للأسف زعماء الأحزاب السياسية في المغرب يحتكرون التواصل، ويحتكرون كل شيء، وهذا ما يعاني منه الشباب، وهو ما يؤدي الى العزوف سواء منه الانتخابي أو السياسي، فأمين عام الحزب أو كاتبه الأول هو لسان حال الحزب ويحتكر كل الأمور التدبيرية، حيث تجده يتكلم في الرياضة وفي السياسة، وفي الصحة، وفي الإعلام، وفي كل المجالات، مقابل استبعاد وتهميش كل الفعاليات وكل في اختصاصه من طرح رؤية الحزب لظاهرة معينة أو حدث معين، أو التفاعل مع تطور معين أو ظرفية معينة، وهذا لا يعني بأن الأحزاب المغربية عقيمة بقدر ما هناك احتكار لتدبير الحزب من طرف رئيس الحزب أو أمينه أو كاتبه العام، وهذا يعد أحد الأمراض المستعصية في الأحزاب السياسية في المغرب، لدرجة أن هناك من قادة الأحزاب ورؤسائها من لا يرغب في ترك منصبة لولاية ثالثة أو رابعة وربما الى الأبد الى حين تذكره من قبل العناية الإلاهية، وهو ما أثر بشكل كبير على الحياة الحزبية وجعل من الأحزاب عبارة عن "شيخ ومريده" كما لو أن الحزب بمثابة ضيعة تم تسجيلها باسم الأمين العام أو الكاتب العام أو رئيس الحزب وهو ما يؤثر بشكل كبير على أداء الحزب، ولا حتى على التفاعل الداخلي، لدرجة أن هناك استبعاد لتوجهات ورؤى أطراف أخرى تحاول أن يكون لها دور في الحياة السياسية من خلال العمل داخل الأحزاب، وهذا أحد الأسباب التي تجعلها غير قادرة على الإلمام بمطالب الشباب واستيعابهم وتأطيرهم، لدرجة أن هناك احصائيات تشير الى أن عدد ما تؤطره الأحزاب السياسية في المغرب لا يتعدى 3 في المائة، وهو ما يعني أن نسبة 97 في المائة من الشباب والفئة الناخبة يتم تأطيرهم عبر الإعلام أو من خلال الشبكات الاجتماعية أو جمعيات المجتمع المدني، وهذا يعد من النقائص التي تمس الحياة الحزبية والسياسية في المغرب. أتمنى أن تنتبه الأحزاب السياسية لهذه المعضلة، خصوصا وأن ملك البلاد ما فتئ يطالبها بتحسين أدائها كي يكون لها دور مهم في الحياة السياسية لا أن تكون مجرد دكاكين انتخابية تفتتح في المحطات الانتخابية وتقفل بعد صدور النتائج مما يساهم في عزوف الشباب عن العمل السياسي وبالتالي افتقادهم للتأطير، علما أن عدد من التظاهرات الاحتجاجيات تتم تحت يافطة تنسيقيات بدل الأحزاب والنقابات، كما حدث مع احتجاجات جيل زيد، لذلك أعتقد أن ما يجري يسائل الأحزاب السياسية أكثر من غيرها ويفرض عليها مسؤولية تأطير الشباب والعمل على التقرب منهم والإنصات لمطالبهم واستيعابهم داخل تنظيماتها.
كتاب الرأي