انتقد الشاعر السوري أدونيس غياب الحداثة العربية رغم كل الإنجازات التي حققها الكتاب والمبدعون العرب في جميع الميادين، مؤكدا أن هذه الحداثة لن تتحقق إلا إذا تغير مسار الفكر والعقل.
ودعا أدونيس إلى "القطيعة" مع الموروث الثقافي المتراكم من مئات السنين واليقينيات التي يقوم عليها التراث العربي من خلال إحياء البحث والتساؤل والتفكير للوصول إلى ما يمكن أن نسميه حداثة.
ففي ندوة بعنوان "نحو خطاب ديني جديد"، مساء أمس الأربعاء، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، قال الشاعر أدونيس "الأطروحات والأفكار والقطائع التي حدثت بدءا من القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) وبشكل خاص في بغداد أكثر جرأة وأكثر عمقا وأكثر جذرية من أطروحاتنا المعاصرة اليوم".
وطرح أدونيس تساؤلات بشأن ما يجري في المنطقة العربية حاليا من عنف وصراعات قائلا "ما هو المشروع العربي اليوم للوقوف في وجه التطرف الديني؟ أين هو؟ ماذا تقدم الأنظمة؟ .. والجواب ليس لدينا أي مشروع"..
وأضاف أن على البشر الذين يعيشون في هذه المنطقة الفريدة من العالم في دول مثل مصر وسوريا والعراق التي أسهمت في صنع الحضارة البشرية مسؤولية أمام التاريخ وأمام الآخر.
وعن الحداثة والدين قال "لا يوجد ما يسمى تجديد للدين. فكل تجديد للدين هو دين جديد لكن يمكن أن نغير تأويلنا للدين. كل تأويل هو تقويل للنص. نأول النص أي نفرض عليه أن يقول شيئا مختلفا.. فالتأويل تقويل"..
وأضاف "أي نص مهما كان عظيما إذا مر في عقل صغير، فإن هذا النص يصغر، وإذا مر في عقل كبير فهذا النص على العكس يكبر".
وتابع قائلا "ليس هناك إسلام حقيقي وإسلام غير حقيقي، إنما قد يكون هناك مسلمون معتدلون ومسلمون متطرفون تبعا لقراءاتهم وتأويلاتهم.. لكن الإسلام واحد".
لكن أدونيس لم يكتف بالنقد وتشريح الواقع الثقافي والمعرفي للمنطقة العربية، بل عرض نواة مشروعه الخاص للحداثة العربية، ولخص رؤيته في أربع نقاط.
قال "أول قطيعة يجب أن تقوم في الثقافة العربية الراهنة هي القطيعة مع القراءة السائدة للدين وقراءة جديدة للدين" تفصل بين الدين والدولة "لأن الإسلام رسالة وليس دولة". وأضاف "ليس هناك أي نص ينص على أن الإسلام دولة أو على أن الدين دولة، والرسول تحدث في جميع الأشياء حتى في الأشياء الخصوصية للإنسان الفرد، لكنه لم يتحدث مرة واحدة عن الدولة الإسلامية التي يجب أن تقام"..
وعن النقطة الثانية قال "يجب أن تنشأ جبهة مدنية علمانية على المستوى العربي تكون شكلا جديدا من انتقاد الموروث وإعادة النظر فيه والتأسيس لقيم جديدة وعلاقات إنسانية جديدة والمجتمع الجديد".
وتابع "النقطة الثالثة.. هي تحرير الثقافة العربية من الوظيفية. كل شيء من أجل الثقافة لكن الثقافة هي من أجل الحرية.. مزيد من الحرية مزيد من المعرفة مزيد من انفتاح الآفاق".
وختم بقوله "النقطة الرابعة.. لا مفر لنا من الديمقراطية لأنه بدون الديمقراطية لا حرية ولا حقوق ولا مساواة".