Thursday 19 June 2025
مجتمع

أغنية مثيرة للجدل تشعل النقاش في آسا بين النقد والدفاع عن حرية التعبير

أغنية مثيرة للجدل تشعل النقاش في آسا بين النقد والدفاع عن حرية التعبير مشهد من مدينة أسا وفي الإطار صاحبة الأغنية
أثارت أغنية أعادت شابة محلية أداءها، وتضمنت كلمات توصف بالانتقادية للوضع التنموي في مدينة آسا، جدلا واسعا بين الساكنة ورواد مواقع التواصل الاجتماعي. كلمات مثل “آسا ما فيها صلاح، ماهو كدرون، ولا هو ضوء، إلا الكاليبا تتنابح” كانت كفيلة بإطلاق موجة من ردود الفعل المتباينة بين من اعتبرها إهانة صريحة للمدينة، ومن رأى فيها شكلا من أشكال التعبير الفني الصادق عن واقع معاش. 

ورغم أن الأغنية ليست بجديدة حسب بعض المصادر المحلية، فإن إعادة نشرها بهذه الصيغة الصوتية المُحدثة، وإعادة تداولها على نطاق واسع، حرك نقاشا واسعا حول حدود الفن، وحريّة التعبير، والمسؤولية المجتمعية للفنان.
 
- وجهة نظر منتقدة: “الفن ليس وسيلة للاستهزاء” 
يرى أصحاب هذا الرأي أن الأغنية تمادت في تصوير المدينة بشكل سلبي، لا يخدم إلا التحقير والاستهزاء، مؤكدين أن الفن الحقيقي يرتقي بالذوق العام، ولا يبنى على التنمر أو التقليل من شأن المجتمعات.

ويعتبر هؤلاء أن السخرية لا يمكن أن تغطى بعباءة “حرية التعبير”، وأن من واجب الفنان تقديم رسالة نبيلة، خاصة حين يتعلق الأمر بمكان له رمزيته التاريخية والإنسانية كمدينة آسا. 

ويؤكد هذا التيار أن الكلمات المستعملة في الأغنية تفتقر إلى الرقي، وتسهم في ترسيخ صورة قاتمة عن المدينة، بدل تشجيع الأمل والتغيير البناء، محملين الفنانة مسؤولية “الكلمة” وأثرها في المتلقي، خصوصا في زمن تتسابق فيه المنصات على “الترند” أكثر من القيمة. 

- وجهة نظر مؤيدة: “الفن مرآة الواقع… لا مجاملة فيه” 
على الجانب الآخر، يرى مؤيدو الأغنية أن ما جاء فيها هو نوع من النقد المشروع، بل وشكل من أشكال التعبير الفني الصادق عن حالة إحباط عام تعيشه شريحة من شباب المدينة.

ويؤكد هؤلاء أن بعض الكلمات القوية في الأغنية لا تنفصل عن واقع تعرفه آسا منذ سنوات، من ضعف البنية التحتية، وغياب فرص التشغيل، وانعدام المبادرات التي تحفز الشباب على البقاء أو المساهمة في تنمية مدينتهم. 

ويضيف المدافعون أن الأغنية، وإن كانت “صادمة” للبعض، فإنها تثير نقاشا ضروريا حول قضايا حقيقية، ويتعين التعامل معها كجرس إنذار، لا كإهانة، معتبرين أن على المجالس المنتخبة والسلطات المعنية أن تتفاعل مع مضمون هذه الرسائل، بدل الاكتفاء برفض الشكل أو مهاجمة الفنان.
 
تعيد هذه الأغنية فتح النقاش القديم-الجديد حول أدوار الفن وحدوده، وحول التحدي القائم بين الصدق الفني والاحترام المجتمعي. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الفن لا يجب أن يجرح، يرى آخرون أنه لا يجب أن يُجمل الواقع الموجع. 

وتبقى مدينة آسا، بكل تاريخها ورمزيتها، في حاجة إلى خطاب يعكس واقعها، ولكن أيضا يعكس طموحات أبنائها. والفن، في جوهره، ليس خصما ولا خصومة، بل وسيلة من وسائل التعبير والنقد والإصلاح… متى اقترن بالمسؤولية والوعي.