شهد دوار أولاد عبو ببني ملال، اعتصامًا خطيرًا لأحد المواطنين فوق خزان مائي شاهق، انتهى بتطورات مأساوية أصابت عناصر من الوقاية المدنية والدرك الملكي.
وأعرب المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن أسفه لما حدث، مشيدًا بتعاون السلطات، ومحذرًا من خطورة تداول مقاطع الفيديو الصادمة التي توثق للحظات مؤلمة دون مراعاة للأخلاقيات والكرامة الإنسانية.
فيما يلي بلاغ المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول الوقائع:
يتأسف المجلس الوطني لحقوق الإنسان للتطورات الخطيرة الأخيرة التي شهدها اعتصام السيد ب. ز. على سطح خزان مائي شاهق، ويتمنى أن تستقر حالة عنصر الوقاية المدنية ش. ي.، الذي تعرض للاعتداء فوق سطح الخزان، وحالة عنصر الدرك الملكي ب. ع. والسيد ب. ز.، وأن يتجاوزوا مرحلة الخطر.
ويُذكّر المجلس بأنه، وبتوجيهات من رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واصلت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة بني ملال خنيفرة، طيلة أيام اعتصام السيد ب. ز. على سطح خزان الماء بدوار أولاد عبو، جماعة أولاد يوسف بدائرة قصبة تادلة، المساعي من أجل حثّ السيد ب. ز. على فك الاعتصام.
وفي سياق هذا التتبع، كان فريق اللجنة الجهوية يقوم بزيارات يومية إلى مكان الاعتصام، وقد تواصل في عدة مناسبات مع السيد ب. ز.
واستجابةً لهذه المساعي، تم تلبية بعض المطالب والحاجيات الضرورية (من أكل وماء...)، إلى جانب الاستمرار في محاولة إقناعه بفك الاعتصام، خصوصًا بالنظر إلى خطورة التواجد فوق برج شاهق.
وكانت اللجنة الجهوية قد استقبلت، في فاتح يوليوز الجاري، أخت السيد ب. ز.، التي طلبت من اللجنة التدخل والاستماع إلى أخيها والتواصل معه لحثّه على فك الاعتصام. كما عقدت اللجنة، في سياق هذه المساعي، لقاءً مع والي جهة بني ملال خنيفرة، وآخر مع وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بقصبة تادلة، للتداول في ما كان يطرحه السيد ب. ز. من مطالب، خاصة تلك المتعلقة بإعادة فتح تحقيق في وفاة والده سنة 2019، وفق المساطر القضائية المعتمدة، وهو ما تعهّد به السيد وكيل الملك.
وقد سبق للسيد ب. ز. أن أعلن موافقته على فك الاعتصام، بعد أن قُدّمت له مجموعة من الضمانات بناءً على تدخل اللجنة، التي اقترحت أيضًا مواكبته في مسار فتح تحقيق قضائي بشأن ادعاءاته، قبل أن يتراجع ويقرر مواصلة الاعتصام.
وإذ يُثمن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، واللجنة الجهوية، تعاون السلطات المحلية وتفاعلها مع مقترحات اللجنة، التي كنا نأمل أن تتكلل بالنجاح تحقيقًا لما كانت تتمناه والدة السيد ب. ز. وأخته، حفاظًا على سلامته وسلامة الساكنة المحيطة بمكان الاعتصام، فإننا نأسف لما آلت إليه الأحداث، ونؤكد سعينا في الأيام القادمة إلى مواصلة تتبّع الحالة الصحية لعنصر الوقاية المدنية السيد ش. ي.، وعنصر الدرك الملكي السيد ب. ع.، والسيد ب. ز.، ومواكبة الأسر في هذا الظرف العصيب.
وفي سياق متصل، يُنبّه المجلس إلى خطورة مواصلة انتشار مقاطع الفيديو الصادمة التي توثّق للحظات حرجة ومؤلمة. فقد جرى، للأسف، بثّ هذه الأحداث بشكل مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل حاضرين في محيط الاعتصام وعدد من المواقع، دون تحذير أو احتراز أو مراعاة لتبعات ذلك مستقبلًا على الأشخاص أنفسهم، أو على أسرهم، أو حتى على المجتمع ككل.
إن مثل هذه المقاطع، حين تُنشر دون تحذير وإجراءات احترازية ضرورية، كما هو الحال في الصحافة المهنية، ودون احترام للكرامة الإنسانية، لا تخدم الصالح العام بالضرورة، بل قد تُساهم، دون قصد، في تكريس ثقافة التطبيع مع مشاهد العنف، أو حتى في إعادة إنتاج الألم والمعاناة على نطاق واسع.
وإذ نُذكّر هنا بالدور المحوري الذي يلعبه الإعلام المهني القائم على أخلاقيات الصحافة، فإننا ندعو إلى ضرورة توفير حد أدنى من الثقافة الإعلامية و"ثقافة الأخلاقيات الرقمية"، لمواجهة أي انفلات رقمي محتمل. فمهما كانت النوايا، ليس كل ما يُوثَّق يجب أن يُنشر، ولا ينبغي أن نغفل أن الكاميرا قد تتحول، في بعض الأحيان، من وسيلة للتوثيق إلى أداة للمساس بالكرامة الإنسانية. فحرية النشر لا تعني مشاركة كل ما هو صادم دون حد أدنى من المسؤولية الأخلاقية في النشر.