Saturday 18 October 2025
Advertisement
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: ماذا بقي لهذا المشكل المفتعَل لكي تنفكَّ عُراه؟!

محمد عزيز الوكيلي: ماذا بقي لهذا المشكل المفتعَل لكي تنفكَّ عُراه؟!
على مرمى حجر من هذه اللحظة، يقترب موعد اجتماع مجلس الأمن الدولي، المخصص سنوياً، وكالعادة، للتباحث بشأن النزاع المفتعَل حول الصحراء المغربية، ولاتخاذ القرار الأممي، السنوي أيضاً، بخصوص بقاء بعثة المينورسو العسكرية بالمنطقة، أو سحبها، أو تقليص مكوّناتها، أو أيضاً، تبديل اسمها تبعاً لتغيير مهامها، التي كانت منذ البداية مقصورة على الإعداد لاستفتاء تأكّدت منذ البداية أيضاً استحالتُه، وذلك بإقصار تلك المهام على مراقبة وقف إطلاق النار، أو بالأحرى، مراقبة السلوكات الرعناء التي دأبت "ميليشيا الجزائر الجنوبية" على ممارستها، منذ إعلانها إلغاء العمل، من جانب واحد، باتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الهيأة الأممية سنة 1991، ومرورها رأساً إلى إنتاج البيانات العسكرية الصورية والخيالية، التي تَجاوز عددُها الآن الألف بيان، والتي لو صَدَق فحواها لكان المغرب في هذه الأيام مستعمَراً من لدن الجزائر وميليشياتها الجنوبية!!
على مرمى حجر إذَنْ من اجتماع مجلس الأمن المخصص لهذه المسألة، وقعت أحداث لا شك أنها شابت لها الولدانُ في الموراديا ومحيطها، وفي نادي الصنوبر، "والكاس يدور"... من بينها، التحوّل البطيء، ولكن الثابت والأكيد، في موقف جمهورية الصين الشعبية من هذا الملف، وميلها غير المسبوق إلى الطرح المغربي، ليس خيانةً لصداقتها المتأصلة أيديولوجياً مع الجزائر، ولا لانتقالها هي ذاتها من المعسكر الاشتراكي التقليدي إلى نقيضه الليبرالي، وإنما لأنها دولة براغماتية تتجه حيثُ تسيرُ مصالحُها الأكثر حيويةً، وبالتالي فهي ترى الآن أن هذه المصالح تسير جنباً إلى جنب مع المصالح المغربية، تجارياً وصناعياً وثقافياً وخدماتياً..  وبالتالي دبلوماسياً وسياسياً، بعد أن صارت علاقاتُها مع الجزائر على هذه الأصعدة جميعِها مجرد "خضرة فوق طعام"، بلا أي حاضر متحرّك وفاعل، ولا أي آفاق مستقبلية واعدة!!
لأجل هذا فضّلت الصين، "اضطراراً لا اختياراً"، العمل بمبدأ "رابح/رابح"، الذي اتخذه المغرب شعاراً لهذه المرحلة من تاريخه، وجعل منه رأس الحربة في مختلِف معاملاته وشراكاته مع كافة دول المعمور...
ولأن الخير لا يأتي منفرداً إلاّ في النادر من الأحوال، فقد انضافت إلى الصين دولة أخرى من كبريات الدول وعضو آخر من الأعضاء الخمسة الدائمة والمتمتعة بحق الفيتو في مجلس الأمن، وهي الجمهورية الروسية، التي سارت على منوال الصين بالتمام والكمال، بفضل شراكات جديدة وضخمة أصبحت تجمعُها بالمغرب، يأتي في مقدمتها اتفاق الصيد، الذي سمح لكبريات بوارج الصيد الروسية بالدخول إلى المياه الإقليمية المغربية، وخاصة الموجودة منها في مواجهة شواطئ أقاليمنا الجنوبية، فضلا عن استثمارات روسية بالمناطق ذاتها سجّلت قيمتُها الإجماليةٌ أرقاماً فلكية!!
ولكي تكتمل الفرحة في الموراديا، صدرت عن وزير الخارجية الروسي تصريحات، في إحدى ندواته الصحافية، شدد فيها على مصداقية المقترح المغربي للحكم الذاتي، وألقى من خلالها المزيد من الضوء على الحجم المُهْوِل الذي اتخذته الشراكة المغربية الروسية... وهو الأمر الذي أصبح معه أمنُ الأقاليم المغربية الجنوبية واستقرارُها لَصيقَيْن بأمن واستقرار المصالح والاستثمارات الروسية العملاقة بالمنطقة... وهذا وحده سيكون له لا محالةَ ما بعده!!
وبهذا صار الأعضاء الدائمون بمجلس الأمن مُنضوين ولو بدرجات متفاوتة إلى الموقف المغربي، وصار في حكم المستحيل أن يصدر، عن أي عضو من هؤلاء الأعضاء، ما من شأنه أن يُعرقل المساعي الأممية في إيجاد حل نهائي لهذا المشكل وإقفال ملفه كلّيةً وإبعادِه من موائد الحوار الدولي إلى غير رجعة!!  
تُرى، أي وَقْعٍ سيكون قد تركه هذا الواقع الجديد والمتغيّر داخل دواليب السلطة العسكرية الحاكمة في الجزائر؟!
 وأي خطوة يمكن ان تصدر عن ذلك "الديك المذبوح" غيرَ التسليم بالأمر الواقع، والرضوخ للإرادة الدولية، والإقرار بالتالي بمشروعية الموقف المغربي، ثم الاستعداد من الآن فصاعداً للخوض في الملف الموالي والمباشر، الذي سيأتي لا محالة على ما تبقى من كرامة عند ذلك النظام الذي فقد كرامته بفقدانه للُعبة البوليساريو وجمهوريته الورقية، ألا وهو ملف صحرائنا الشرقية، الأمر الذي سيجعله في موقف لن يَحسُدَه عليه أحدٌ من العالمين، وخاصة بعد التنامي المنتظَر والمتوقَّع لمَطالب شعب القبايل، الذي ينتظر بدوره أن يتحقق تقريرُ مصيرِه واستقلالُه...
ومرة أخرى، المغرب أمامكم والمغرب وراءكم فأين المفر يا جارة الشرق؟!!  
محمد عزيز الوكيلي،  إطار تربوي متقاعد.