في ظل التحولات الرقمية الكبرى التي يشهدها عالمنا، اختار الزميل الكاتب والسيناريست المغربي رشيد صفـَر أن يغامر في دروب الخيال العلمي عبر روايته الأولى "مونوفوبيا : نادر والذكاء الاصطناعي". رواية لا تكتفي ببناء عالم افتراضي مستقبلي، بل تنخرط في مساءلة القيم الإنسانية وسؤال العزلة في زمن الذكاء الاصطناعي. في هذا الحوار، نقترب من كواليس الكتابة، من تحديات هذا الجنس الأدبي، ومن تأملات الكاتب حول الفرق بين الخيال العلمي والفانتازيا، والرسالة التي تحملها روايته مونوفوبيا "نادر والذكاءالاصطناعي".
نعلم أنك تملك خلفية في المسرح كمؤلف وممثل وأيضا الصحافة والسيناريو والتلفزيون والسينما، لماذا اخترت في أول عمل روائي كتابة رواية تنتمي لجنس الخيال العلمي؟
التجربة كانت تحديا كبيرا وساهمت ظروف اشتغالي في كتابة المسرح و البرامج والأعمال الفنية التلفزيونية، في مدي بشحنة قوية لخوض غمار هذه التجربة، بعد تراكم تجاربي على مستوى كتابة الخبر والحوارات مع الفنانين والأدباء والشعراء وأيضا كتابتي لمقالات الرأي، لم أكن بعيدا عن عالم كتابة القصة والرواية وكنت أنتظر الفرصة لأتفرغ لكتابة أول رواية.. وبعد بداية البحث والدراسة في السوسيولوجيا قررت أن أخوض هذه التجربة بقناعة.
الرواية ليست فقط تمرينا في التخيل، بل بناء لعالم منطقي متماسك. أتيت من خلفية تحليلية، أشتغل على تفكيك وشرح المفاهيم، فكان من الطبيعي أن أبحث عن وسيلة أدبية تسمح لي بمساءلة الإنسان والتكنولوجيا، وأدركت أن الخيال العلمي هو الأداة الأمثل. لكني حرصت ألا تكون المخطوطة أو بالمعنى الشائع الرواية "نخبوية"، بل أن تمس عموم القراء في قلقهم اليومي وتعاملهم المباشر مع الذكاء الاصطناعي على اختلاف الاغراض والمستويات.
الرواية ليست فقط تمرينا في التخيل، بل بناء لعالم منطقي متماسك. أتيت من خلفية تحليلية، أشتغل على تفكيك وشرح المفاهيم، فكان من الطبيعي أن أبحث عن وسيلة أدبية تسمح لي بمساءلة الإنسان والتكنولوجيا، وأدركت أن الخيال العلمي هو الأداة الأمثل. لكني حرصت ألا تكون المخطوطة أو بالمعنى الشائع الرواية "نخبوية"، بل أن تمس عموم القراء في قلقهم اليومي وتعاملهم المباشر مع الذكاء الاصطناعي على اختلاف الاغراض والمستويات.
ماهي قصة رواية مونوفوبيا نادر والذكاء الاصطناعي؟
قصة الرواية هي حكاية متخيلة تدور في عالم مستقبلي بارد، تحكمه إمبراطورية الذكاء الاصطناعي "كاف"، حيث يستيقظ الشاب نادر بلا ذاكرة، بلا ماض، ولا أثر لدفء إنساني، إذ يجد أن كل تفاصيل حياته مبرمجة .. حتى المشاعر، لكن حين يتسلل كيان رقمي غامض إلى حياته، تنقلب الأحداث ويدخل نادر في صراع من أجل استرجاع هويته وإنسانيته ومعرفة زمن إقامته في مدينة كاف 7، وبعد أن يعاني من تحكم وسيطرة الذكاء الاصطناعي على قراراته ونمط عيشه، يقرر الفرار من المدينة الذكية. والرواية تجيب عن سؤال : يستطيع نادر التمرد على نظام إلكتروني لا يرحم !؟.
وإذا صح التعبير ... رواية مونوفوبيا .."نادر والذكاء الاصطناعي"، رواية تسير أغوار مفاهيم السيطرة والحرية والخضوع التام، في عصر الذكاء الاصطناعي.
وإذا صح التعبير ... رواية مونوفوبيا .."نادر والذكاء الاصطناعي"، رواية تسير أغوار مفاهيم السيطرة والحرية والخضوع التام، في عصر الذكاء الاصطناعي.
ماهي الصعوبات التي واجهتك خلال الكتابة؟
تحديات وصعوبات الكتابة تمرست عليها في الصحافة وكتابة المسرح والبرامج التلفزيونية وسيناريو المسلسلات أو الأفلام، لكي تكتب يجب أن تؤمن بأفكارك وأن تقرأ كثيرا، وأن تعيد القراءة مرات عديدة وتبحث عن المعلومات وتحللها وتضعها في سياقها المتسق وتحررها على الورق والحاسوب وتعيد ترتيبها وضبطها، ويحدث أن تمزق الأوراق أو تصغط على زر الحذف النهائي حتى من سلة المهملات في الحاسوب التي تمكنك من استرجاع ما تم مسحه ..
والصعوبة بالنسبة لي تكمن في تحمل هذه العمليات وإعادة المحاولة مرات كثيرة بعيدا عن اليأس و رفع الراية البيضاء في ساحة معركة الكتابة ..
ولأن الهدف من الكتابة هو هدف نبيل وراقي، فهي أداة للتعبير والتنفيس وتبادل الفكر والتواصل وفتح النقاش وعرض فكرة وتقاسمها مع الآخر، فهذه بالنسبة لي هي محفزات الكتابة دون الحديث عن إرهاصاتها التي تختلف من كاتب لآخر..
في روايتي مونوفوبيا نادر والذكاء الاصطناعي، قررت أن أجعل القارئ يتأمل دون أن يضيع في التجريد، وأن أبني عالما افتراضيا دون أن أفقد الإنسان في التفاصيل. كما كان التحدي هو خلق لغة سردية معاصرة، تدمج بين ما هو واقعي، افتراضي، وفلسفي، دون أن أسقط في التنظير أو التفسير الممل.
والصعوبة بالنسبة لي تكمن في تحمل هذه العمليات وإعادة المحاولة مرات كثيرة بعيدا عن اليأس و رفع الراية البيضاء في ساحة معركة الكتابة ..
ولأن الهدف من الكتابة هو هدف نبيل وراقي، فهي أداة للتعبير والتنفيس وتبادل الفكر والتواصل وفتح النقاش وعرض فكرة وتقاسمها مع الآخر، فهذه بالنسبة لي هي محفزات الكتابة دون الحديث عن إرهاصاتها التي تختلف من كاتب لآخر..
في روايتي مونوفوبيا نادر والذكاء الاصطناعي، قررت أن أجعل القارئ يتأمل دون أن يضيع في التجريد، وأن أبني عالما افتراضيا دون أن أفقد الإنسان في التفاصيل. كما كان التحدي هو خلق لغة سردية معاصرة، تدمج بين ما هو واقعي، افتراضي، وفلسفي، دون أن أسقط في التنظير أو التفسير الممل.
الخيال العلمي والفانتازيا يُصنفان غالبا معا، لكنك اخترت بوضوح الخيال العلمي. لماذا؟ وما الفرق بينهما في نظرك؟.
الفانتازيا تنبع من خرق قوانين الواقع لصالح العجائبي والغرائبي واستثمار الأسطورة لخلق بناء سردي مبهر وجاذب وساحر، أما الخيال العلمي فمحكوم بمنطق علمي في الماضي أو الحاضر أو الإشارة إلى استشراف واقع مستقبلي محتمل. في "مونوفوبيا" أنا لا أخلق عالما سحريا، بل أحلل وأُطوّر واقعا قائما وهو موضوع الذكاء الاصطناعي .. وعلاقة الإنسان بالآلة والتكنولوجيا، مع ظاهرة التحول الرقمي وفقدان الهوية والإنسانية والمعنى في بعض الحالات ..
وهي أمور نعيشها فعليا... الخيال العلمي هو مرآة المستقبل القريب، بينما الفانتازيا هي بوابة الأسطورة .. اخترت الخيال العلمي لأنه أتاح لي مساءلة الحاضر في البناء السردي داخل هذا الجنس الروائي العالمي.
وهي أمور نعيشها فعليا... الخيال العلمي هو مرآة المستقبل القريب، بينما الفانتازيا هي بوابة الأسطورة .. اخترت الخيال العلمي لأنه أتاح لي مساءلة الحاضر في البناء السردي داخل هذا الجنس الروائي العالمي.
ما الغاية التي كنت تسعى إليها من خلال تأليف هذه الرواية؟
الغاية لم تكن تأليف رواية من أجل الرواية، بل محاولة لفهم ما يحدث. نحن نعيش تحوّلا رهيبا، عاطفيا وسوسيولوجيا، مع سيطرة الذكاء الاصطناعي على الكثير من تفاصيل حياتنا. "مونوفوبيا" هي صيحة داخلية، سؤال عن معنى أن تكون إنسانا حين تصبح الآلة أكثر يقينا منك.
متى ستصدر رواية مونوفوبيا نادر والذكاء الاصطناعي؟
الرواية في مرحلة التصميم و الطبع والتوزيع وبحول الله ستصدر في بداية النصف الثاني من شهر يونيو 2025، وأتمنى أن تكون عند حسن ظن القراء.