السبت 19 إبريل 2025
مجتمع

الحاجة إلى مراجعة تشريع استعمال السلاح لمواجهة الإجرام والتشرميل

الحاجة إلى مراجعة تشريع استعمال السلاح لمواجهة الإجرام والتشرميل ‬تنامي‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬لفرض‭ ‬احترام‭ ‬القانون،‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة
يضطر‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬الخطرة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المحاضن‭ ‬الشعبية‭ ‬للإجرام‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬سلاحهم‭ ‬الوظيفي‭ ‬لرفع‭ ‬خطر‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض‭ ‬المسلط‭ ‬على‭ ‬أعناقهم،‭ ‬أو‭ ‬لشل‭ ‬حركة‭ ‬عتاة‭ ‬المجرمين‭ ‬الذي‭ ‬يهددون‭ ‬الأمن‭ ‬العام‭ ‬بجرعات‭ ‬عنيفة‭ ‬زائدة‭ ‬من‭ ‬الثقة،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬أنهم‭ ‬أصبحوا‭ ‬"أسياد‭ ‬الشارع"‭.‬

ولعل‭ ‬تنامي‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬لفرض‭ ‬احترام‭ ‬القانون،‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬يكشف‭ ‬بوضوح‭ ‬وبالأرقام،‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬مهول‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬الإجرام‭ ‬العنيف‭ ‬بكل‭ ‬أنواعه‭ ‬«اعتداءات،‭ ‬اعتراض‭ ‬السبيل،‭ ‬السلاح‭ ‬الأبيض‭...‬»،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬حتى‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون،‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬شرطة‭ ‬ودرك‭ ‬وقوات‭ ‬مساعدة‭ ‬وجمارك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬تحوّلا‭ ‬نوعيا‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬التدخل‭ ‬الأمني،‭ ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬التريّث‭ ‬المفرط‭ ‬سابقًا‭ ‬إلى‭ ‬التدخل‭ ‬الحازم‭ ‬باستعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬ضد‭ ‬المجرمين،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بقانوني‭ ‬«الدفاع‭ ‬الشرعي»‭ ‬و«الضرورة‭ ‬الأمنية»‭.‬

ويطرح‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الإشكالات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسؤال‭ ‬التالي:‭ ‬هل‭ ‬لتواتر‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬توقيف‭ ‬المجرمين‭ ‬الخطرين‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بالوتيرة‭ ‬السريعة‭ ‬والمتنامية‭ ‬التي‭ ‬يعرفها،‭ ‬درع‭ ‬تشريعي‭ ‬يحمي‭ ‬عناصر‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬الذين‭ ‬يتدخلون‭ ‬لحماية‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬المتابعة‭ ‬القانونية،‭ ‬ويردع‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬المجرمين‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تعريض‭ ‬حياة‭ ‬الأشخاص‭ ‬للخطر؟‭ ‬

إن‭ ‬تواتر‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المجرمين‭ ‬الخطرين‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬يعكس‭ ‬واقعًا‭ ‬أمنيًا‭ ‬معقدًا‭ ‬يتطلب‭ ‬وضوحًا‭ ‬تشريعيًا‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الأنظمة‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬التعليمات،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬بينما‭ ‬يُنتظر‭ ‬من‭ ‬رجل‭ ‬الأمن‭ ‬أو‭ ‬الدركي‭ ‬أن‭ ‬يتدخل‭ ‬بحزم‭ ‬لحماية‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬دقيق‭ ‬يُحدد‭ ‬شروط‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬ويحمي‭ ‬الشرطي‭ ‬والدركي‭ ‬من‭ ‬«التجرجير»،‭ ‬يجعله‭ ‬عُرضة‭ ‬للتقدير‭ ‬الشخصي‭ ‬المقيد‭ ‬بالمساءلة‭ ‬القضائية،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يُؤثر‭ ‬حتما‭ ‬على‭ ‬سرعة‭ ‬وفعالية‭ ‬التدخل‭ ‬الأمني،‭ ‬إذ‭ ‬يضطر‭ ‬أفراد‭ ‬القوة‭ ‬العمومية‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬طويلا‭ ‬في‭ ‬عواقب‭ ‬استعمال‭ ‬سلاحهم‭ ‬الوظيفي‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تحييد‭ ‬الخطر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة،‭ ‬ودون‭ ‬تردد‭. ‬

ومن‭ ‬ثمة،‭ ‬فإن‭ ‬التحدي‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يعيشه‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬ورجال‭ ‬الدرك‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬مشروعية‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬إيجاد‭ ‬توازن‭ ‬تشريعي‭ ‬يحمي‭ ‬العنصر‭ ‬الأمني،‭ ‬ويُرسي‭ ‬مبدأ‭ ‬الردع‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الجريمة،‭ ‬دون‭ ‬المساس‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬ترك‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الغارب‭ ‬أمام‭ ‬حاملي‭ ‬السلاح،‭ ‬مما‭ ‬سيضع‭ ‬بالضرورة‭ ‬حدا‭ ‬للتردد‭ ‬الميداني،‭ ‬ويفتح‭ ‬المجال‭ ‬للتقدير‭ ‬الشخصي‭ ‬المقيد‭ ‬بشروط‭ ‬صريحة‭ ‬ودقيقة‭ ‬لاستعمال‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المجرمين‭. ‬
 
ففي‭ ‬فرنسا،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يُحدد‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬2017-258‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬فبراير‭ ‬2017،‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يُسمح‭ ‬فيها‭ ‬لعناصر‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬باستخدام‭ ‬أسلحتهم،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬بالزي‭ ‬الرسمي‭ ‬أو‭ ‬يحملوا‭ ‬ما‭ ‬يُظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضرورة‭ ‬قصوى‭ ‬وبطريقة‭ ‬متناسبة‭ ‬مع‭ ‬الخطر‭. ‬(انظر‭ ‬في‭ ‬الصفحة‭ ‬الموالية):
 
وإذا‭ ‬انتقلنا‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فإن‭ ‬قوانين‭ ‬استخدام‭ ‬الشرطة‭ ‬للسلاح‭ ‬تختلف‭ ‬بين‭ ‬الولايات،‭ ‬حيث‭ ‬تضع‭ ‬كل‭ ‬ولاية‭ ‬ضوابطها‭ ‬الخاصة‭. ‬لكن‭ ‬يُسمح‭ ‬للشرطة،‭ ‬عمومًا،‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬الآخرين،‭ ‬أو‭ ‬لمنع‭ ‬جريمة‭ ‬خطيرة،‭ ‬كما‭ ‬تخضع‭ ‬هذه‭ ‬الاستخدامات‭ ‬لمراجعة‭ ‬قضائية،‭ ‬وتختلف‭ ‬معايير‭ ‬التقييم‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭.‬
 
أما‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬فرغم‭ ‬تواتر‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬قانون‭ ‬محدد‭ ‬يعدد‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يُسمح‭ ‬فيها‭ ‬باستخدامه،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬يخضع‭ ‬لضوابط‭ ‬قانونية‭ ‬صارمة،‭ ‬ويُسمح‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬حالتين‭ ‬اثنتين:‭ ‬أولا،‭ ‬الدفاع‭ ‬الشرعي‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬اعتداء‭ ‬وشيك‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الشرطي‭ ‬أو‭ ‬المواطنين‭. ‬ثم‭ ‬ثانيا:‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التناسب‭ ‬بين‭ ‬التهديد‭ ‬واستخدام‭ ‬السلاح،‭ ‬لأن‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬يخضع‭ ‬للمراقبة‭ ‬القضائية‭ ‬البعدية،‭ ‬ويتم‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حالة‭ ‬استخدام‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬قانونيتها،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬تجاوز‭ ‬أو‭ ‬استخدام‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭ ‬للسلاح‭ ‬يعرض‭ ‬الشرطي‭ ‬للمساءلة‭ ‬التأديبية‭ ‬والجنائية،‭ ‬ويُمكن‭ ‬أن‭ ‬يتابع‭ ‬عون‭ ‬القوة‭ ‬إذا‭ ‬اعتُبر‭ ‬تجاوزه‭ ‬مفرطًا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مبرّر‭. ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬رجل‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬ليس‭ ‬محصّنًا‭ ‬كليا‭ ‬ضد‭ ‬المتابعة‭ ‬إذا‭ ‬أساء‭ ‬تقدير‭ ‬الوضع‭ ‬وانتهى‭ ‬به‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬الرصاص،‭ ‬بل‭ ‬معرض‭ ‬للمساءلة‭ ‬الجنائية‭ ‬أحيانا،‭ ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬يتحفظون‭ ‬عن‭ ‬استعمال‭ ‬سلاحهم‭ ‬الوظيفي،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الخطر‭ ‬الماحق‭ ‬أو‭ ‬الداهم؛‭ ‬وهذا‭ ‬التردد‭ ‬الموضوع‭ ‬أمام‭ ‬القانون‭ ‬هو‭ ‬النقطة‭ ‬التي‭ ‬يستغلها‭ ‬المجرمون‭ ‬بالمغرب‭ ‬للتمادي‭ ‬في‭ ‬العنف،‭ ‬عكس‭ ‬الشرطي‭ ‬الأمريكي‭ ‬أو‭ ‬الفرنسي‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬داخل‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬يتميز‭ ‬بمستوى‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬التفصيل‭. ‬ففي‭ ‬فرنسا،‭ ‬ينظم‭ ‬القانون‭ ‬بوضوح‭ ‬ودقة‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬يُسمح‭ ‬فيها‭ ‬لعناصر‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬باستخدام‭ ‬أسلحتهم،‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا؛‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُظهر‭ ‬توجهًا‭ ‬نحو‭ ‬تقنين‭ ‬دقيق‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬هامش‭ ‬الاجتهاد‭ ‬الشخصي‭. ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬مفصل‭ ‬مماثل،‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬لرجل‭ ‬الأمن‭.‬
 
ومن‭ ‬هنا،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬يُطوّر‭ ‬المغرب‭ ‬منظومته‭ ‬القانونية‭ ‬بما‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬التوجه‭ ‬الحقوقي‭ ‬الدولي،‭ ‬ويضمن‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬لرجال‭ ‬الأمن‭ ‬ورجال‭ ‬الدرك‭ ‬والجمارك‭ ‬حين‭ ‬يتحركون‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬المشروعية،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬ارتداد‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬عليهم،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يعرضهم‭ ‬للعقاب‭. ‬
 
صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬طرقا‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬مميتة‭ ‬لتحييد‭ ‬خطر‭ ‬المجرمين،‭ ‬والمغرب‭ ‬يتوفر‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬منها،‭ ‬مثل‭ ‬الصاعق‭ ‬الكهربائي (taser)،‭ ‬رذاذ‭ ‬الفلفل‭ ‬المُهيّج‭  ‬«الغاز‭ ‬المسيل‭ ‬للدموع»،‭ ‬الرصاص‭ ‬المطاطي‭ ‬أو‭ ‬الإسفنجي،‭  ‬الهراوات‭ ‬«العصي‭ ‬التلسكوبية»،‭ ‬كلاب‭ ‬الشرطة‭ ‬المدربة،‭ ‬تقنيات‭ ‬التفاوض‭ ‬والإقناع‭ ‬النفسي‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ناجعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الحالات،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الخطورة‭ ‬القصوى‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬المجرمون‭ ‬الانفعاليون‭ ‬أو‭ ‬الواقعون‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬المخدرات‭ ‬القوية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬البوفا‭ ‬وحبوب‭ ‬القرقوبي‭ ‬بكل‭ ‬أنواعه،‭ ‬لأن‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ردعهم‭ ‬بالكلام‭ ‬أو‭ ‬التفاوض‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المواقف‭ ‬«كاحتجاز‭ ‬رهائن‭ ‬أو‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام»‭ ‬تستدعي‭ ‬تدخلًا‭ ‬فوريًا‭ ‬لحماية‭ ‬أرواح‭ ‬الناس‭. ‬ولذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬يمثل‭ ‬الحل‭ ‬المثالي‭ ‬للتدخل‭.‬
 
إن‭ ‬وجود‭ ‬السلاح‭ ‬بيد‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬يعني‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الردع‭ ‬المسبق‭ ‬للمجرمين،‭ ‬بل‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬التهديد‭ ‬ينتقل‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬إلى‭ ‬المجرمين،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬منع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬المميتة‭. ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬صحيحا‭ ‬أن‭ ‬استعمال‭ ‬السلاح‭ ‬دون‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬انتهاكات‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يقيد‭ ‬بضوابط‭ ‬صارمة،‭ ‬فإن‭ ‬التكوين‭ ‬الجيد‭ ‬لرجال‭ ‬الأمن‭ ‬ورجال‭ ‬الدرك‭ ‬على‭ ‬تقنيات‭ ‬التدخل،‭ ‬وتأطيرهم‭ ‬قانونيا‭ ‬ونفسيا‭  ‬لتلافي‭ ‬الاستعمال‭ ‬المفرط‭ ‬للقوة،‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬وأفراد‭ ‬القوة‭ ‬العمومية،‭ ‬هي‭ ‬السبل‭ ‬التي‭ ‬تمهد‭ ‬لشل‭ ‬الإجرام‭ ‬وإخضاع‭ ‬المجرمين‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬التسرب‭ ‬إلى‭ ‬مفاصلنا‭. ‬
 
بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬نستنتج‭ ‬أن‭ ‬هناك،‭ ‬أولا،‭ ‬ضرورة‭ ‬إخراج‭ ‬قانون‭ ‬إطار‭ ‬واضح‭ ‬لاستعمال‭ ‬السلاح‭ ‬يوازن‭ ‬بين‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬لرجال‭ ‬الأمن‭ ‬والدرك‭ ‬والمحاسبة‭ ‬على‭ ‬التجاوزات‭. ‬ثانيا،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬التكوين‭ ‬القانوني‭ ‬والنفسي‭ ‬والحقوقي‭ ‬للعناصر‭ ‬الأمنية،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬أساسي‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬المساس‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أضيق‭ ‬الحدود،‭ ‬إذ‭ ‬تنص‭ ‬المادة‭ ‬6‭ ‬من‭ ‬العهد‭ ‬الدولي‭ ‬الخاص‭ ‬بالحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬«لا‭ ‬يجوز‭ ‬حرمان‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬حياته‭ ‬تعسفًا»‭. ‬ثالثا،‭ ‬لزوم‭ ‬إطلاق‭ ‬حملات‭ ‬تحسيسية‭ ‬حول‭ ‬مشروعية‭ ‬تدخل‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الخطر‭ ‬القصوى‭. ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭  ‬الشارع‭ ‬المغربي‭ ‬يظهر‭ ‬موقفًا‭ ‬يتسم‭ ‬بالتفهم‭ ‬لضرورة‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬الوظيفي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬الخطيرة،‭  ‬فإن‭ ‬الصوت‭ ‬الحقوقي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يرفض‭ ‬«إطلاق‭ ‬يد‭ ‬الشرطي»‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬تطبيع‭ ‬التدخلات‭ ‬المميتة‭. ‬
 
وإذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النقط‭ ‬الحضرية‭ ‬السوداء‭ ‬تعرف‭ ‬إجراما‭ ‬يهدد‭ ‬حياة‭ ‬الشرطة‭ ‬والدرك‭ ‬والمواطنين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬فإن‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬بإمكانه‭ ‬تجريد‭ ‬الشرطي‭ ‬والدركي‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬وحماية‭ ‬الأرواح‭ ‬والأمن‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الحماية‭ ‬حين‭ ‬يكون‭ ‬الخطر‭ ‬حقيقيًا‭ ‬ووشيكًا،‭ ‬وإلا‭ ‬فإننا‭ ‬سنلتحق‭ ‬ببعض‭ ‬دول‭ ‬أمريكا‭ ‬اللاتينية‭ ‬«السلفادور،‭ ‬فنزويلا،‭ ‬كولومبيا،‭ ‬غواتيمالا،‭ ‬هندوراس،‭ ‬جمايكا»‭ ‬أو‭ ‬الإفريقية‭ ‬«جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬نيجيريا»‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬فيها‭ ‬التهديد‭ ‬بالقتل‭ ‬هو‭ ‬القاعدة‭ ‬الأمنية‭ ‬الكبرى.
تفاصيل أوفى تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية "الوطن الآن"
رابط العدد هنا