Saturday 12 July 2025
في الصميم

أريري: ما الفرق بين "بزناز" يتاجر في الكوكايين وبين بنكيران الذي يتاجر في الدين؟!

أريري: ما الفرق بين "بزناز" يتاجر في الكوكايين وبين بنكيران الذي يتاجر في الدين؟! عبد الرحيم أريري
في الفيلم الرائع "فرانكنشتاين"، وفي أحد المشاهد القوية، سيقف المتفرج على تمرد الكائن المنسوخ الذي خلقه البطل في المختبر وينقلب عليه رغم أنه هو الذي صنعه.
 
هذا المشهد ينطبق تماما على الحياة السياسية المغربية الحالية. فالكل يعي ويعرف أن عبد الإلاه بنكيران صنيعة مخزنية بامتياز ،إذ تم عجنه و"خبزه" في مطبخ الوزير المعلوم إدريس البصري في أوج المواجهة التي كانت بين القصر والحركة التقدمية. إذ لفرملة الديمقراطيين والتقدميين آنذاك، عبدت الدولة الطريق للأصوليين ومكنتهم من الوسائل واللوجستيك وغضت الطرف على ارتباطاتهم المشبوهة مع المشرق الإخواني والوهابي رغبة منها في تطويق الخصم السياسي التقدمي الذي كان يقض مضجع الدولة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
العملية لم تقتصر على مطبخ ادريس البصري فقط بل كان لا بد من الاستعانة بالعراب الاديولوجي والفكري للأصوليين ،ألا وهو وزير الأوقاف السابق العلوي المدغري الذي كان المنظر والنافخ(le soufleur) في الحركة الأصولية التي استغلت أيضا التدفقات البيترودولار الخليجية من جهة، واستغلت البيئة المحافظة بالمغرب من جهة ثانية لتتسرطن في المجتمع.
 
موازاة مع ذلك لم تتوقف الدولة على ضرب كل الوسائط المجتمعية وإضعافها مما أدى إلى إخلاء الطريق للأصوليين ل"يتبندروا" على الدولة وعلى المجتمع في آن واحد.
 
فالدولة نسفت التعليم ماديا ومعنويا: ماديا بإفراغ المدرسة من حمولتها السامية  ومن قدسيتها ، ومعنويا باغتيال رمزي لرجال التعليم(البروباغندا المخزنية في إنتاج النكت القدحية ضد رجال التعليم ومطاردتهم واعتقالهم ورفض تسوية أوضاعهم) بحكم أن رجال التعليم - في الجزء الأكبر من الاحتجاجات- كانوا في طليعة التعبئة الاجتماعية والحزبية والجمعوية ضد السلطة المركزية. وهو الاغتيال الذي امتد ليطال الجامعة كذلك حتى لا تبقى منبتا لنكوين أطر طلابية عقلانية ومتنورة.

موازاة مع ذلك ظلت الدولة متحكمة في الاعلام العمومي والموازي لتضبيع المجتمع و"تزليجه".
النتيجة هاهي أمامنا ، الدولة التي صنعت فرانكنشتاين/ بنكيران، تجني اليوم مازرعته من دسائس وإصرارها على إجهاض الدينامية الداخلية والطبيعية للمجتمع( مثلا، الخرجة الكارثية لبنكيران بشأن تعليم وتشغيل المرأة بالمغرب وزواجها).
 
ألم يكن بنكيران هو "سخان الطعارج" بالنسبة للدولة، في اغتيال عمر بنجلون؟ ألم ينتشي بنكيران(مثل دراكولا) ويشرب أقداح دم بنجلون فور اغتياله، ويصفه ب " الكلب الأجرب"؟
 
فلتذق الدولة اليوم، السم الذي دسته للمجتمع وأفقدته المناعة حتى تسرب للمغرب فيروس خبيث اسمه عبد الإلاه بنكيران الذي انقلب على خالقه وصانعه في المختبرات السوداء للسلطات المركزية.
 
لكن الله الذي أنزل الداء أنزل أيضا الدواء. و يبقى الدواء بيد شرفاء الأمة المغربية وحكمائها وعقلائها لإنقاذ المغرب من أن يسقط فريسة بيد شخص لا يتوفر على أدنى المؤهلات لرئاسة "سانديك باطيما"، فأحرى رئاسة حزب أو حكومة، اللهم براعته في المتاجرة بالدين، وهي جريمة للأسف لا يطالها القانون، مثل من يتاجر بالكوكايين والقرقوبي وبالمال لاستمالة أصوات بعض الناخبين.