مع انطلاق الحملة الدعائية للفيلم الكوميدي السينمائي المغربي الطويل "زاز"، تفاعل الجمهور مع الوصلات الدعائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتعددت الآراء حول الفيلم قبل أن تُعرض مشاهده الأولى في القاعات. فبمجرد نشر الصور والملصق الرسمي ومقتطفات قصيرة من الكواليس، بدأ سيل من التعليقات، بعضها مرحّب ومتحمس، وبعضها الآخر متحامل ومتسرّع في إصدار الأحكام.
الفيلم، الذي يحمل توقيع المخرج يوسف المدخر، ويجمع في بطولته وجهين من خارج الصف الأول وهما الممثل عبدو الشامي في دور "زّازَ" والممثلة سارة دحاني في دور حليمة "زوجة زاز"، يمثل تجربة كوميدية مغربية جديدة تراهن في البطولة على الوجوه غير المستهلكة عند المشاهد المغربي، نظرا لطبيعة فكرة الفيلم التي تتطرق للشهرة عبر الإنترنت، ويرتكز الفيلم أيضا على المزج بين الضحك الساخر والدراما والتشويق البوليسي، من خلال تقديم نظرة معاصرة حول الشهرة الرقمية وتأثيرها في حياة الإنسان وانعكاسها على الأسرة والمجتمع. غير أن الحملة الدعائية، التي انطلقت على نطاق واسع عبر الصحافة و وسائل التواصل الاجتماعي، وضعت الفيلم مبكرا تحت مجهر التقييم، قبل أن يكتشفه الجمهور داخل القاعة ابتداء من يوم الاثنين 3 نونبر 2025 في العرض ما قبل الأول بسينما ميغاراما بالدار البيضاء.
ويبدو أن ظاهرة الحكم المسبق على الأعمال الفنية أصبحت سلوكا متكرّرا في المشهد الثقافي المغربي، حيث تتشكل المواقف أحيانا من صورة أو عنوان، أو ملصق دون انتظار مشاهدة الفيلم والإطلاع على التجربة الكاملة بالصوت والصورة. وهو ما يطرح تساؤلات حول علاقة بعض المبحرين في عالم الإنترنت مع تقنيات النقد، وحدود التفاعل بين الترويج الفني والرأي الرقمي السريع.
فيلم "زاز"، بحسب فريقه الفني، لا يسعى فقط إلى الإضحاك، بل إلى طرح تساؤلات اجتماعية وإنسانية حول التحولات التي فرضها العالم الرقمي، في قالب يجمع بين الخفة والعمق. لكن الطريق نحو القاعات يمر، كما يبدو، عبر امتحان أولي أمام الجمهور الافتراضي الذي صار شريكا في صناعة الانطباع قبل صناعة النجاح.
يرى النقاد أن شهرة ونجاح الأفلام، لا تُقاس اليوم بعدد المقاعد المملوءة في القاعة فقط، بل بعدد التفاعلات التي يثيرها قبل عرضه. لقد أصبحت الحملة الدعائية نفسها جزء من "الفيلم الموازي"، حيث يشارك الجمهور في بناء السردية الدعائية عبر التعليقات، والهاشتاغات، والميمات الساخرة.
وهكذا، تحوّل الفضاء الرقمي إلى ساحة تجريب للنقد الجماعي غير المنهجي، يُصدر فيها المتابعون أحكاما عن الجودة والجمالية في آن واحد، دون وساطة نقدية أو انتظار للمشاهدة الفعلية. هذه الظاهرة، التي يمكن تسميتها بـ"الفرجة الرقمية المسبقة"، تكشف عن تحوّل في علاقة الجمهور بالفن: من متفرج ينتظر العمل إلى مشارك يفرض رأيه على مسار استقباله.
وبين فرجة الشاشة الكبرى وفرجة الشاشة الصغيرة عبر الهاتف الذكي، يظل فيلم "زاز" اختبارا مزدوجا .. أي أنه اختبار لقدرة السينما المغربية على تجديد خطابها الكوميدي و أبطالها، واختبار أيضا للجمهور الرقمي على الصبر قبل إطلاق الحكم، دون إغفال عدد كبير من الجماهير الذين يدخلون للسينما لمشاهدة الأفلام مباشرة، وبعد ذلك يصدرون حكمهم على الفيلم .. ويبقى الجمهور في كل الأحوال هو الناقد رقم واحد للأعمال السينمائية دون التقليل من قيمة النقد التقني والفني للنقاد المحايدين، المتمكنين من أدوات تحليل وتقييم إبداعات الفن السابع.
فيلم "زاز" سيناريو وحوار رشيد صفـَر وعبدو الشامي، وإخراج يوسف المدخر، ويضم في بطولته كلا من عبدو الشامي وسارة دحاني إلى جانب مجموعة من الأسماء المميزة في الساحة الدرامية والكوميدية المغربية ومن بينهم عبد اللطيف شوقي، زكرياء عاطفي، كريم سعيدي، صالح بن صالح، سحر المعطاوي، جواد السايح، إبراهيم خاي، عباس كاميل، لبنى شكلاط، مهدي تكيطو، زياد الفاضلي، مريم الزبير، أيوب حكيم، زكرياء مسكابي، أمين حسناوي.
كما يقدّم الفيلم وجوها جديدة مثل الصحافي والمؤثر سفيان سميع، والممثلة لبنى ماهر، إلى جانب المغني مامون صلاج، ومصطفى التابوتي، وعتيقة العاقل، ومهدي شنتوف، وعادل العماري، وسكينة بوزيد، وعبد الهادي التازي، وحنان الماوي، إضافة إلى الطفلين جاد الله الرشيد وأفنان نبار.
الفيلم من إنتاج Papercut Pictures، للمنتجين يونس جباري ويوسف المدخر، و يُرتقب أن تنطلق العروض الرسمية لفيلم "زّازْ" في مختلف القاعات السينمائية المغربية ابتداء من 5 نونبر 2025.