تؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ امرأة واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض لشكل من أشكال العنف داخل العلاقة الزوجية.
أما في المغرب، فالأرقام أكثر إثارة للقلق: أكثر من نصف النساء صرحن بأنهن تعرضن على الأقل لاعتداء واحد من أشكال العنف الزوجي – سواء كان جسدياً، نفسياً لفظيا أو اقتصادياً.
ويظل العنف النفسي، الخفيّ والمتسلل إلى الحياة اليومية، الأكثر انتشاراً والأشد تدميراً للصحة النفسية.
الزواج... من ملاذ آمن إلى سجن خانق
الزواج الذي يُفترض أن يكون فضاءً للأمان والدعم النفسي قد يتحول إلى سجن مغلق.
ففي العلاقات السامة، يسيطر أحد الطرفين بشكل كامل على مسار العلاقة: يتخذ القرارات المالية والاجتماعية، يفرض خيارات المهنة وحتى تفاصيل الحياة اليومية.
النقد المستمر، الإهانات، وانتهاك الخصوصية تصبح نمطاً يومياً يخنق الضحية ويعزلها عن ذاتها.
العزلة... السلاح الصامت
العزلة من أخطر أدوات المعتدي.
إذ يعمل الشريك العنيف على قطع كل جسور التواصل مع العائلة والأصدقاء والنشاطات الاجتماعية، فيخلق تبعية عاطفية ومادية خانقة.
إذ يعمل الشريك العنيف على قطع كل جسور التواصل مع العائلة والأصدقاء والنشاطات الاجتماعية، فيخلق تبعية عاطفية ومادية خانقة.
ومع مرور الوقت، تعيش الضحية شعوراً بالوحدة والعجز.
هذه الحالة تزداد خطورة عند استخدام أسلوب "التلاعب بالعقل" (Gaslighting)، حيث يتم دفع الضحية للتشكيك في ذاكرتها وإدراكها للواقع، ما يؤدي إلى ارتباك نفسي وشعور بالذنب وفقدان الثقة بالنفس – حتى يصل الأمر إلى الاعتقاد بأنها تفقد عقلها.
دورة الإساءة والإغراء
الأمر لا يتوقف عند العنف.
فبعد فترات النقد والعقاب، يأتي دور الإغراء واللطف، مما يزرع أملاً كاذباً ويعيد الضحية إلى دائرة نفسية مغلقة: خوف → ارتياح مؤقت → عودة للهيمنة.
فبعد فترات النقد والعقاب، يأتي دور الإغراء واللطف، مما يزرع أملاً كاذباً ويعيد الضحية إلى دائرة نفسية مغلقة: خوف → ارتياح مؤقت → عودة للهيمنة.
هذه الدوامة تجعل الانفصال العاطفي أكثر صعوبة.
آثار نفسية مدمرة
تنعكس هذه المعاناة على الصحة النفسية بشكل مباشر: توتر مزمن، أرق، يقظة مفرطة، تراجع احترام الذات، اضطراب ذهني، بل ووصولاً إلى الاكتئاب.
بعض الضحايا يلجأن إلى الانفصال العاطفي عن مشاعرهن كآلية للبقاء، فيتحولن إلى أشخاص بلا إحساس كدرع دفاعي.
آثار العنف على الأطفال
الأطفال هم الضحايا الصامتون للعنف الزوجي.
مشاهدتهم المستمرة للصراعات والعنف اللفظي أو الجسدي تزرع فيهم الخوف والقلق، وتؤثر على نموهم النفسي والعاطفي.
تشير الدراسات إلى أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب، التبول اللاإرادي، صعوبات النوم، والتأخر الدراسي.
الأسوأ أن بعضهم يعيد إنتاج نفس أنماط العنف في علاقاته المستقبلية، ما يخلق جيلاً جديداً من الضحايا أو المعتدين.
حماية الطفل من بيئة العنف هي مسؤولية مشتركة للأسرة والمجتمع والدولة.....مما يدفع في بعض الأحيانإلى اللجوء إلى القانون والمحاكم.
تشير الدراسات إلى أن هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب، التبول اللاإرادي، صعوبات النوم، والتأخر الدراسي.
الأسوأ أن بعضهم يعيد إنتاج نفس أنماط العنف في علاقاته المستقبلية، ما يخلق جيلاً جديداً من الضحايا أو المعتدين.
حماية الطفل من بيئة العنف هي مسؤولية مشتركة للأسرة والمجتمع والدولة.....مما يدفع في بعض الأحيانإلى اللجوء إلى القانون والمحاكم.
كسر الحلقة الجهنمية
الخروج من هذه العلاقات يبدأ بمواجهة الواقع. تدوين الأحداث في دفتر، الحديث مع شخص موثوق أو مختص نفسي يساعد على استعادة الثقة والإحساس بالواقع.
وضع حدود واضحة، تجنب المشاحنات غير المجدية، وتخصيص لحظات آمنة من العزلة يسهم في استعادة السيطرة على الحياة العاطفية.
وضع حدود واضحة، تجنب المشاحنات غير المجدية، وتخصيص لحظات آمنة من العزلة يسهم في استعادة السيطرة على الحياة العاطفية.
دور المحيط الاجتماعي
الدعم الخارجي عنصر أساسي في عملية الشفاء. الأسرة، الأصدقاء، المجموعات الداعمة، والمعالجون النفسيون يساعدون على كسر العزلة واستعادة الوضوح الذهني.
عندما تصبح الحياة في خطر
عندما يصل العنف إلى مرحلة تهديد الحياة، تصبح الخطة الأمنية ضرورة قصوى.
وضع استراتيجية خروج واضحة وخطوات عملية يقلل التوتر ويسمح باتخاذ قرارات رشيدة.
وضع استراتيجية خروج واضحة وخطوات عملية يقلل التوتر ويسمح باتخاذ قرارات رشيدة.
شجاعة لا ضعف
التعرف على سمّية العلاقة، البحث عن الدعم، التخطيط للمستقبل، كلها خطوات أولى نحو التحرر.
طلب المساعدة ليس ضعفاً، بل فعل شجاع لإنقاذ النفس واستعادة الصحة النفسية والسيطرة على الحياة من جديد.
طلب المساعدة ليس ضعفاً، بل فعل شجاع لإنقاذ النفس واستعادة الصحة النفسية والسيطرة على الحياة من جديد.
الدكتور أنور الشرقاوي
وبمساهمة الدكتورة ندى لحلو، طبيبة نفسانية – وجدة
وبمساهمة الدكتورة ندى لحلو، طبيبة نفسانية – وجدة