محمد براو، الخبير الدولي في الحكامة ومكافحة الفساد قال محمد براو، الخبير الدولي في الحكامة ومكافحة الفساد، أن الإصلاح المثير للجدل لقانون المسطرة الجنائية في المغرب، يحد من حق المجتمع المدني في تقديم شكاوى بشأن الفساد، ويقتصر على الجهات الفاعلة المؤسسية.
وأضاف مدير مجلة التدبير والرقابة على المال العام، في برنامج إذاعي، أن مكافحة الفساد ينبغي أن تكون منهجية لآفة منهجية، وقد أحرز المغرب تقدمًا نسبيا مشهودًا له دوليًا (مثل رفعه من القائمة الرمادية سنة 2023). لكن في مواجهة الفساد المنهجي، لا بد من اتباع نهج شامل وجامع. إن تقييد دور المجتمع المدني هو تراجع ديمقراطي وإشارة في الاتجاه المعاكس...
وتطرق الخبير المالي إلى دور المجلس الأعلى للحسابات، بين النقد والردع، وكيف أن البعض يقلل من تأثيره، في الوقت الذي تقاريره مفيدة ورادعة أحيانًا. منبها إلى وجوب التمييز بين اختلالات التسيير الإداري والجرائم الجنائية، وتجنب اللبس الذي غالبًا ما تنشره وسائل الإعلام بخصوص عدم تجريم التسيير العمومي من جهة والدعوة الشعبوية للحملات التطهيرية.
وتحدث براو عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أدت إلى إحراز تقدم نسبي في بعض المجالات: كالرقمنة، والتبادل الإلكتروني بين الادارات العمومية، نموذج صفر أوراق بإدارة الجمارك امنذ سنة 2019، وكذا في مجال تسهيل الوصول إلى الخدمات العامة. وحاليا تؤدي هيئة مكافحة الفساد بوجهها الجديد دورها الحاسم، بملاحظات وتوصيات تتماشى مع توصيات المجتمع المدني إن لم تكن متقدمة في بعض النقاط.
وبخصوص تصور الفساد: بين الإنكار والتقليل من شأنه، يكمن التحدي الحقيقي في تجنب هذين النقيضين. هناك حاجة إلى نهج متوازن، قائم على العمل الجماعي والثقة في المؤسسات وفيما بينها، والمواطنين والمجتمع المدني.
واعتبر أن استبدال الإبلاغ من قِبل المواطنين بقناة مؤسسية حصرية يُضعف حماية المُبلغين عن المخالفات. وهذا يتعارض مع دستورنا والتزاماتنا الدولية.
وشدد المتحدث على أن مكافحة الفساد ليست يمينية ولا يسارية. إنها شأن الجميع. ومن خلال النقاش والتعبئة والحس العالي بالمسؤولية، لن يُطبق هذا الإصلاح بشكله الحالي.
ليختم محمد براو بالقول أن الفساد ليس حتميًا. بقدر ما الحاجة ملحة لقوانين فعّالة، مؤسسات موثوقة، مجتمع فاعل، مواطنون يُنصت إليهم.
فهذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه لمكافحة الفساد بشكل عقلاني ومستدام.
