الجمعة 22 نوفمبر 2024
ملفات الوطن الآن

حكومة صاحب الجلالة أم حكومة العشق والغرام؟

حكومة صاحب الجلالة أم حكومة العشق والغرام؟

عادة ما يطلق على الحكومات المتعاقبة على المغرب أسماء وزرائها الأولين، قبل أن يسميهم دستور الربيع العربي رؤساء حكومة، إذ يتحدث المتتبعون عن حكومات عبد الله ابراهيم وكريم العمراني وعبد الرحمان اليوسفي.. وهلم جرا، لكن يبدو أن الحكومة الحالية التي يترأسها عبد الإله بنكيران، ستؤسس لأسماء «بدعة، ما أنزل الله بها من سلطان»، مستحقة بذلك اسم حكومة الحب والغرام ولم لا حكومة التعدد..

ابتدأت القصة بخبر تداوله عدد من المنابر الإعلامية، حول علاقة حب وعشق بين وزير ووزيرة، فبدأ «الخط الزناتي» للصحافيين يشتغل، الوزير فلان مع الوزيرة فلان، وبدا الأمر وكأنه «دوري للحب»، عرف إقصائيات مرشحيه، لينتهي بالخبر اليقين بالكشف عن الحب «المضمر» و«المستتر» عن سبق إصرار وترصد بين الحبيب الشوباني، الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، وزميلته في الحكومة، سمية بنخلدون، الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي المكلفة بالبحث العلمي التي أعلنت طلاقها من زوجها السابق، وهي جدة خمسينية، وكان «شاف الحكومة»، قد تنبه متأخرا لهذه العلاقة الأولى في تاريخ الحكومات المغربية المتعاقبة منذ الاستقلال، وبل وحتى قبلها في عهد السيبة، لم يتم تسجيل حالة حب وعشق..

بدأت الأسئلة تطارد العشيقين إعلاميا، دون تسميتهما، والاكتفاء بالإشارة لكونهما ينتميان لحزب العدالة والتنمية، لينتقل السؤال الإعلامي للسؤال السياسي، ويطرح الموضوع في تجمع جماهيري ترأسه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، معتبرا ذلك من باب الاستهتار بالمصالح العليا للبلاد.. انقسم الرأي العام بين من يعتبر العلاقة بين الوزيرين ذات شأن خاص، رافضا بأي شكل من الأشكال المساس بالحياة الخاصة للوزيرين، مطالبا في الوقت نفسه بتوسيع الحريات الفردية، بل ذهب «الحزب الإسلاموي» إلى حد بعيد مشبها ما اعتبره اتهامات للوزيرة بأنها تحاكي اتهامات السيدة عائشة رضي الله عنها زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام في حادث الإفك.. بالمقابل اعتبر البعض الآخر أن الحياة الشخصية للوزيرين تضيق مقارنة مع غيرهم من المواطنين مادام انهم اختاروا عن طواعية تصدر المشهد العمومي، وبالتالي فمن تحمل المسؤولية العمومية عليه تحمل المساءلة، خصوصا وأن المعنيين بالأمر اختارا الرد فيسبوكيا على ما اعتبر في البداية اتهامات، قبل أن يتحول لواقعة حقيقية، ويعلن العشيق علاقته بمعشوقته، ومباركة زوجته الأولى للزواج من الوزيرة..

فكيف يمكن تقييم المعالجة الإعلامية والسياسية لهذه العلاقة الفريدة من نوعها، والتي ابتدأت بتعيين الشوباني للوزيرة بنخلدون في ديوانه الوزاري، قبل أن يكون أشرس المدافعين عنها لتولي منصب وزاري مستقل؟ وأي هامش للحياة الخاصة في حياة المسؤولين العموميين؟ وكيف يمكن تقبل لجوء وزير للتعدد في الوقت الذي ترتفع فيه أصوات الحركات المدنية بوجوب أن يكون الوزراء أهم قدوة في التقيد بالتآويلات الحداثية للدين؟ وهل ضاقت أبواب الحب على الوزيرين وهما قد اشتعل رأسيهما شيبا؟ وأي دلالة لسياق إعلان خطوبتيهما (محرقة طانطان، أزمة اقتصادية، فواجع اجتماعية، رهانات سياسية كبرى..)؟ بالمقابل هل يحق الإبقاء على الوزيرين الشوباني وبنخلدون في الحكومة الحالية أم يتعين إقالتهما لكونها انشغلا بالعشق والغرام على حساب الانشغال بالمجتمع المدني وبتطوير البحث العلمي؟ وهل الفترة التي أمضياها في الحكومة منشغلين بترتيبات الخطبة والزواج تنهض لمطالبتهما بإرجاع أموال الدولة أم أن ذلك جائز شرعا وأخلاقا؟ هل تصدر الشأن العام يعني قتل كل أحاسيس العشق والغرام في هذا الوزير أو تلك الوزيرة؟ كيف يمكن مقاربة الموضوع وهو الذي تتداخل فيه الحياة العامة بالحياة الخاصة؟ في أي صنف يمكن إدراج نشر المعنيين بالأمر لصورهما الخاصة في المواقع الاجتماعية؟ هل نشر الوزير الشوباني لصورة وهو يحلق رآسه، صورة ذات شأن عام أم خاص؟ وهل نشر الوزيرة لصورة وهي «تغمس في الزيت» بمكتبها في الوزارة، صورة ذات شأن خاص آم عام؟ وبالتالي هل مناقشة موضوع علاقة الوزيرين، موضوع عام أم خاص؟

أسئلة كثيرة، وجهتها «الوطن الآن» لعدد من المتتبعين، من بينهم حزبيون وجامعيون وإعلاميون وحقوقيون لاستيقاء آرائهم في الموضوع.

 

نجوى كوكوس، رئيسة شبيبة الأصالة والمعاصرة

الوزيرة بنخلدون لها مسؤولية معنوية، ومن العار أن تكرس النظرة الدونية للمرأة

لا يجب أن ينظر للقضايا المجتمعية بمنطق المعارضة والأغلبية لأنها قضايا تهم المعيش اليومي للمغاربة، وطريقة معالجتها تعطي بالصورة التي ترسمها مؤسسات الدولة للكرامة الإنسانية ومصالح المواطنات والمواطنين ولمغرب اليوم والغد. وهذا السلوك غير المعزول يمس بكرامة المرأة وبالمكانة التي يجب أن تحظى بها النساء في مجتمع يؤمن بالمساواة والديمقراطية. الحركة النسائية والديمقراطية ناضلت لمدة طويلة من أجل إرساء حقوق المرأة وشكلت الإرادة السياسية للملكية، لهذا المسار، دعما متواصلا لهذا المجهود ولقد ترجم كل هذا بحصول النساء على المزيد من الحقوق لا على مستوى القوانين فحسب بل تعداه في حدود معينة إلى تحسين أوضاعها على مستوى الواقع. نحن في حزب الأصالة والمعاصرة واعون أن العدالة والتنمية مسنودة بجناحها الدعوي تعادي وما تزال حقوق النساء، فالتأخير والتماطل في إخراج القوانين التنظيمية ذات الصلة بالمساواة والمناصفة محاربة التمييز وضد العنف والهجوم على النساء وإهانتهم داخل وخارج قبة البرلمان، والتصريحات الأخيرة للريسوني الذي يعتبر أن المدونة «رونت» الأسرة وأن دعاة الإجهاض يجب أن يتم إجهاضهم وأخيرا وليس آخراً قدوم وزير داخل الحكومة بالتقدم لخطبة وزيرة مصحوبا بزوجته وبأمه. لا يجب أن ننسى أن حزب العدالة والتنمية نظم مسيرة بالبيضاء قبيل تغيير مدونة الأسرة، ضد كل التعديلات التي لحقتها لاحقا، واليوم يريد مستعملا الحياة الخاصة لوزرائه من أجل إرسال رسائل ذات مغزى، وإن كانت المدونة قد وضعت شروطا على التعدد، فالوزير يريد أن يرجع تلك الممارسة الحاطة بالكرامة في عصرنا هذا إلى الواجهة، رغم تراجع التعدد في المغرب بشكل كبير. إن هذا الحزب يعطي المثال السيئ «ليقتدي» أو بالأحرى ليقلده الآخرون في مدى احتقاره للمرأة ولكرامتها، كما فعل يوما بقبة البرلمان باعتدائه اللفظي على صحافية مغربية.

كنت من أوائل من دافعوا عن الوزيرة بنخلدون عندما تعرضت للهجوم والتشهير بها بعد طلاقها، ولكن أن تقبل على نفسها أن تكون الزوجة الثانية فهذا عار يندى له الجبين ولها مسؤولية معنوية في تكريس النظرة الدونية للمرأة. أما عن الوزير الذي يصطحب زوجته وأمه للخطبة، فعيب عليه أن يعذب ويحرق قلب امرأة ضحت بحياتها إلى جانبه وساهمت حتما في أن يكون وزيرا، أن يحط من كرامتها ويستغلها بهذه الطريقة. فالذي يقول أن الزوجة موافقة على أن تكون لها ضرة وأنها راضية لكي يتزوج عليها زوجها بثانية وثالثة ورابعة ، فهذا هو العبث والبهتان. فلا أحد يعلم معاناة المرأة عندما تجبر على الموافقة على زواج زوجها إلا الله وحده. مصداقا لقوله تعالى:« فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة...» وقوله عز وجل: «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم...» إن تزامن هذا الفعل المشين مع تشكيل الإئتلاف من أجل المساواة والديمقراطية وتواتر مطالب الأحزاب السياسية الديمقراطية بتفعيل المساواة والمناصفة على أرض الواقع أظن أنه لغاية في نفس يعقوب، لخلق نقاش تم الحسم فيه بخصوص مدونة الأسرة، ولتعطيل مقتضيات الدستور استعدادا للاستمرار في مد تراجعي لا تحمد عقباه.

 

عادل بنحمزة، الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال

غراميات الحكومة تشكل إهانة المسار الديمقراطي بالمغرب

كنا نتابع كغيرنا ما يرشح من أخبارحول هذا الموضوع، واعتبرنا ذلك في البداية مجرد شائعات، لكن طرح الموضوع في اجتماع للمجلس الحكومي من قبل رئيس الحكومة هو ما أعطى للموضوع بعده السياسي. والأمين العام حميد شباط في لقاء الراشيدية سعى لوضع حد لهذا الموضوع خاصة وأن جميع أعضاء الحكومة أصبحوا موضوع اشتباه، فكان من الإنصاف وضع الرأي العام في الصورة الحقيقية والتركيز على المعنيين بالأمر، وهو ما كان موضوع تشكيك في البداية قبل أن تنكشف الحكاية للجميع ويتعرف المغاربة على مستوى وزرائهم وحجم انشغالاتهم...وهو ما يفسر طبيعة الأداء الحكومي الذي كان موضوع انتقاد مستمر من طرفنا، والواقع يثبت يوما بعد يوم صواب تحليلنا وقراءتنا للواقع البئيس لعمل الحكومة الحالية، وهو تحليل ينطلق من قراءة واقعية بعيدا عن عما يسعى إليه حزب العدالة والتنمية من شيطنة للخطاب المعارض، وهو منهج في كل التجارب المقارنة ينتهي بصفة حتمية إلى بنية سلطوية شمولية.

بكل تأكيد للوزراء والشخصيات العمومية حياة خاصة كغيرهم من المواطنين، لكن بكل يقين أن المجال الخاص لأي شخصية عمومية هو أضيق مما هو متاح لباقي المواطنين، وفي مقابل ذلك نجد باقي الامتيازات التي يتمتع بها المسؤولون العموميون، لهذا من واجبهم ومن المفروض عليهم واجب التحفظ، وفي كثير من الأحيان يشمل هذا التحفظ حتى الأمور العادية والقانونية.. لهذا عندما يتعلق الأمر بوزيرة متزوجة في عمر 53 سنة ووزير متزوج، وأن يكون الزواج مباشرة بعد أبغض الحلال وهو طلاق الوزيرة.. وبغض النظر عن موضوع التعدد الذي تم تقييده في المدونة الجديدة والذي يرتبط بأسباب ثقافية وإجتماعية أكثر منها دينية، وعندما نكون أمام زواج يجمع رئيسة ديوان الوزير في فترة سابقة على توليها المنصب الوزاري وما كانت تتمتع به من نفوذ استثنائي داخل الوزارة.. فإن تركيب هذه المعطيات يشكل صدمة لأبسط القيم التي تقوم عليها الأسرة المغربية، لهذا فالأمر لا يتعلق بشأن خاص، وعلى المعنيين بالأمر تحمل تبعات ذلك.

للأسف هذه الحكومة لا تملك إنجازات تتحدث عنها، لذلك لم يتبق لها سوى الحديث عن الغراميات وهو ما يشكل إهانة للمسار الديمقراطي لبلادنا ولكل النضالات التي خاضها الشعب المغربي وقواه الحية.

 

عبد الحق بكباشي، فاعل جمعوي، هولندا

لماذا لم تنشغل المعارضة بما يهم الشعب

 

كنت أتمنى أن ينشغل رأي المعارضة على ما هو أهم بكثير من الكلام على أمور شخصية. عندنا النساء تلد في الشوارع وأمام المستشفيات. عندنا القضية الوطنية على المحك، عندنا التهريب وما ترتب عنه من مأساة محرقة طنطان، عندنا مشكل في البنيات التحتية، وما ترتب عنها من فيضانات الجنوب، عندنا مشكل في الشغل والتكوين والتعليم ..

في أوروبا هناك فرق كبير، في كيفية مناقشة المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن الأمور الشخصية.. لماذا لا نناقش محاكمة ابن شباط والفرق الواضح من حيث الأحكام القضائية ضده، بين حكم المحكمة الابتدائية وحكم محكمة الاستئناف، لماذا لانناقش الكثير من الأمور ذات طابع شخصي للمعارضة.

مثل هذه المناقشات تصب في صالح حزب العدالة والتنمية، فهي تزيد الحزب وممثليه شعبية في ظل معارضة منهكة ضعيفة ومشتتتة..

 

حنان رحاب، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي

أخاف من العودة بنا إلى ما قبل دستور 2011

أولا يجب الاعتراف أن أول من استباح حياة الناس الشخصية ونشر عنها إشاعات مغرضة وأسس لهكذا ممارسات كانت دائما غائبة عن المشهد السياسي المغربي، هم وزراء العدالة والتنمية وعلى رأسهم رئيس الحكومة وكل من يحوم في فلكهم والأمثلة كثيرة ونعرفها جميعا.. لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نحذو حذوهم نحن مؤمنون ومتشبتون بمبدأ احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة للناس جميعا.

لقد كنا أول من تضامن مع السيدة الوزيرة يوم بدأت تحوم حولها ما اعتبرته حينها إشاعات حول طلاقها، لكن الجديد اليوم هو أن النقاش لم يعد مقتصرا على طلاق يحدث مئات المرات كل يوم، بل بشبهة علاقة تجمع بين مسؤولين في الدولة.. علاقة يتبين أنها أثرت حتى على بعض التواريخ الرسمية لأمور تدخل في تدبير الشأن العام المغربي وهو بالتأكيد أمر غير مقبول.

المثير أيضا في هذه العلاقة التي تجمع بين الوزيرين هي كونها لا تتعلق بمفهوم الحريات الفردية التي يعارضونها هم أنفسهم في العلن، ثم أن يحاول الوزير ترميم «العلاقة خارج إطار الزواج»، بخطبة الوزيرة فهذا يضعنا أمام تساؤل آخر إلى أي حد يمكن اعتبار تعدد زوجات الوزير مقبولا في مغرب اليوم وإلى أي حد هم مستعدون للعودة بنا إلى ما قبل مدونة الأسرة وما أتت به من شروط صارمة للتعدد، فكيف يطلع علينا المسؤولون في الحكومة المغربية على عهد دستور 2011 بتبريرات للتعدد. على شاكلة الواقعة التي بين أيدينا الان.

 

عبد العزيز العبدي، كاتب صحافي

عدنا إلى الوراء بمسافات كبيرة جدا

لنتفق أولا على أن تدبير الشأن العام يمارس خارج ما يسمى بالحكومة، وأن القرارات الكبرى تتخذ وراء أسوار تواركة ومن طرف المؤسسة الملكية، لذا لا يمكن الحديث عن معارضة حقيقية للسياسات العمومية في البلد، فحزب الاستقلال لا يمثل المعارضة، بل يمثل الجهة الأخرى في عملية التمثيل السياسي الممارس والذي يباركه القصر والذي عليه أن يلعب دوره عبر تمثيل المعارضة... وبما أنه لا يستطيع معارضة السياسات العمومية فهو يقتات من الحكايات والحوادث الشخصية للأعداء الذين حددوهم له، ومن بينهم طبعا العدالة والتنمية وسمية بنخلدون والشوباني.

أعتبر موضوع العلاقة بين الوزيرين، هو شأن خاص، لأنه شأن مواطنين ليسوا سوى موظفين عموميين.. لو كنا في بلد ديمقراطي حقيقي، وكانوا وزراء حقيقيون، كانت المسألة سينظر لها بشكل آخر.. ما كان لها أن تكون شأنا شخصيا، لأن الوزراء في الأنظمة الديمقراطية يعتبرون شخصيات عمومية تساءل على أداءها العمومي وتساءل أيضا على مدى احترامها للقيم النبيلة ومساهمتها الشخصية في تحديث المجتمع، ليست هناك ملفات ذات شأن عام بين أيدي الحكومة، هذه الملفات تسير خارج حدودها، وهي تسير بمعزل عن هذا النقاش... فقط في عودة لتأمل هذه الواقعة، هي بالتأكيد ليست بريئة ووقوعها هو نوع من جر المجتمع نحو مراحل كان يعتقد أنه قطعها، خاصة في موضوع المرأة ونضالاتها من أجل المساواة والحقوق... مع هذا النقاش، عدنا إلى الوراء بمسافات كبيرة جدا، أصبحنا نناقش إن كان التعدد مرغوبا أو فقط مباحا، بدل ممنوعا ومباحا...

 

عادل الزبيري، صحافي وكاتب

من حق الصحافة تسليط الضوء على كل حيثيات زواج الشوباني

يدخل طرح حزب الاستقلال لزواج وزير بوزيرة في سياق الصراع ما بين المعارضة والحكومة واستغلال كل ما يمكن أن يمثل سلاحا ضد الخصم السياسي والحكومي وهو سلوك سياسي يأتي أيضا في موجة الشعبوية السياسية في المغرب.. بالنسبة إلى الزواج فهو حدث سرق الأضواء لأن الأمر يتعلق بأول زواج بين وزير ووزيرة في كل تاريخ المغرب وثانيا لأن حديث الوزير والوزيرة عن الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي زاد من جاذبية الموضوع بالنسبة للصحافيين أولا وبالنسبة للرأي العام المغربي عموما.. بالطبع ليست لنا تقاليد في المغرب حيال تعامل الإعلام مع الحياة الخاصة للوزراء خاصة في حال زواج حكومي.. أعتقد أن الوزير وجد في القضية مناسبة ترويجية له في الإعلام واهتمام كبير لم يحظ به من خلال أداءه الوزاري في الفريق الحكومي. فعندما فشل الوزير سياسيا وحكوميا كوزير وجد في قضية زواجه الثاني مناسبة للتألق.. ليس عيبا أن يتزوج وزير بوزيرة وليس عيبا مهنيا أن تهتم الصحافة بالأمر وليس عيبا أن تبحث صحافة المغرب في تفاصيل الحدث لأنها تقاليد في كل العالم. ففي الغرب لديهم صحافة خاصة بالمشاهير فالوزير الشوباني والوزيرة بنخلدون شخصيتان مغربيتان وعموميتان وحكوميتان اذن عليهما ان يتحملا الإعلام.. فإما بخرجان وينفيان رسميا، أو يعلنان أنهما اقترنا ببعضهما البعض ولا حرج فيما أحله الله وهو الزواج.

 

سهيلة الريكي، صحافية ورئيسة تحرير مجلة نسائية

الشوباني استباح بنفسه خصوصيته

الكثيرون آلوا على أنفسهم عدم الخوض في الحياة الخاصة للآخرين، وحتى عندما بدأت أولى تفاصيل الارتباط بين المسؤولين الحكوميين تظهر، ظل هناك من استمر في توقير الحياة الخاصة للمعنيين وأنا منهم، لأنني أعتبر أن الزواج والطلاق شأن خاص، لكن الغريب أن أبطال هذه القصة هم من أصروا على تحويل علاقتهم إلى قضية رأي عام من خلال ذكرهم لمعلومات شخصية على شكل تصريحات وتسريبات لتفاصيل لا تعنيهم في الواقع إلا هم، لكن نشرها على العموم قد يحرمهم مستقبلا من المطالبة بالحق في التمتع بخصوصية مفترى عليها. فأين كانت الخصوصية عندما روى الشوباني أنه يذهب إلى حمام شعبي وإلى حلاق بحي معين؟ وأين توارت الخصوصية عندما أعلن أن زوجته الأولى موافقة على زواجه بالثانية، وأن والدته تبارك زواجه الجديد، ولماذا إقحام طليق الوزير وأسرته والحرص على التشديد على كونه دعمها في صياغة توضيحها الأول. الشعبوية سلاح ذو حدين، وبنكيران الذي أعلنها جهارا أن زوجته نبيلة تستبيحه فتفتش في جيوبه وتقرأ الرسائل التي ترد على هاتفه، ليس من حقه بعد الآن أن يحتج أو يطالب باحترام خصوصياته، فهؤلاء استباحوا حياتهم الخاصة بإرادتهم قبل أن يستبيحها الرأي العام. أما بخصوص التعدد، فشخصيا لا يفاجئني الأمر، فثقافة التعدد متجذرة عند هذه الجماعة، وهي مؤشر دال على نظرتهم الدونية للمرأة، وأنا مقتنعة أنهم يسوقون لصورة وردية لهذا الارتباط الثاني من أجل دفع الرأي العام للتطبيع مع سيناريو بات يشكل الاستثناء في المجتمع المغربي. والترويج لهوامش مثيرة على هامش هذه القصة، لا ينبغي أن تدفعنا لإغماض العين عن حصيلة هذين الوزيرين في قطاعهما، وما قد يكون دليلا على استغلال للمنصب والنفوذ والحصول على امتيازات من أي نوع بفضل تبوؤ المعنيين لموقع وزيرين بحكومة عبد الاله بنكيران، خاصة وأن ما تسرب بهذا الخصوص حتى الآن لايبشر بالخير، ويدعو للتصديق مادام أن الوزيران المشغولان بقدر كبير بقراءة ما يكتب حول علاقتهما والتفاعل معه، لم يجيبا عن الأسئلة الحقيقية المتعلقة بشبهة استغلال المنصب.

 

محمد ديرا، أستاذ باحث

ما يهمني هو كيف حرم الشوباني الموظفين من التعليم وسجل نفسه في الدكتوراه في ظروف مشبوهة

 

قبل أن نتحدث عن اتهامات شباط للوزير الشوباني بالتسبب في تطليق الوزيرة سمية بنخلدون لا بد من استحضار سياق هذه الاتهامات، فهي تأتي في سياق الحرب الكلامية المستعرة بين حزب الاستقلال في شخص أمينه العام حميد شباط وحزب العدالة والتنمية في شخص أمينه العام ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران... والتي يستخدمان فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة... في هذا السياق جاء اتهام شباط للشوباني بكونه السبب في تطليق سمية بنخلدون. هذا التراشق والاتهامات المتبادلة تبين المنحدر الخطير الذي تعرفه الممارسة السياسية والخطاب السياسي بالمغرب، هناك خطوط حمراء يجب أن تطبع الصراع السياسي والخصومة السياسية مهما اشتدت، ومن بين هذه الخطوط الحمراء الأعراض والحياة الخاصة، وحين يلجأ المخالف أو الخصم إليهما فهو دليل إفلاس وعلامة فشل..

أما بخصوص ارتباط الوزير الشوباني بالوزيرة بنخلدون فأرى بأن الأمر يجب أن يوضع في سياقه دون تضخيم أو تهويل إعلامي كما حصل للأسف من قبَل بعض المواقع الالكترونية، وسياق الموضوع في رأيي ببساطة هو أن سيدة طُلقت من زوجها قبل سنة لظروف خاصة و أراد رجل آخر الزواج منها فما العيب أو الغريب في ذلك؟ هذا كل ما في الموضوع في نظري ولا يجب أن نحمله أكثر مما يحتمل، خاصة وأن كل ما راج حول اللقاءات الخاصة المتكررة للوزير بالوزيرة وجعل يوم ميلادها يوما وطنيا للمجتمع المدني تبقى ادعاءات لا يملك عليها أصحابها دليلا، وقديما قالوا: «البَيِّنَة على من ادعى». لكن في المقابل أتحفظ وبشدة على خطوة الخطبة الرسمية التي أقدم عليها المعنيان في وقت لا زال جرح فاجعة طانطان ينزف والتي كانت تستحق حدادا وطنيا لأنها فاجعة وطن. لقد اعتاد المغاربة تأجيل أفراحهم إذا ما حصل لجارهم مكروه فكيف لوزير ووزيرة يتقلدان مسؤولية حكومية ويقدمان على الخطوبة التي، بالمناسبة- لم ينفها الوزير في تدوينته الفيسبوكية بعد أن نُشر الخبر في جريدة وطنية.

خلاصة القول: للاختلاف آداب وقواعد يجب مراعاتها وإلا تحول الاختلاف إلى خلاف يهدم ولا يبني ويعتمد الضربات تحت الحزام، ما يهمني شخصيا في الوزير الشوباني ليس زواجه أو غير ذلك، ما يهمني هو تسجيله للدكتوراه في الوقت الذي تمنع فيه الحكومة الموظفين من متابعة الدارسة ظلما في غياب تام لمبدأي المساواة و تكافؤ الفرص.. ما يهمني هو غياب الشوباني عن مجلس الحكومة لحضور المقابلة العلمية لتسجيل الدكتوراه باعتراف منه.. ما يهمني هو أن أعرف هل اقتطع من أجر الوزير بسبب غيابه غير المبرر أم لا؟.. ما يهمني هو ما شَابَ المقابلة من خروقات يجب التحقيق فيها خاصة وأن المعني وزير ويجب أن يعطي المثَل في النزاهة والاستقامة وهما شعاران يرفعهما حزبه... أما زواج الوزير من وزيرة فلا يعنينا في شيء مادام ذلك لا يخالف القانون.

 

حميد النوري، طبيب

الإعلان عن زواج الوزيرين رسوب حكومي في أول امتحان «هولوكوست» طانطان

 

للوهلة الأولى يبدو أنه موضوع شخصي ويدخل ضمن دائرة الحياة الشخصية للأفراد سواء كانوا عاديين أو شخصيات عامة .. لكن ما يثير الاهتمام في الموضوع هو الرواية والتوقيت التي تم به نشر الخبر.. أنا كمواطن لست خصما سياسيا لا للعدالة والتنمية ولست مع فصيل آخر.. لكن الملاحظ أن الرواية فيها قدر كبير من الغرابة والسوريالية «أن تذهب زوجة الوزير وأمه لخطبة زوجة ثانية وهي وزيرة زميلة و«أخت» للوزير في حزبه الاسلامي».. هذه الرواية تنطوي على مضامين معاكسة وفيها ردة عن التوجه العام للدولة التي تحاول أن تعطي وجها حداثيا ومعاصرا، خاصة في قضايا المرأة التي تحاول الانتقال من مفهوم الحريم و«العيالات» كما يحلو للسيد رئيس الحكومة أن يناديهم إلى مقولات جديدة كالمناصفة والمشاركة، هذا من جهة.. من جهة أخرى طالما تبجح الإخوة في العدالة والتنمية بتميزهم الأخلاقي والتزامهم الديني عن باقي المكونات والتنظيمات الحزبية الأخرى من أقصى يمينها إلى أقصى اليسار، غير أن الإرهاصات الأولى لطرح هذا الموضوع ـ إن صحت والحال انه ليس هناك نفي من الكوبل ـ تثير شكوك حول هذا الشعار المضلل، مثلا إعلان اليوم الوطني للجمعيات والمجتمع المدني كيوم يصادف ميلاد السيدة الوزيرة بنخلدون، العلاقة الملتبسة للسيدة الوزيرة بطليقها.. وأخيرا في هذا العجالة أرى أن توقيت إعلان هذه الخطبة فيه أولا تهريب النقاش العام من القضايا المصيرية للبلاد وخاصة الإخفاقات التي تراكمت في سياسة الحكومة خاصة في مايخص استهداف القدرة الشرائية للطبقات الشعبية وكذلك استهداف الطبقة المتوسطة وجمود الحوار الإجتماعي والإجهاز على الحرية النقابية والفشل في تدبير صندوق المقاصة محاربة الفساد وباق الأوراش المهيكلة التي تدخل في اختصاصات الحكومة.. والمهم بالنسبة لي كملاحظ أن إعلان هذه الخطبة يأتي استكمالا لمسلسل الإزدراء والاستخفاف بمشاعر الشعب المغربي حيث أنه زيادة على أن الحكومة ومعها حزب العدالة والتنمية لم يكفيها تهربها من تحمل المسؤولية والإكتفاء بالمناورة بالإستقالة لم تقم بما يجب من جبر خواطر ضحايا هولوكوست حادثة طنطان بل وحتى رهانها على الزمن والنسيان استعجله وزراؤها.. هاهي تقيم الأفراح والمناسبات السعيدة وجراح الفاجعة لم تندمل بعد.. دموع الأهالي ولوعة فقدان أرواح الأبرياء لازالت في الوجدان لم يجف ثرى قبورهم بعد لازالت حروف شواهد قبورهم لامعة.. كنت أن أظن أن أحزاننا من أحزانهم وأن ما يوجعنا يؤلمهم، لكن للأسف الشديد حتى في هذا الإمتحان الإنساني البسيط رسبوا..

لماذا السادة وزراء العدالة والتنمية عندما يذهبون إلى الأسواق ويشربون زلافة ديال البيصارة أو اكلة شعبية أو يركبون النقل العمومي ينشرون صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد بكل أريحية ولا يعتبرون ذلك حياة شخصية وعندما تكون الامور على شكل مشاكل او إكراهات يلوحون بالحياة الخاصة لماذا حلال هناك حرام هنا؟

 

دلال الصديقي، إعلامية

المعارضة أدخلتنا في نكبة سياسية

مبدئيا النهش في أعراض الناس غير مقبول، نهى عنه الله سبحانه وتعالى، فأن توظفه المعارضة في حرب سياسية، فتلك نكسة ونكبة سياسية تصيب المغرب، فعوض الانكباب على ملفات الفساد التي تنخر التعليم والصحة والسكن، والتي اعترف الوزراء أنفسهم بوجودها، يتم لعب دور البطولة للخوض في الحياة الشخصية للوزراء، نفتح ملفات الحب والزواج وإقحام أفراد عائلة الطرفين في هذه «الحرب»، والقيام مقام القاضي والجلاد. بصراحة هذا لا ينم إلا عن عجز في التعاطي مع الملفات الحيوية للبلاد، وإذا كانت النخبة السياسية، التي من المفروض أن ترقى بالمواطنين سياسيا واجتماعيا وعلميا، فإنها أبانت على أنها تعاني فقرا وضبابية في استراتيجية عملها، وتغطي على ذلك باختلاق «قضايا شعبوية» و«نزاعات فارغة». وإذا كانت المعارضة السياسية هي بمثابة صمام الأمان والرقيبة على ممارسة السلطة، فإنها الآن بممارسات لا أخلاقية مثل هذه، للأسف، لن تحظى بثقة المغاربة، ما دام أنها تتصرف من منطلق «الفضيحة» و«الشوهة».

 

أنس بنظريف، إعلاميفي هولندا

أدافع عن سمية والشوباني كمواطنين

الكتابة عن الخبر من طرف الصحافة شيء عادي، فالخبر تتوفر فيه كل الشروط، حيث أنه يتطرق لشخصين مشهورين كونهما وزيرين، وغريب كون التعدد بيقى اسثثناء في المجتمع المغربي لا يتجاوز واحد في المائة.. ربط الخبر بالبعد السياسي وبعملهما الحكومي فيه إجحاف. وأعتبر المنابر السياسية أو الإعلامية التي تصفي حساباتها السياسية مع «البيجيدي» أخطأت المعركة.. الشوباني في حالة زواجه مع سمية لم يخرق القانون، ويوافق مدونة الأسرة التي يهلل لها الجميع.. انتقادات شباط ومن مشى على منواله من الإعلاميين فيه حقد وخسة واتهامات في شرف سمية وعدم احترام شعور أسرتها.. أدافع عن سمية والشوباني كونهما مواطنين مغربيين وليس كوزيرين.

 

شامة درشول، مستشارة الإعلام والتدريب ومديرة الوكالة الكندية لتمكين المرأة

الإسلامي يمارس التعدد باسم الدين والحداثي يمارسه باسم الحب

طرح المعارضة لموضوع من هذا القبيل لا يزيد إلا إضعافا للمعارضة، ويظهر أنها لا تعارض إلا في مواضيع ليست بالأهمية التي تريد أن تجعلها منها. من ناحية الخبر الصحفي، هو موضوع إعلاميا يجب الإخبار به لأنه يتعلق بشخصيتين عموميتين ينتميان لحزب واحد يشارك في الحكومة، ويعرض شيء لم يعد متعارفا عليه بقوة في المغرب وهو التعدد، وبالتالي، إعلاميا، الموضوع مثير ويغري بتداوله، لكن سياسيا، لا. المشكلة هو في طريقة طرح الموضوع، وأنه أخذ أبعادا كبيرة تلفت انتباه الرأي العام بعيدا عما يجب أن يهتم به فعلا، وحين طرح لم يطرح في إطار حداثي والذي يفرض أنه يحترم خصوصية وحياة الناس. الوزير مارس حقا يضمنه له القانون، وهو اتخاذ زوجة ثانية بموافقة وإخبار الزوجة الأولى، فانتقاد ما قام به الوزير هو انتقاد لممارسة حق يضمنه قانون المغرب وهو سلوك يمس بممارسة المواطن كيفما كان لحقوقه المضمونة قانونا الشوباني قدم صورة مغايرة عن الاسلامي الذي يتزوج بـ «صطاشية» وبِكر، في حين تزوجها خمسينية مطلقة وبأبناء.. الشوباني صاحب المرجعية الإسلامية لم يمارس حقه في التعدد مثنى وثلاث ورباعا إلا حين وقع في الحب وهو ما يحصل للكثير من الحداثيين لكنهم يكونون بين مطرقة الطلاق وتخريب المظهر الاجتماعي أو سندان ممارسة الحب في الظلام للحفاظ على الأسرة والمظهر الاجتماعي، المتهمون للشوباني بالتطبيع مع التعدد عليهم أن يوجهوا اتهاماتهم لأعلى سلطة في البلاد وافقت على ما جاء في المدونة وأيضا للبرلمان الذي صوت بتمرير المدونة التي تسمح بالتعدد وإن قننت منه.. التعدد موجود في عرف الإسلامي كما في عرف الحداثي، الفرق أن الإسلامي يمارس التعدد باسم الدين ويحاول إحداث توازن بين أسرته وبين قلبه فيقدم لقب الزوجة لحبيبته دون المساس بزوجته الأولى، في حين أن الحداثي يمارس التعدد باسم الحب، وباسمه أيضا لا يرض لحبيبته بمكانة أكثر من عشيقة...وهنا نتساءل هل النظام المدني يظلم المرأة كما نعتقد، أم أن النظام الديني قد يظلمها حين يمارس التعدد بشكل عشوائي؟

 

علياء زحل، واعظة بالمجلس العلمي المحلي لمقاطعة عين الشق

الشعب لن يقع في شراك الفاشلين سياسيا

من حق الوزيرين كمواطنين وكإنسانين أولا أن تكون لهما حياتهما الخاصة التي يعيشانها بمعزل عن تدخلات الآخرين، وإقحام علاقتهما الطبيعية والشرعية في النزاعات السياسية من قبل المعارضة ليس له ما يبرره.. بل أكثر من ذلك هو يدل على المستوى المتدني أخلاقيا وثقافيا الذي وصل إليه بعض السياسيون في بلدنا لدرجة أن يبيحوا لأنفسهم الخوض في أعراض الناس.. وهو ما لا يحقق أي نفع لا للوطن ولا لهؤلاء الخائضين. وأظن أن الشعب المغربي صار واعيا بما يكفي بحيث لا يمكن أن يقع في شراك هؤلاء الذين فشلوا سياسيا وشعبويا فصاروا يغطون على فشلهم بالدخول في مواضيع لا تفيد المغرب لا من بعيد ولا من قريب..بل تشغل الرأي العام عن القضايا الكبرى المصيرية.

 

أمينة التوبالي، فاعلة جمعوية وإعلامية

أيهما أهم: فاجعة طانطان أم خطوبة الوزير؟

يبدو أن موضوع خطبة الوزير الشوباني للوزيرة بن خلدون شغل العديد من الفاعلين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، فعند أول إشارة للموضوع من طرف شباط زعيم حزب الاستقلال داخل مهرجان خطابي، لم نتقبل إثارة الموضوع لأن خصوصيات الوزراء لا تهمنا بقدر ما يهمنا أداؤهم ومدى التزامهم ببرامجهم ونزاهة عملهم وترشيد نفقات الدولة العمومية، وهو الشيء الذي نترقبه من المعارضة، تتبعه بشكل محكم من خلال تقديمها لبدائل عند كل عثرة في الأداء الحكومي وليس تبادل التهم والسب والشتم والمس بالأعراض، لأن الشماتة مشتركة كما يقال عند أهل الصحراء «ضحكة فينا ماضحكنا...»

فواقع النقاش السياسي ببلادنا لا يبشر بالخير خاصة حينما ينشغل المسؤولون بالقشور وينسون الأساس، فنحن لم نلملم جراحنا من حرقة فراق أجساد مواطنين أحرقتهم نيران الغدر وسوء الطريق التي طالما صُمَت أذاننا بجودتها، لقد توفي 34 مواطنا وليسوا بحشرات حتى يتم السطو على موضوعهم لاستبداله بموضوع خطوبة الوزير.

ولا أظن الموضوع كان سيأخذ أهمية لولا تم اختيار عيد ميلاد الوزيرة للاحتفال وطني حسب ما أوردته الصحف، خاصة وأن الأمر يتعلق بوزيرة وليست مواطنة عادية،إضافة أن هناك من انتقد الموضوع من باب التعدد، رغم أن التعدد موجود في مجتمعنا سواء في العلاقات المشروعة أو غير المشروعة، أو لأن الموضوع يعني عنصرين في حكومة واحدة.. وفي جميع الحالات شخصيا لا يهمني الموضوع رغم أني قد أعلنت تضامني مع سمية المرأة، حين تم الهجوم عليها، باعتبار أن المدافعين عن الحريات الفردية يجب أن يعوا أن المسألة شخصية مئة بالمئة ونحن غير معنيين بسلوكاتهم الشخصية، فنحن وهم لسنا بملائكة، لكنهم مسؤولون عن سير أمور وطننا وسوف يحاسبون إن قصروا في مسؤوليتهم الإدراية، كما ستحاسب المعارضة على مسؤوليتها السياسية في تعطيل مصالح المواطنين كلما أضعفت من مهامها لأن المرحلة تتطلب حكومة فاعلة ومعارضة قوية ونقاش موضوعي..

 

ليلى بارع، شاعرة

يجب أن يوسع النقاش حول زواج الوزيرين من مساحة الحريات الفردية

أصبح الخلط بين الحياة الخاصة والحياة العامة والمهنية لبعض الشخصيات السياسية المغربية جزء من التعاطي مع الشأن العام المغربي وهذه مسألة نجد لها أمثلة مشابهة في الإعلام الأمريكي والأروبي وفي عدة قضايا مثلما حدث في قضية حمل الوزيرة الفرنسية رشيدة داتي أو قضية بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي أو ارتباط الأميرة ديانا بدودي الفايد ودخول الباباراتزي على الخط مما أدى إلى نهايتها المعروفة أو في تعاطي الصحافة الفرنسية مع رئيسها حين تم تصويره في زيارة خاصة لممثلة فرنسية.. وإن كان من الواجب والضروري توخي الموضوعية والحياد في التعاطي مع الخبر إعلاميا فمن الطبيعي حاليا، في كل الدول الغربية؛ أن تتوفر الشخصيات العمومية على مستشارين إعلاميين قادرين على توجيهها في مثل هذه الحالات للتواصل الواضح مع الإعلام...ففي غياب الخبر الصحيح تتناسل الإشاعات...

والنقاش اليوم حول حق الوزيرين في حياة خاصة هو جزء من النقاش حول الحريات الفردية التي يجب احترامها داخل المغرب الحديث سواء تعلق الأمر بأشخاص منتمين لهذا التيار أو غيره.. شريطة عدم خرق القانون.. لذلك ونحن أمام مشروع المدونة الجنائية أتمنى أن يتم استغلال هذا النقاش من أجل مساحة أكبر للحريات الفردية لكل المغاربة والتي أرى أنها بحاجة لتعزيزها كما يليق بأي دولة ديمقراطية..

 

نجاة البوعبدلاوي، صحافية المغرب

يواجه تحديات في قضية الصحراء، والحكومة منشغلة في الحب والغرام

 

موضوع الشوباني وبنخلدون موضوع شائك ومثير للجدل، لأن المفروض في وزراء العدالة والتنمية احترام الشعار الذي سرقوه من شباب 20فبراير، والمتمثل في محاربة الفساد والمفسدين. لكن في كل مرة نفاجأ بتخريجة جديدة لابن كيران كان أولها عفا الله عما سلف، ليتبين لنا أن حزب «المصباح» يحمل شعارات لايؤمن بها هو بنفسه، بل يحملها من أجل تمويه الشعب المغربي، وإيهامه أنهم الحزب الوحيد الذي يحمل عصا موسى وسيحل كل المشاكل في دقائق معدودة. قبل أن يشاركوا في الحكومة كانوا يطبلون بجميع الآلات ويصرخون من أجل الاصلاح ليتبن لنا أن الحكومة الملتحية في نسختها الأولى عدلت من أجل أن تدخل بنخلدون للاستوزار، لأن الشوباني كان من أشد وأشرس المدافعين عليها، فبعد تعيينه كانت سمية تشغل منصبا في وزارة أخرى لكنه طالب بتوظيفها في ديوانه وهنا بدأت القصة فبدلا من أن ينشغل الوزير بمهامه كان منشغلا بحب امراة متزوحة وجدة لها أحفاد.

أنا هنا لست ضد الشوباني وعشقه لسمية، لكن ضد الميوعة والاستهتار وتبخيس مجهودات النساء في مطالبهن من أجل عدم التعدد؛ الشوباني وبن خلدون المنتميان للحكومة الملتحية غلبتهما الأنانية، ولم يحترما لا الشريعة الإسلامية ولا القانون الوضعي ولا مشاعر الزوجة الأولى. لا أظن أن غرامهما كان وليد الصدفة، ولكن كان خيانة مع سبق الإصرار والترصد. أما مسآلة كون القضية ذات شأن عام أو خاص، فالوزيران شخصيتان عموميتان، ويجب عليهما احترام المغاربة لأن العمل الحكومي بحاجة إلى التضحية وليس إلى الغرام، فكفى عبثا، العدالة والتنمية تريد أن تقحمنا في ثقافات خارجة عن تقاليدنا وديننا الحنيف، كيف يعقل لرجل ينتمي لحزب يدعي أنه إسلامي أن يقترف مثل هذا الجرم ويحرض امرأة على الطلاق لكي يفوز بها، وكيف لامرأة جدة أن تفكر في انتزاع زوج لزوجته وأولاده وتدخل حياتهما؛ لكي تبني حياتها على أنقاض حياة أخرى امرأة مثلها . نحن الآن لم نر جديدا من هذه الحكومة التي أصبحت تعيش قصصا غرامية بدلا من الانكباب على قضايا المواطنين والبلاد وقضايا المجتمع والوطن.

ما أستغربه هو أن حزب العدالة بارك هدا الزواج؛ واستحسنه ولم نر بوانو أو آخرون ممن يسخرهم الحزب في شن حملات مسعورة ضد الآخر يتكلمون؛ سبحان الله يحللون ويحرمون كيفما يشاؤون. تمر البلاد بمرحلة دقيقة وحزب العدالة والتنمية مشغول بحفل الزواج والغراميات فهل بهذا سندافع عن القضية الوطنية، وهل بهدا الحب سنشغل الشباب العاطل وسيتقدم المغرب وسنحارب الفساد؟

 

فتيحة أعرور، إعلامية وناشطة حقوقية

وزراء حكومة بنكيران منشغلون بأمورهم العاطفية على حساب الشعب

من حقنا أن نطرح التساؤل حول جدوى الضجة التي أثارتها علاقة الوزيرة سمية بنخلدون والحبيب الشوباني والتي تزامنت مع ظهور «شيخ» يدعى الصمدي في هذه الظرفية بالذات، فقد حدث ذلك فجأة ومباشرة بعد حادثة «طانطان» المأساوية التي راح ضحيتها 35 طفلا والتي تستوجب فتح تحقيق وتحديد المسؤوليات من أجل المرور إلى المحاسبة.

كان يمكن لعلاقة بنخلدون والشوباني أن تكون عادية لولا أن حدود الحياة الخاصة وحماية حرمتها تضيق كثيرا عندما يتعلق الأمر بمسؤولين كبار في الدولة حيث يتداخل الخاص بالعام إلى حد كبير، كلنا يتذكر قصة بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي التي كادت أن تعصف بمستقبل كلينتون السياسي.

اليوم يطرح نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي الكثير من الأسئلة حول تحمل سمية بنخلدون لمسؤولية إدارة ديوان الوزير الشوباني في السابق ثم استوزارها في ما بعد...

من جهة أخرى إن قبول سمية بنخلدون أن تكون زوجة ثانية لرجل متزوج، واصطحاب السيد الشوباني لزوجته كي تخطب له امرأة أخرى فيه إشارة سيئة جدا من قبل مسؤولين في الحكومة. سيقول كثيرون إن هذين الأخيرين منسجمان مع توجههما الفكري والديني ولا عيب في الأمر وأن التعدد غير ممنوع في الإسلام، لكن لم لا يريد أن يعترف هؤلاء بأن عدم تعدد الزوجات هو القاعدة في الإسلام وأن التعدد هو الاستثناء خاصة إذا ما استحضرنا أضرار التعدد وتأثير السلبية على الأطفال والزوجة الأولى خاصة في العصر الحالي. ثم هناك أشياء كثيرة ينتظرها المغاربة اليوم من حكومة بنكيران تخص مستقبل البلد والصالح العام، فهؤلاء يبدو أنهم منشغلون بأمورهم العاطفية أكثر من أي شيء آخر.

كنا ننتظر من هذه الحكومة أن تسهر على تطبيق الدستور بالرغم من العلات الكثيرة الموجودة فيه، لكن اتضح مع مرور الوقت أن الديمقراطية هي آخر ما يشغل بال الإسلاميين الموجودين في الحكومة اليوم، فهم في واد وتطلعات المغاربة في واد آخر.

 

صبري الحو، محامي

زواج الوزيرين فتح شهية المنظمات الدولية ضد المغرب

نحن في المركز المغربي للحريات والحقوق نعتبر أن إثارة هذه القضية وهذه العلاقة غير مجد لكونها تدخل في باب الحريات الخاصة لكل شخص بغض النظر عن موقعه وصفته، والتي لا يجوز لأي كان النبش فيها والمساس بها، فبالأحرى تعويمها كنقاش سياسي على رأس أجندة وأولويات مكونات سياسية، كان حريا بها الاهتمام بها والخوض في قضايا مصيرية كقضية حقوق الإنسان وسبل حمايتها وتعزيزها والنهوض بها وقضايا.

ولقد فصلت اجتماعات المركز المغربي للحريات والحقوق في هذا الموضوع وخلصت أن النقاش الحالي يعبر عن عجز مؤسسة الحكومة والبرلمان على السواء الخوض في نقاش عمومي تكون محاوره إنتاج قواعد ونصوص تنظيمية لتفعيل مقتضيات الدستور الجديد بدليل أن الحصيلة التشريعية من حيث تقديم أو المصادقة على القوانين التنظيمية منذ بداية الولاية البرلمانية الحالية وهي في عد عكسي لانصرامها لا تتجاوز رؤوس الأصابع.

ويستهجن المركز انحدار لغة الخطاب السياسي التي أضحت تتناول أعراض الناس وقضايا هامشية مشخصنة وجد ضيقة، ويدعو إلى الرقي بالنقاش السياسي والفكري ليتناول إصلاح منظومة العدل وتحديث الإدارة والشفافية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والقضية الوطنية وغيرها من القضايا ذات الأولوية.

وعودة إلى الموضوع وبعيدا عن ما يمليه من تحفظ واجب في كل الأمور ذات العلاقة بالحريات والحقوق الفردية والخاصة لكل فرد والتي لا يجب أن تكون محل تشهير. فإننا في ذات الوقت نسجل أن صورة المغرب وفق ماتم إظهار السعي إليه من خلال إعطاء المرأة مكانة خاصة وتستحقها دون تمييز، وتم الإشهاد على ذلك دوليا، سواء بتوقيع المغرب على الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة أو من خلال ما تشكله مدونة الأسرة من ثورة في الأحوال الشخصية، سيكون محل تساؤل على الأقل في نظر بعض المنظمات الدولية التي قد ترى في ممارسة وزير لتعدد الزوجات نكوصا أو تراجعا عن مسلسل الاصلاح..

 

فاطمة الزهراء ماء العينين، حقوقية

المغرب يعيش فوضى سياسية

لم يعجبني بتاتا الطريقة التي تمت بها استغلال علاقة إنسانية وحياة شخصية مهما كانت ظروفها وأسبابها وسلبياتها وإيجابياتها..وتأكدت أن السياسية لعبة خبيثة بلا مبادىء ولا أخلاق.

من الناحية الحقوقية هو شأن خاص جدا ولكل منا الحق في ممارسة حياته واختياراته بكل حرية.. واستغربت لعدم تحرك الجمعيات النسائية والمناضلين الحقوقيين بغض النظر عن اختلافهم الإديولوجي مع حزب العدالة والتنمية..

أظن أن المغرب يعيش حالة من الفوضى السياسية وعدم القدرة على تحديد المرجعيات والفرق مابين المباح وغير المباح، والحروب بين الأحزاب التي تعيشها الساحة السياسية مؤخرا لاتبشر بخير أبدا والضحية هو الشعب.