في الحياة، هناك سنن لا تحيد ولا تميل: الطفل يكبر، الشاب يحلم، والرجل الحكيم يعرف متى يحني رأسه للعمر ويسلم الشعلة لمن بعده.
لكن في بعض الأوطان، ومنها وطني الذي أحب، ألاحظ ظاهرة تؤرقني ولا أفهمها: لماذا يبدو أن كراسي السياسة لا تشيخ؟
لماذا يظل رؤساء الأحزاب، عامًا بعد عام، وعقدًا بعد عقد، هم أنفسهم، بنفس الملامح المتعبة، بنفس الخطاب القديم، وكأن الزمن لم يمر عليهم ولم يأتِ من بعدهم أحد؟
لا أتكلم هنا بدافع الحقد، ولا أرغب أن أتهم أحدًا، ولا أن أسخر من أحد. بل أطرح سؤالاً من القلب.ألا يستحق شبابنا فرصة ليحلموا ويجربوا ويسقطوا ويقوموا؟ ألا يستحقون أن يرسموا بأنفسهم ملامح غدهم بدل أن يرثوا أحلامًا من زمن مضى؟.
الفرق بين شاب ينظر إلى الحياة كأرض واسعة تنتظره، ورجلٍ تعب من الطريق ولم يعد يرى في الأفق إلا الغروب....
نحن بحاجة إلى أملٍ جديد، إلى وجوه لم تتلوث بعد بحسابات السلطة ولا بمرارة الخسارات القديمة.
لا بأس أن يكون الكبار خلف الشباب، يسندونهم بخبرتهم، يرشدونهم عندما يشتد الطريق، يهمسون في آذانهم ببعض الحكمة، دون أن يسرقوا منهم حلمهم.
السياسة ليست امتيازا يحتكر، بل مسؤولية تتجدد مع كل جيل.
أحلم أن أرى، في بلادي الحبيبة، جيلاً يتقدم المشهد، يتكلم بلهجة عصره، يعبر عن نبضه الحقيقي، لا يردد شعارات ماضٍ لم يعشه.
أحلم أن ينسحب الحكماء ...كما ينسحب الغيم بعد أن يسقي الأرض، أن يبتسموا وهم يرون الزهور تنبت بأيدٍ غير أيديهم، دون خوف ولا حسرة.
لعلنا يومًا نفهم أن الجمال الحقيقي في أن نُعطي حين نستطيع العطاء، لا أن نُمسك حين تنفد منا القدرة على الزرع.
هذا مجرد تأمل... من فنانٍ لا يتعاطى السياسة، لكنه يحب بلده، ويحلم لها بغدٍ يليق بوجهها الجميل.