
أفاد أحمد صدقي، باحث في البيئة والتنمية المستدامة، أن إدراج ضريبة الكربون ضمن قانون المالية المقبل لسنة 2026، رغم إعلان الحكومة تبنيها لهذه الضريبة منذ فترة الإعداد لقانون المالية 2025، يشكل خطوة محورية لتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني في ظل التحولات البيئية العالمية. وأوضح صدقي وهو عضو سابق بلجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، في حوار مع "أنفاس بريس"، أن التأخر في التحضير والتأطير القانوني والمؤسساتي قد يُفوت على المغرب فرصاً استراتيجية، خصوصاً مع قرب تطبيق الآلية الأوروبية لضبط الكربون على الحدود.
واعتبر صدقي أن نجاح اعتماد هذه الضريبة يظل رهيناً بإرساء سوق وطنية للكربون، وتحسيس المقاولات، ودعمها لتفادي أي انعكاسات سلبية على التصدير والنمو، علما أن السوق الأوروبية تستقبل 65% من الصادرات الوطنية.
واعتبر صدقي أن نجاح اعتماد هذه الضريبة يظل رهيناً بإرساء سوق وطنية للكربون، وتحسيس المقاولات، ودعمها لتفادي أي انعكاسات سلبية على التصدير والنمو، علما أن السوق الأوروبية تستقبل 65% من الصادرات الوطنية.
من المرتقب أن يتضمن آخر قانون مالية 2026 للحكومة الحالية، ضريبة على الكربون، وذلك في إطار الإصلاح الضريبي، أي تداعيات لضريبة الكربون على الاقتصاد الوطني؟
بداية، أشكركم في هذا المنبر المحترم على هذا الحوار وإثارة موضوع لم يحظ مع الأسف بما يستحق من أهمية.
بخصوص هذا السؤال الأول فأريد التأكيد أولا على أنه وقع تأخر كبير في اعتماد ضريبة للكربون على الصعيد الوطني رغم أن الحكومة أعلنت تبنيها لهذه الضريبة منذ فترة الإعداد لقانون المالية 2025، لكنه لم يتم ذلك وتم التصريح بتأجيله إلى قانون مالية 2026 الذي يمثل التمرين الأخير في ولاية هذه الحكومة.
لن أبالغ أن قلت أن هذه الضريبة حتى وإن كان لها وقع على المقاولة الوطنية من حيث تعميق الضغط الضريبي فستكون لها في المقابل تداعيات إيجابية على الاقتصاد الوطني على المدى البعيد وعلى المستوى الاستراتيجي حيث سيمكنه من التموقع في نظام الاقتصاد الأخضر العالمي وفي إطار الاستجابة للشروط البيئية والمواصفات الدولية بهذا الخصوص.
هاهي الرسوم الأوروبية ستدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر، باعتماد الآلية الأوروبية الخاصة بالكربونMACF، هل المغرب استغل الفترة الانتقالية للتحضير (قوانين، تحسيس الشركات لإنجاز حصيلاتها ومحتوياتها من الكربون Bilan carbone) لهذا التحول؟
بخصوص هذا السؤال الأول فأريد التأكيد أولا على أنه وقع تأخر كبير في اعتماد ضريبة للكربون على الصعيد الوطني رغم أن الحكومة أعلنت تبنيها لهذه الضريبة منذ فترة الإعداد لقانون المالية 2025، لكنه لم يتم ذلك وتم التصريح بتأجيله إلى قانون مالية 2026 الذي يمثل التمرين الأخير في ولاية هذه الحكومة.
لن أبالغ أن قلت أن هذه الضريبة حتى وإن كان لها وقع على المقاولة الوطنية من حيث تعميق الضغط الضريبي فستكون لها في المقابل تداعيات إيجابية على الاقتصاد الوطني على المدى البعيد وعلى المستوى الاستراتيجي حيث سيمكنه من التموقع في نظام الاقتصاد الأخضر العالمي وفي إطار الاستجابة للشروط البيئية والمواصفات الدولية بهذا الخصوص.
هاهي الرسوم الأوروبية ستدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر، باعتماد الآلية الأوروبية الخاصة بالكربونMACF، هل المغرب استغل الفترة الانتقالية للتحضير (قوانين، تحسيس الشركات لإنجاز حصيلاتها ومحتوياتها من الكربون Bilan carbone) لهذا التحول؟
مع الأسف لم يتم تسجيل استعدادات في المستوى المطلوب لمجابهة هذا الوضع الجديد المفروض أوروبيا، رغم أن هذه الآلية دخلت مرحلة تجريبية منذ أكتوبر 2023 ورغم أن الأثر المالي من المتوقع أن يكون كبيرا على الاقتصاد الوطني مع العلم أيضا أن السوق الأوروبية تستقبل 65% من الصادرات الوطنية.
هذا باستثناء بعض مبادرات التحسيس والمواكبة المنظمة من لدن مؤسسة محمد السادس للبيئة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب لفائدة بعض المقاولات.
التحدي كبير جدا، إذ نجد أمامنا حواجز أوروبية جديدة حتى وإن جاءت مغلفة بيئيا بمنطق وهدف تحقيق الحياد الكربوني في أفق 2050، وبمنطق إنصاف المنتج الأوروبي الذي يؤدي سعر الكربون وبغاية إيقاف لما يسمى انفلات الكربون بنقل الإنتاج إلى خارج التراب الأوروبي حيث غياب الضريبة والرسوم الكربونية.
هذا التحدي الأوروبي لم يقابل باستعداد حقيقي من جهة الحكومة سواء على المستوى القانوني حيث مع الأسف لم نشهد مبادرات تشريعية داعمة لرفع هذا التحدي، وحتى ما سجلناه من تكييف لإحدى القوانين فقد جاء متأخرا على شكل مقترح قانون جديد يحمل رقم 75-24 وذلك لتتميم القانون .12-06.. وتم إيداعه بمجلس النواب وإحالته على لجنة القطاعات الانتاجية في نهاية مارس 2025. ولايزال لحد الآن في تلك الوضعية وهو قانون سيمكن معهد التقييس Imanor من تسليم شهادات تثبيت محتويات الكربون ..فمتى سيجاز هذا القانون؟...ومتى ستحسس به المقاولات المعنية ؟... ومتى ستتمكن من القدرات اللازمة لإنجاز حصيلاتها ومحتوياتها من الكربون؟
هذا أيضا فإن إطلاق سوق الكربون ببلادنا الذي يعتبر حلا جذريا وحجر الزاوية لسياسة كربون وطنية تنافسية والتي ستجعل بلادنا في وضع مريح أمام الشريك الأوروبي وهو يعمل على تنزيل هذا الميكانيزم الجديد، فإنه مع الأسف تأخر كثيرا وأجزم أنه لا يمكن إقراره فيما تبقى من الزمن قبل إطلاق المرحلة الفعلية لتنزيل هذه الآلية الأوروبية في فاتح يناير 2026 وهذا موعد لم يعد يفصلنا به إلا ستة أشهر تقريبا.
هذا أيضا مع أن بداية الإعداد لإقرار هذا السوق التي انطلقت قبل سنوات لم تتواصل بشكل فعلي، وحتى الإجراءات التقنية المنجزة مثلا لارساء قاعدة الكربون المغربية لم تستكمل حيث بقيت هذه القاعدة ناقصة من حيث تكييف معاملات الانبعاث facteurs d'emission مع السياق الوطني، ولم يتم تحيين هذه القاعدة بالشكل المطلوب علما أنها تعتبر حجر الزاوية في مسار تحديد محتوى الكربون للمنتج الوطني والذي بدوره يعتبر أساسيا في حساب حصيلة الكربون والتصريح بها وهي الحصيلة التي أصبحت ضرورية للمقاولة الوطنية للتعاطي مع الوضع الجديد حيث هي الوثيقة الاولى التي سيطلبها الشريك الأوروبي المستورد من نظيره المغربي المصدر.
هذا باستثناء بعض مبادرات التحسيس والمواكبة المنظمة من لدن مؤسسة محمد السادس للبيئة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب لفائدة بعض المقاولات.
التحدي كبير جدا، إذ نجد أمامنا حواجز أوروبية جديدة حتى وإن جاءت مغلفة بيئيا بمنطق وهدف تحقيق الحياد الكربوني في أفق 2050، وبمنطق إنصاف المنتج الأوروبي الذي يؤدي سعر الكربون وبغاية إيقاف لما يسمى انفلات الكربون بنقل الإنتاج إلى خارج التراب الأوروبي حيث غياب الضريبة والرسوم الكربونية.
هذا التحدي الأوروبي لم يقابل باستعداد حقيقي من جهة الحكومة سواء على المستوى القانوني حيث مع الأسف لم نشهد مبادرات تشريعية داعمة لرفع هذا التحدي، وحتى ما سجلناه من تكييف لإحدى القوانين فقد جاء متأخرا على شكل مقترح قانون جديد يحمل رقم 75-24 وذلك لتتميم القانون .12-06.. وتم إيداعه بمجلس النواب وإحالته على لجنة القطاعات الانتاجية في نهاية مارس 2025. ولايزال لحد الآن في تلك الوضعية وهو قانون سيمكن معهد التقييس Imanor من تسليم شهادات تثبيت محتويات الكربون ..فمتى سيجاز هذا القانون؟...ومتى ستحسس به المقاولات المعنية ؟... ومتى ستتمكن من القدرات اللازمة لإنجاز حصيلاتها ومحتوياتها من الكربون؟
هذا أيضا فإن إطلاق سوق الكربون ببلادنا الذي يعتبر حلا جذريا وحجر الزاوية لسياسة كربون وطنية تنافسية والتي ستجعل بلادنا في وضع مريح أمام الشريك الأوروبي وهو يعمل على تنزيل هذا الميكانيزم الجديد، فإنه مع الأسف تأخر كثيرا وأجزم أنه لا يمكن إقراره فيما تبقى من الزمن قبل إطلاق المرحلة الفعلية لتنزيل هذه الآلية الأوروبية في فاتح يناير 2026 وهذا موعد لم يعد يفصلنا به إلا ستة أشهر تقريبا.
هذا أيضا مع أن بداية الإعداد لإقرار هذا السوق التي انطلقت قبل سنوات لم تتواصل بشكل فعلي، وحتى الإجراءات التقنية المنجزة مثلا لارساء قاعدة الكربون المغربية لم تستكمل حيث بقيت هذه القاعدة ناقصة من حيث تكييف معاملات الانبعاث facteurs d'emission مع السياق الوطني، ولم يتم تحيين هذه القاعدة بالشكل المطلوب علما أنها تعتبر حجر الزاوية في مسار تحديد محتوى الكربون للمنتج الوطني والذي بدوره يعتبر أساسيا في حساب حصيلة الكربون والتصريح بها وهي الحصيلة التي أصبحت ضرورية للمقاولة الوطنية للتعاطي مع الوضع الجديد حيث هي الوثيقة الاولى التي سيطلبها الشريك الأوروبي المستورد من نظيره المغربي المصدر.
ماذا عن دور المعهد المغربي للتقييس Imanor، إدارة الجمارك..؟
المعهد المغربي للتقييس هو الهيئة الرسمية المغربية المكلفة بالتقييس. وقد أنيطت بهذه المؤسسة التي أحدثت سنة 2010 مهام إعداد المعايير المغربية والإشهاد بالمطابقة مع المواصفات والأنظمة المرجعية المعيارية مع إصدار ونشر المعايير والمنتجات المرتبطة بها والمعلومات ذات الصلة، وبالتالي فإن هذا المعهد سيكون له دور كبير في مواكبة المعايير والمواصفات اللازمة الخاصة بموضوع الكربون ومساطير إنجاز حساب حصيلات ومحتوى الكربون وفحصها وتدقيقها واعلانها. هذا وقد سبق أن سجلت ملاحظات على التعديل الأخير الذي جاءت به الحكومة ليمس إحدى مواد القانون المحدث للمعهد من حيث سبب نزوله أصلا ومن حيث المضمون غير الدقيق الذي جاء به ولم يشمل كل أوجه معالجة محتوى الكربون.
المعهد المغربي للتقييس هو الهيئة الرسمية المغربية المكلفة بالتقييس. وقد أنيطت بهذه المؤسسة التي أحدثت سنة 2010 مهام إعداد المعايير المغربية والإشهاد بالمطابقة مع المواصفات والأنظمة المرجعية المعيارية مع إصدار ونشر المعايير والمنتجات المرتبطة بها والمعلومات ذات الصلة، وبالتالي فإن هذا المعهد سيكون له دور كبير في مواكبة المعايير والمواصفات اللازمة الخاصة بموضوع الكربون ومساطير إنجاز حساب حصيلات ومحتوى الكربون وفحصها وتدقيقها واعلانها. هذا وقد سبق أن سجلت ملاحظات على التعديل الأخير الذي جاءت به الحكومة ليمس إحدى مواد القانون المحدث للمعهد من حيث سبب نزوله أصلا ومن حيث المضمون غير الدقيق الذي جاء به ولم يشمل كل أوجه معالجة محتوى الكربون.
أي مكاسب للاقتصاد الوطني من اعتماد ضريبة الكربون، هل تمثل فرصة للمغرب لتعزيز تموقعه في مسار الاقتصاد الأخضر على المستوى القاري؟
أما مكاسب إحداث ضريبة للكربون، ففي نظري فهذه الضريبة رغم أثرها المادي المحتمل على المقاولة الوطنية فهي ستأتي بفرص استراتيجية كثيرة لفائدة الاقتصاد الوطني ودعم تنافسيته في مجال الاقتصاد الأخضر والاشتراطات البيئية والتقييدات ذات العلاقة التي أخذت تتنامى خصوصا في مجال الكربون، وما له علاقة بالانبعاث الغازي والتغير المناخي ومن ذلك هذه الألية الجديدة الخاصة بضبط الكربون على الحدود الاوروبية MACF.
حيث سيضطر المصدرين المغاربة في القطاعات الستة المعنية بداية (الإسمنت- الحديد والصلب- الكهرباء- الأسمدة- الهيدروجين- الاليمنيوم) لأداء فارق سعر الكربون في الحدود الأوروبية يعني ما يوازي سعره في أوروبا مع خصم ما تم أداؤه في المغرب، وبالتالي فهذه الضريبة ستمكن من رفع تنافسية المقاولة المغربية في السوق الأوروبية. وعموما فمزايا هذه الضريبة ستكون ذات وقع استراتيجي لفائدة المقاولة المغربية والاقتصاد الوطني أما آثارها فتمكن مكافأته بطرق أخرى، منها تقديم الدعم والمواكبة للمقاولات المعنية مع إمكانية خفض الضغط الضريبي بإعادة النظر في ضرائب أخرى لا تجسد مثل هذه الرهانات.
كل هذا الوقع الإيجابي سيمثل بلادنا من الاستمرار في موقع الريادة قاريا بخصوص الاقتصاد الأخضر، ومن تبوء موقع الوسيط الناجع والفاعل بين أفريقيا وأوروبا بهذا الشأن ودعم الفاعلين بقارتنا ومواكبتهم في رفع هذا التحدي.
حيث سيضطر المصدرين المغاربة في القطاعات الستة المعنية بداية (الإسمنت- الحديد والصلب- الكهرباء- الأسمدة- الهيدروجين- الاليمنيوم) لأداء فارق سعر الكربون في الحدود الأوروبية يعني ما يوازي سعره في أوروبا مع خصم ما تم أداؤه في المغرب، وبالتالي فهذه الضريبة ستمكن من رفع تنافسية المقاولة المغربية في السوق الأوروبية. وعموما فمزايا هذه الضريبة ستكون ذات وقع استراتيجي لفائدة المقاولة المغربية والاقتصاد الوطني أما آثارها فتمكن مكافأته بطرق أخرى، منها تقديم الدعم والمواكبة للمقاولات المعنية مع إمكانية خفض الضغط الضريبي بإعادة النظر في ضرائب أخرى لا تجسد مثل هذه الرهانات.
كل هذا الوقع الإيجابي سيمثل بلادنا من الاستمرار في موقع الريادة قاريا بخصوص الاقتصاد الأخضر، ومن تبوء موقع الوسيط الناجع والفاعل بين أفريقيا وأوروبا بهذا الشأن ودعم الفاعلين بقارتنا ومواكبتهم في رفع هذا التحدي.