في سياق تصاعد حالات العنف ضد النساء، وتنامي مظاهر الإفلات من العقاب، ومحدودية آليات الحماية والتكفل، أصدر المرصد المغربي للعنف ضد النساء "عيون نسائية" بلاغًا بشأن الوضع المأساوي الذي تعيشه الشابة إيمان من مدينة تازة، والتي تعرضت لاعتداء جسدي شنيع من طرف طليقها. وجاء في البلاغ مايلي:
ببالغ القلق والانشغال، يتابع المرصد المغربي للعنف ضد النساء "عيون نسائية" الوضع المأساوي الذي تعيشه الشابة إيمان من مدينة تازة، جراء الاعتداء الشنيع الذي تعرضت له من طرف طليقها، لتصبح بذلك ضحية جريمة مزدوجة ساهم فيها عنف القانون وطرق إنفاذه من جهة، والوصم الاجتماعي الذي يدفع ضحايا الاغتصاب إلى الخضوع لضغط المحيط وقبول الزواج بالمغتصب من جهة أخرى.
إن هذه الواقعة المؤلمة تكشف بشكل صارخ استمرار تعرض النساء لمخاطر العنف، في ظل عجز التشريعات والسياسات العمومية عن توفير الحماية والوقاية. ما تعرضت له إيمان ليس حالة فردية، بل يمثل واقعًا يعيشه العديد من النساء والفتيات في مختلف مناطق المغرب، مما يطرح مسؤولية الدولة بحدة في ضمان أمن النساء جسديًا ونفسيًا، وصيانة حقوقهن الدستورية والإنسانية.
ويلاحظ المرصد، انطلاقًا من الحالات التي تصل إلى مراكز الاستماع التابعة للجمعيات النسائية، أو اعتمادًا على ما تنشره بعض وسائل الإعلام، أن وقائع العنف ضد النساء تتزايد في محيط اجتماعي متسامح معها، وأن الآليات المؤسسية غالبًا ما لا تستجيب للمعايير المطلوبة لضمان الحماية وعدم إفلات الجناة من العقاب.
كما أن ما تعرضت له إيمان من اعتداء ألحق أضرارًا جسدية ونفسية بها، يمتد أثره إلى حياتها الاجتماعية والأسرية، إذ يعيش ابنها حالة صدمة وخوف جراء تشويه وجه والدته، وهو ما يزيد من أوجاع الأم ويجعلها أسيرة شعور مضاعف بالخذلان والإقصاء. هذه الواقعة تؤكد أن العنف ضد النساء ليس جريمة فردية فقط، بل هو جريمة مجتمعية تمتد آثارها إلى الأطفال والأجيال، وتكرس الخوف وتهدد الأمن.
وانطلاقًا من المعلومات التي بلغت المرصد بشأن الصعوبات التي واجهتها إيمان في الولوج إلى خدمات التكفل الاستعجالي، سواء على المستوى الطبي أو القضائي، يسجل المرصد ما يلي:
- إن قضية إيمان، بما سجلته من انتهاكات ومعاناة، تدق ناقوس الخطر بشأن قصور تفعيل سياسات مناهضة العنف ضد النساء، وما تستدعيه من تدخل فعال ومتكامل قائم على مبدأ العناية الواجبة في التكفل بالنساء ضحايا العنف.
- إن الأحكام المخففة الصادرة عن القضاء في بعض قضايا العنف ضد النساء، إضافة إلى تعرض العديد من النساء لتهديدات وجرائم من طرف شركائهن بعد التبليغ، تعكس محدودية التدابير الحمائية، وتعرض النساء لخطر الموت، وتدفع إلى تفاقم حالات العود.
تطرح الواقعة مسؤولية وزارة الصحة في ضمان التكفل الطبي الشامل، الجسدي والنفسي، لضحايا العنف، بما يشمل الوضع الصحي لإيمان والحاجة إلى تدخل مستعجل لعلاج إصاباتها وإجراء عمليات الترميم والتجميل المتخصصة.
قضية إيمان هي أيضًا قضية الحق في الولوج إلى العدالة، وتمكين النساء ضحايا العنف من المساعدة القضائية والمرافقة المجانية في مختلف مراحل التقاضي لضمان الانتصاف.
تسلط قضية إيمان الضوء على النواقص القانونية المغربية فيما يتعلق بجرائم العنف ضد النساء، وما تتطلبه من عقوبات صارمة للجناة وضمانات فعلية لحماية الضحايا، انسجامًا مع الالتزامات الدولية للمغرب واستراتيجياته الوطنية لمحاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي.
الجمعيات الموقعة:
- الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء
- جمعية السيدة الحرة للمواطنة وتكافؤ الفرص جهة طنجة تطوان الحسيمة
- جمعية تطلعات نسائية مكناس
- جمعية إنصاف الدار البيضاء
- جمعية السناء النسائية بالجديدة
- جمعية التضامن النسوي
- جمعية أنصات بني ملال
- جمعية نساء الجنوب أكادير
- جمعية مبادرات خنيفرة
- جمعية الأنوار النسوية للأعمال الاجتماعية والتربوية والثقافية القصر الكبير
- جمعية البحث النسائي للتنمية والتكوين تطوان
- جمعية الأيادي المتضامنة العرائش
- جمعية رهانات للتنمية والمساواة بالجديدة