزارة التعليم لأنها متورطة في التسريب، وأعتقد أن الجهاز الأقرب الى روح القوانين في المملكة هو وزير العدل والحريات وجهاز النيابة العامة .

 

ماذا عن حجم تأثيرات عملية التسريب على المستوى الداخلي؟

بطبيعة الحال..لا يمكن إنكار الحجم الهائل للتأثير، نبدأ بهول الصدمة الذي أصاب المغاربة بدون استثناء ولاحظنا بأن هناك تغطية إعلامية مكثفة للحادث، مسموعة، مرئية، إلكترونية وهناك تفاعل في كل البيوت وكل المدن المغربية بدون استثناء، وحجم التأثير كان هائلا  جدا بالنظر لحجم البلاغات ومضمونها حول نوعية التدابير المتخذة والأجهزة الإلكترونية ومحاربة الغش، فيما الغش يعشعش داخل وزارة التعليم نفسها، وبالتالي كان حجم التأثير هائلا على كل المغاربة بدون استثناء، بل إن وسائل الإعلام الدولية نفسها أصيبت بنوع من الصدمة بالنظر للسهولة المريبة للغاية لتسريب اختبارات الرياضيات، فكيف تمكن هؤلاء رغم كل الإحتياطات التي اتخذت أو يعتقد أنها اتخذت، هذا التسريب سوف تكون له آثار سلبية، سوف تكون له ما بعده وما قبله ، لذلك لابد ان تكون التجربة المقبلة لإختبارات الباكلوريا مغايرة وأن يتم التفكير في طريقة مختلفة من طرق التدبير المتبعة ، ربما إبعاد وزارة التعليم كلها عن عملية الإشراف..لست أدري..يجب أن نفكر بعمق في طريقة بديلة، فالجامعات المغربية تمر بها الإمتحانات ومع ذلك لايوجد هناك تسريب، فلماذا لا تتم العملية بشراكة مع الجامعات أو إبعاد وزارة التعليم نهائيا عن الإشراف على هذه الإمتحانات.

وحجم التأثيرات السلبية الناجمة عن عملية التسريب جد هائلة، هناك فقدان الثقة من طرف الآباء والتلاميذ في النظام التعليمي، وما وقغ يؤكد تغلغل الفساد والغش في دواليب الوزارة وسيادة ثقافة الغش، فقدان معيار الكفاءة وأن أولياء التلاميذ سوف يشككون دائما في نتائج الباكلوريا مهما كانت، لأنه سيقال دائما هناك تسريبات وأنهم يحاولون إيهامنا بأن الأمور مرت بخير، وأكيد أن التلاميذ في السنوات المقبلة سوف يشعرون بإحباط كبير وتدمر نفسي لأنه لا أحد سوف يثق مستقبلا لا في النتائج ولا في طرق التدبير.

ولابد من الإشارة أن تناول وسائل الإعلام الدولية للحدث سيكون ضحيتها النجباء من التلاميذ المغاربة، وأؤكد أن عدد هائل من المعاهد الأجنبية لن تقبل أبدا بتسجيل حملة الباكلوريا المغربية بسبب التشكيك في مصداقيتها وهذا ما يدعوني الى مطالبة وزارة التعليم بالإبتعاد كلية عن تدبير امتحانات الباكلوريا وإحداث لجنة ملكية أو أي لجنة معينة للإشراف على تدبير الإمتحانات في السنوات المقبلة.

 

طيب..وزير التعليم أعلن عن إعادة إمتحان الرياضيات يوم الجمعة المقبل، فهل يكفي ذلك في نظرك؟

أعتقد أن عدم لجوء الوزارة الى إعادة الإمتحانات سوف تكون له نتائج خطيرة جدا لأن أي منهم سوف يلتجئ الى القضاء الإداري ومن المؤكد ان القضاء الإداري سوف يقضي ببطلان نتائج الإمتحانات بسبب تسريبها، وأعتقد أن مسؤولي الوزارة ينبغي أن يمتلكوا قدرا محترما من الشجاعة السياسية وأن لا يكتفون فقط بإعادة الإمتحان، بل تقديم استقالتهم رسميا والإبتعاد عن تدبير شؤون وزارة التعليم بالمطلق.

 

من المعلوم ان الصحافة الدولية تناولت الموضوع بإسهاب، فما حجم تأثيرات عملية التسريب على سمعة ومصداقية الباكلوريا المغربية في الجامعات العالمية؟

أكيد أن من سيؤدي الثمن في عملية التسريب هم التلاميذ من حملة شهادة الباكلوريا لأن هذه الشهادة سوف تبدو مشبوهة وفاقدة للمصداقية وأكيد أن عددا كبيرا من المعاهد الأجنبية ذات المعايير الصارمة في انتقاء التلاميذ والأطر التي ستكونها سوف تقلص الى أبعد مدى الكوطا المخصصة للتلاميذ المغاربة الذين يلجون معاهدها بسبب التشكيك في مصداقية شهادة الباكلوريا، أكيد أن قيمة الباكلوريا ما قبل الفضحية ليست هي قيمتها مابعد الفضيحة وهذا ما يجعل التلاميذ المغاربة الذين ينوون متابعة دراستهم في المعاهد الأجنبية سيقفون حيارى أمام هذه المصيبة التي حلت بوزارة التعليم ولهذا أكرر بأن أقل ما يمكن أن يقوم به السيد وزير التعليم إن كان يمتلك قدرا محترما من الشجاعة السياسية هو أن يلتمس من جلالة الملك إعفائه من مهام تدبير شؤون الوزارة بسبب فضيحة تسريب امتحانات الباكلوريا.