Thursday 11 December 2025
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: فاجعة فاس.. مأساة قبر الحياة 

إدريس المغلشي: فاجعة فاس.. مأساة قبر الحياة  إدريس المغلشي
لا أدري سر تداول المغاربة لمفردة بها نقيضين: القبر والحياة. وهم يعبرون عن فرحتهم في السعي للحصول على منزل يأوي العائلة . فالقبر مرادف للموت فكيف يلتقي بالحياة ؟ ومن غرائب الصدف كذلك أن تقع الكارثة في حي سمي عطفا بل وزورا بكلمة المستقبل في زمن وفضاء غابت فيه كل مقومات والمؤشرات التي تدل عليه . أكل هذه المتناقضات والتي اجتمعت في وضع استثنائي رأينا كيف وقعت فاجعة فاس التي خلفت وراءها عدد من الضحايا والجرحى التي تبقى مرشحة للارتفاع في غياب رقم محدد ونهائي يطرح العديد من الاسئلة رغم ان مثل هذه الكوارث خصوصا في المدن العتيقة التي تشكو الهشاشة تبقى مرتعا خصبا لمثل هذه الاحداث المؤلمة والتي تفضح كثيرمن اعطاب علاقة المواطن مع المصالح المختصة والتي تشير كثير من التقارير لوجود بنية فساد تستغل حاجة الناس لسكن يحفظ كرامتهم ويضمن استقرار العائلة ويقيهم من لهيب كلفة كراء لاتطاق ومن جحيم بناء عشوائي تفتقد فيه شروط الحياة الكريمة لكن مايؤسف له في مثل هذه النكبات التي تحل بالوطن دون ان نستفيدمنهابفتح تحقيق وترتيب الجزاءات وتعويض الخسائر للمواطنين الذين فقدوا كل شيء وكذلك التوعية والعمل مع الحرص على تمكين العائلات المعوزة من مساطر مبسطة وأثمنة تتوافق مع إمكاناتهم المادية وعدم دفعهم ليصبحوا عرضة للوبيات التي تستغل مآسي الناس وضعفهم .

ونحن نتتابع التغطية الإعلامية للحدث وهي ترصد وجوها مكلومة ودموعا يطبعها القهر ووكلمات تتسلل ببطء محتشمة دون ان تقوى على البوح عينة من المواطنين الذي نسيهم الكل في خضم حياة كلها تعب وكد.لكن استغرب كيف نكتفي بصورمسؤول عن الصحة الإقليمي وهو يحصي الخسائرليقدم عددالموتى ودرجة خطورةالجرحى وإمكانات المستشفى التي غاليا ماتكون متواضعة.سنسمع كذلك عن فتح تحقيق دون ان نقف له على نتيجة تذكر.  وتستمر العاصفة دون ان نصحح اعطابناالداخلية بمايقوم اعوجاج بعض السلوكات التي تساهم في تكرارتلك المآسي حتى بتنا نتساءل متى نوقف نزيف هذا الهدر الفضيع التي تزهق فيه الارواح ونتكبد خسائر لا حصر لها وليسمو القانون على كل التصرفات؟؟؟

لم نسمع حضورالوزارة المعنية لتقديم التعازي للأسر المكلومة  والتوضيحات والإجراءات الضرورية .غابت للاسف كعادتها   وتخلت وزيرة الإسكان عن دورها الاخلاقي والوظيفي وهي  الغارقة في مشاكلها الداخلية ولم تعد قادرة على تدبير مدينة غارقة في الفوضى فكيف ستلتفت إلى جهة لازال اقليم فيها منكوبا تحت وطأة ظروف مناخية صعبة تعطي الانطباع اننا امام مسؤولين ليس من اولوياتهم ماكلفوا به من خلال صميم اهتمامهم .لقد اصبح يقينا أننا نعيش مستويين الاول وضعية (مروكو الهاي كلاس) الراقي والممركز والثاني المغرب الهامش من الدرجة الثانية وهو امر يزكيه خطاب جلالة الملك الذي كشف حقيقة السرعتين التي يبدو ان البعض حريص على الحفاظ على المسافة بينهما وغير مستعدين لتقليصها. فإلى حين يتحقق هذا الحلم العنيد مع كثير من الإصرار  لنصبح شعبا واحدا.لانملك سوى الرحمة والمغفرة للموتى والشفاء للجرحى .