مع اقتراب موعد الإستحقاقات الإنتخابية الجهوية المزمع عقدها في 4 شتنبر 2015 بدأت تتضح بعض معالم التحالفات بين الأحزاب السياسية في سياق السباق نحو رئاسة الجهات، وخصوصا الجهات الكبرى وفق التقطيع الجهوي الجديد الذي أفرز 12 جهة.
ومعلوم أن القانون التنظيمي للجهات الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع من قبل مجلس النواب في الثامن من ماي الجاري قد منح للأمناء العامين للأحزاب صلاحية منح التزكية للشخصيات المؤهلة لرئاسة الجهات كما أعطى للجهات صلاحيات موسعة، إذ تم التنصيص أن رئيس الجهة هو الآمر بالصرف وتمكين الجهة من اختصاصات ذاتية تهم التخطيط والتنمية الجهوية وإنعاش الأنشطة الاقتصادية وإحداث مناطق للأنشطة الاقتصادية، والتكوين المهني، وتنظيم النقل داخل الجهة، وبناء وتحسين وصيانة الطرق القروية غير المصنفة، إضافة إلى تمكين الجهات من مصادر تمويل موسعة، وهو ما فتح شهية الأحزاب السياسية لنسج التحالفات تحضيرا لخوض السباق الانتخابي على صعيد الجهات، إذ من شأن التوافق بين أن يمكن أضعف حزب في المشهد السياسي من الظفر برآسة جهة على الأقل، وهو المعطى الذي يزكيه تصريح نبيل بنعبد الله بأنه حزبه سيخوص السباق الانتخابي على صعيد الجهات من أجل الظفر برئاسة جهة واحدة على الأقل. في الورقة التالية رصد للاستعداد الانتخابي والأسماء المحتمل ترشيحها من طرف أحزابها لرئاسة الجهات
جهة سوس - ماسة
القباج أم حافيدي
تعد هذه الجهة معقلا للتجمع الوطني للأحرار، حيث يترأسها حاليا إبراهيم حافيدي، وتشير كافة المعطيات المتوفرة إلى بقاء حزب الحمامة على رأس هذه الجهة مستفيدا من الدعم الكبير والشعبية الواسعة لعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتصدع الذي عرفه حزب القوات الشعبية بأكادير بخروج القباج رئيس بلدية أكادير والقيادي البارز من حزب الوردة. وتشير بعض المصادر إلى أنه كان بإمكان حزب القوات الشعبية أن يكون منافسا قويا على رئاسة جهة سوس - ماسة لولا التصدع الذي عرفه مؤخرا بمدينة أكاديرعلى خلفية التشنج القائم بين المكتب السياسي من جهة والقباج وأنصاره بجهة سوس من جهة ثانية.
لكن تبقى جملة من التساؤلات مطروحة بخصوص الشخصية التي ستحظى بتزكية حزب التجمع الوطني للأحرار، فهل سيحظى الحافيدي مجددا بتزكية حزب الحمامة؟ جميع المؤشرات تشير إلى عكس ذلك، خاصة أن التوجه الجديد للدولة في ظل الدستور الجديد يقطع مع استحواذ النخب القديمة أو ما يصطلح عليها بـ «الديناصورات» التي ظلت على رأس جهات المملكة لفترات تتراوح مابين 15 إلى 20 سنة، وبالتالي فمن المرجح أن تسير الأحزاب المغربية في اتجاه تجديد النخب ومنح التزكيات لوجوه جديدة لترأس الجهات الـ 12 للمملكة انسجاما مع الخطب الرسمية، ومنها الخطاب الملكي في افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان في أكتوبر 2011 والذي دعا الفاعلين السياسيين إلى تحمل لمسؤولياتهم كاملة والالتزام بضوابط النزاهة وتجسيد التحول الجوهري الذي حمله الدستور لتجديد المؤسسات والنخب، والسعي إلى عمل سياسي ملموس وناجع يلبي انتظارات المواطنين وحاجيات الفئات المعوزة.
جهة فاس - مكناس
شباط أم الديوري
حسب المعطيات المتداولة والتي حصلت عليها «الوطن الآن»، فإن التوافق القائم بين حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة على أساس أن تؤول الرئاسة بهذه الجهة إلى حزب الاستقلال لقطع الطريق عن حزب العدالة والتنمية الذي يحضر بقوة بكل من مدينة فاس، حيث يحظى بشعبية مهمة بكل من فاس الشمالية وفاس الجنوبية بعدد من النواب (4 نواب)، كما يحضر أيضا بقوة بمكناس وخصوصا في شخص عبد الله بوانو، القيادي بحزب المصباح ورئيس فريق حزب العدالة والتنمية، إذ استطاع الحزب الإسلامي الوصول إلى عمادة كل من مدينة مكناس ورئاسة بلدية ويسلان بالعاصمة الإسماعيلية.
حزب الاستقلال هو الآخر يحضر بقوة بكل من فاس بفضل الشعبية الواسعة التي يحظى بها حميد شباط كعمدة للمدينة وبفضل شعبية بعض الوجوه الاستقلالية، ونذكر منها جواد حمدون، برلماني الحزب ورئيس مقاطعة أكدال، كما يحظى أيضا بحضور مهم في عمالة مولاي يعقوب، حيث لم يكن إغفال معطى ترؤس الاستقلالي محمد العيدي لجماعة مولاي يعقوب وبمكناس، حيث يحظى حزب الاستقلال بحضور مهم لايمكن تجاهله، من خلال عدد من الوجوه الاستقلالية المعروفة ونذكر منها عبد الواحد الأنصاري، برلماني مكناس ونقيب هيأة المحامين، ومحمد بلماحي رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات.
وتشير بعض المؤشرات إلى ترشيح عادل الديوري من طرف حزب الاستقلال لرئاسة جهة فاس - مكناس، لكن مصادر أخرى ترجح كفة حميد شباط الرجل الأول داخل حزب الإستقلال والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين والبرلماني وعمدة مدينة فاس الذي يحظى بشعبية واسعة بمدينة فاس.
جهة الدارالبيضاء - سطات
الباكوري في مواجهة حيكر
تشير المعطيات التي حصلت عليها «الوطن الآن» أن مصطفى البكوري أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة والمدير الأسبق لصندوق الإيداع والتدبير وابن المحمدية الذي نشأ ودرس بها أضحى اسمه يروج كمرشح لرئاسة جهة الدار البيضاء - سطات في ظل التقسيم الجهوي الجديد، بفضل التحالف الذي تم نسجه بين كل من حزب «التراكتور» وحزب «الميزان» كي تؤول الرئاسة لفائدة حزب الأصالة والمعاصرة وقطع الطريق على حزب المصباح الذي يتواجد بقوة في هذه الجهة. ووفق المعطيات المتوفرة، فإن الدار البيضاء تشهد تحركات غير مسبوقة يباشرها قياديو الحزب وعلى رأسهم أمينه العام مصطفى البكوري، لحشد تأييد كبار الشخصيات المعروفة بقوة نفوذها بكل من الدار البيضاء والمحمدية.
وتضم هذه الجهة قياديين بارزين في الحزب الإسلامي استطاعوا خوض منافسة شرسة في الإنتخابات التشريعية السابقة توجت بالظفر بـ 17 مقعدا بمجلس النواب، ونذكر على سبيل المثال عبد الصمد حيكر، برلماني حزب المصباح عن الدار البيضاء أنفا والكاتب الجهوي للحزب بالدار البيضاء - سطات، ومحمد يتيم الذي يستمد شعبيته من تزعمه للجناح النقابي للحزب الإسلامي الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب، وعبد العزيز العماري النائب البرلماني عن دائرة عين السبع، والذي عين وزيرا مكلفا بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني في التعديل الحكومي الجديد، ومحمد بن الصادق النائب البرلماني عن دائرة برشيد الذي اختير كرئيس لمجموعة المغرب لـ «برلمانيون من أجل التحرك العالمي»، إضافة إلى قياديين بارزين في حزب المصباح.
أما حزب الأصالة والمعاصرة فيطمح إلى تعزيز قوته بالدار البيضاء وانتزاع رئاسة الجهة من حزب الحصان، مستفيدا أولا من التحالف مع حزب الاستقلال الذي يضم أسماء وازنة بالدار البيضاء من قبيل ياسمينة بادو، البرلمانية عن من دائرة أنفا ووزيرة الصحة السابقة، وكريم غلاب، البرلماني عن دائرة ابن امسيك ورئيس البرلمان السابق، إضافة إلى حضور حزب الإستقلال القوي بكل من سطات والجديدة، بالإضافة إلى وجود مكثف لمنتخبي حزب الأصالة والمعاصرة بجهة الدار البيضاء - سطات، وعلى الخصوص بكل من من المحمدية والنواصر وسيدي البرنوصي ومديونة، مستفيدا من تواجد أسماء وازنة بجهة الدار البيضاء - سطات من قبيل البرلماني أحمد بريجة، نائب عمدة الدار البيضاء وكاتب البام بنفس المدينة (دائرة سيدي البرنوصي)، والبرلماني محمد لمفضل، رئيس بلدية المحمدية (دائرة المحمدية)، وصلاح أبو الغالي، الأمين الجهوي للبام (برلماني مديونة)، وعبد الكريم شكري، برلماني دائرة النواصر ورئيس الجماعة الحضرية لدار بوعزة.
جهة الرباط - القنيطرة
لشكر ضد أولباشا
تعرف هذه الجهة حضورا قويا لكل من حزب الأصالة والمعاصرة والإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية وحزب العدالة والتنمية والحركة الشعبية وحزب الإستقلال. انها جهة كبيرة ولها حساسية بالنظر لكونها الجهة التي تضم عاصمة المملكة، ومن الصعب الحديث حاليا عن وجود أسماء مرشحة لرآسة هذه الجهة في ظل التكتم الشديد الذي تضربه الأحزاب السياسية على معلومات من هذا القبيل.
من جانب آخر يستبعد عدد من المراقبين بقاء عبد الكبير برقية (الحركة الشعبية) على رأس هذه الجهة، وهو الرجل الذي قضى أكثر من 10 سنوات على رأس هذه الجهة، وتشير بعض التسريبات إلى اسمي وزيرين سابقين وهما الاشتراكي إدريس لشكر، والرئيس السابق لمجلس العمالة سعيد أولباشا (الحركة الشعبية). ويعتبر ادريس لشكر المخطط لاستعادة العاصمة في سنوات التسعينيات، واكتساح كل المقاعد البرلمانية، وهو الآن يستعد للدخول في معركة انتخابية في مواجهة حزبين هما: الحركة الشعبية والعدالة والتنمية. والاتحاد الاشتراكي الذي «هزم» الحركة الشعبية في انتخابات رئاسة الجماعة التي كانت تحت يدي الرئيس عمر البحراوي، لم يكن في وضعية مريحة بسبب عدم توفره على أغلبية ولم يكن له سوى 5 مستشارين من أصل 85، بقيادة الرئيس فتح الله ولعلو الذي اقترحه ائتلاف من أحزاب لإسقاط الحركي، ولم يكن غيره بقادر على انتزاع الرئاسة من مخضرم كالبحراوي.
من جانب آخر يعتبر سعيد أولباشا السياسي الذي انتصر على الاشتراكيين وأخرجهم من رئاسة مجلس عمالة الرباط وتربع على كرسي الرئاسة لمدة طويلة أهلته للوزارة، وحزبه الحركة الشعبية ينتفض في مجلس الجماعة وينتزعها من الاشتراكيين، لتتحول الرباط إلى حركية مائة في مائة. ثم في انتخابات 2009 يعود الاتحاد الاشتراكي إلى رئاسة الجماعة وتحتفظ الحركة الشعبية برئاسة مجلس العمالة بقيادة الرئيس عبد القادر تاتو، لتنضاف إليها فيما بعد رئاسة مجلس الجهة بعودة الرئيس عبد الكبير برقية.
جهة تافيلالت - درعة
الانتقام الاستقلالي من الرئيس شباعتو
جهة تافيلالت- درعة جهة جديدة أفرزها التقطيع الجهوي الجديد تضم كل من إقليم الراشدية وإقليم ميدلت وإقليم تنغير وإقليم ورزازات وإقليم زاكورة. وتعرف هذه الجهة تغلغلا قويا للإسلاميين، حيث تعد معقلا رئيسيا لحزب العدالة والتنمية، حيث يحظى حزب المصباح برآسة بلدية الراشدية وثلاث جماعات أخرى بنفس الإقليم، إضافة إلى تمكن حزب بنكيران من الفوز بمقعد برلماني بكل من ميدلت في شخص عزيزة القندوسي، وبرلمانيين بالراشدية (عبد الله الصغيري، محمد العراقي)، ناهيك عن كون الحبيب الشوباني القيادي في حزب العدالة والتنمية والوزير السابق المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني ينحدر من الراشدية، كما أن القيادي بالحزب الإسلامي ورئيس فريق العدالة والتنمية ينحدر من الراشدية. وبالتالي فالإسلاميون يراهون بقوة على رئاسة هذه الجهة مستندين على حضورهم القوي بالراشدية، إضافة إلى تواجدهم القوي بكل من وارزازات وتنغير وزاكورة، حيث لاننسى دفاعهم المستميت عن التقطيع الجهوي الجديد الذي أفرز هذه الجهة ونذكر بهذا الصدد انتقاد عبد الله هناوي، رئيس المجلس البلدي لمدينة الرشيدية، مواقف بعض الأطراف السياسية التي قال إنها «لم تحترم علمية خلاصات اللجنة الاستشارية للجهوية الموسعة»، وإشادته بدعم الحكومة لإحداث جهة درعة تافيلالت، إضافة إلى مؤشر آخر ويتجلى في كون جهة تافيلالت، درعة هي أول أمانة جهوية للحزب الإسلامي يتم تنصيبها في ظل التقطيع الجهوي الجديد بإشراف عبد الإله بنكيران.
ولا يمكن أيضا إغفال الحضور القوي لحزب الاستقلال بهذه الجهة في شخص محمد الأنصاري، رئيس الفريق الإستقلالي للوحدة والتعادلية ورئيس جماعة بني امحمد سجلماسة، وشعبيته الواسعة، وخصوصا بالراشدية وميدلت (رئاسة حزب الاستقلال لبلدية ميدلت).
لكن الملفت للأمر وأمام كل هذه المعطيات، هو إعلان سعيد شباعتو الرئيس الحإلى لجهة مكناس- تافيلالت نفسه رئيسا قبل الأوان لهذه الجهة -حسب مصادر من جهة مكناس- تافيلالت- حيث أصبح يتطرق لتفاصيل دقيقة تهم مستقبل هذه الجهة برئاسته، وسواء استمر سعيد شباعتو مع الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية أو انتقاله إلى حزب التجمع الوطني للأحرار كما سبق الإشارة إليه في تقارير إعلامية سابقة، فإن فرضية رئاسته لجهة تافيلالت- درعة تبدو مستبعدة حسب المراقبين، بالنظر إلى أن خصومه يعتبرونه مسؤولا معنويا عن إقبار جهة مكناس- تافيلالت التي ترأسها لسنوات طويلة قبل أن يتم تقسيمها بين ثلاث جهات، كما أن توجه الدولة الحالي، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، يشير في اتجاه تجديد النخب وفسح المجال أمام الوجوه الجديدة لتولي المسؤوليات العمومية والقطع مع النخب القديمة، الأمر الذي يجعل منح التزكية لسعيد شباعتو لرئاسة جهة تافيلالت- درعة سواء من قبل حزب الوردة أو حزب الحمامة مستبعدا بقوة.
فهل تفاؤل سعيد شباعتوا برئاسة جهة تافيلالت - درعة وأمام كل هذه المعطيات له ما يسنده على أرض الواقع؟
جهة طنجة - تطوان - الحسيمة
بنشماس أم الطالبي العلمي
أكدت مصادر «الوطن الآن» أن هذه الجهة هي الأخرى يشملها تحالف حزب الاستقلال و«البام»، كي تؤول الرئاسة هذه المرة لفائدة حزب «التراكتور»، وبالتالي انتزاع رئاسة الجهة من الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب المنتمي للتجمع الوطني للأحرار الذي يحضر بقوة في هذه الجهة.
مصادر «الوطن الآن» رجحت ترشيح حكيم بنشماس من طرف «البام» لرئاسة هذه الجهة، حيث يعتبر المرشح الأوفر حظا للظفر بمنصب رئيس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة، مستفيدا من الدعم الكبير والسند القوي لـ «اللوبي الريفي» داخل حزب «التراكتور»، وعلى رأسه إلياس العماري الرجل القوي داخل الحزب، حيث يمارس هذا اللوبي ضغوطا كبيرة على قيادة الحزب لانتزاع تزكية أمين عام «البام» لبنشماس على رأس هذه الجهة.
ويتوقع المراقبون أن يخوض «البام»، مسنودا بحزب الاستقلال، معركة شرسة ضد حزب الحمامة للظفر بكرسي رئاسة الجهة رغم الحضور القوي للأحرار في هذه الجهة في شخص رشيد الطالبي العالمي، الرئيس الحالي لجهة طنجة وبرلماني الحزب بمدينة تطوان، إضافة إلى الحضور القوي لحزب الحمامة بكل من دائرة الفحص أنجرة التي منحت الحزب مقعدا برلمانيا في الإنتخابات التشريعية السابقة ودائرة طنجة أصيلة التي فازت فيها سعيدة شاكر.
أما «البام»، فسيستفيد أساسا من شعبية حكيم بنشماس، المستشار بالغرفة الثانية والقيادي المشاكس لحزب «البام»، إضافة إلى شعبية محمد بودرا، برلماني «التراكتور» ورئيس جهة تازة - الحسيمة - تاونات.