في مشهد صادم ومأساوي، اهتزت مدينة ابن أحمد مؤخرا على وقع فاجعة أليمة تمثلت في العثور على أشلاء بشرية داخل مرحاض عمومي ملحق بالمسجد الأعظم.
الحادثة التي خلفت موجة من الحزن والاستنكار، فتحت بشأنها السلطات المختصة، تحت إشراف النيابة العامة، تحقيقات ميدانية وتقنية دقيقة، مستعينة بفرق متخصصة وكلاب مدربة لكشف ملابسات الجريمة.
غير أن ما رافق هذه الفاجعة من سلوكيات مست بالممارسة الإعلامية المهنية، بنشر بعض التصريحات غير الموثوقة، التي تناقلتها بعض المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بدون تحقق، أثار الكثير من المخاوف القانونية والأخلاقية، خاصة مع ما يمكن أن ينتج عنه من تداعيات خطيرة على المتابعين، لا سيما القاصرين.
إن نشر أو إعادة نشر معطيات غير مؤكدة أو كاذبة، خاصة في قضايا جنائية بهذا الحجم، لا يضر فقط بمجريات التحقيق ويؤثر على سريته ونزاهته، بل قد يخلق أيضا حالة من الهلع العام ويضر بالسلم الاجتماعي.
لاحتمال تأثيراته الخطيرة، لاسيما في صفوف الأطفال والمراهقين بمعطيات صادمة ومخيفة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية وسلوكية.
فالإشاعات والأخبار الكاذبة قد تساهم في نشر الخوف والهلع وتعميق الإحساس بانعدام الأمان داخل المجتمع.
ناهيك عن ما قد تسببه المعطيات الخاطئة الموجهه الى الرأي العام بتحليلات مضللة، من تأثيرات سلبية على الشهود والمشتبه فيهم.
فالمسؤولية القانونية للمنصات الالكترونية ملزمة بواجب التحقق من صحة الأخبار قبل النشر، وفق مقتضيات قانون الصحافة والنشر. مع ضرورة حرصها على حماية الفئات الهشة، خصوصا القاصرين، من التعرض لمضامين قد تضر بصحتهم النفسية والاجتماعية.
فالمسؤولية المهنية تقتضي انتظار البلاغات الرسمية الصادرة عن النيابة العامة أو السلطات الأمنية قبل النشر..
تبقى حرية التعبير من الحقوق المكفولة دستوريا، لكنها تظل مقرونة باحترام القانون، والحفاظ على النظام العام، وحماية الفئات الهشة من أي تأثيرات سلبية.
إن مأساة ابن أحمد تفرض استحضار حس المسؤولية والتقيد بأخلاقيات النشر بما يصون المجتمع ويحمي كرامة الضحايا ويساعد على تحقيق العدالة.
