الجمعة 18 إبريل 2025
كتاب الرأي

المحامي أيت بلعربي: الوزير وهبي يأتي على الأخضر واليابس بتصريحات جديدة

المحامي أيت بلعربي: الوزير وهبي يأتي على الأخضر واليابس بتصريحات جديدة رشيد أيت بلعربي
بعد الهدنة التي وقعها مع المحامين، ها هو وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يوجّه ذخيرته تجاه القضاة بتصريحات لا سياق لها. فهل القضاة هم من يحكمون الدولة فعلا كما يحاول السيد الوزير أن يوهمنا بذلك؟
وهل المقصود بتفسير القضاة لنية المشرع هو التفسير القدحي الذي قدمه السيد الوزير؟ 
لن نقدم شهادتنا زورا لأحد، لكن ما نراه يحكم البلاد اليوم هو التوجه الداعم والمستفيد من الفساد بكل تلاوينه والذي يضم وزراء ومدراء وموظفين كبار ورجال سياسة ومعهم مهنيين ينتمون لقطاعات مختلفة. وهو توجه قد يستعين ببعض رجال القضاء ذوي النفوس الضعيفة كلما تطلب الأمر ذلك. 
أما القضاة الذين يشتكي منهم السيد الوزير فهم من يقفون ضد الفساد بمختلف تمظهراته سواء عبر أحكامهم أو قرارتهم أو عبر مواقفهم التي يعبرون عنها في إطار ما يسمح به القانون، سواء في السر أو العلن، وآخرها المواقف المتتالية لبعض القضاة من المادة 3 من مشروع تعديل قانون المسطرة الجنائية التي جاءت لتغل يد القضاء في التعاطي مع جرائم المال العام باعتباره الوكر الكبير للفساد، وكل ذلك في إطار حق دستوري هو المقاربة التشاركية. فهؤلاء القضاة هم من يشكلون الخطر والعائق الأكبر أمام الفساد وتغوله وهؤلاء هم من يزعجون ربابنة الفساد وعرابيه. ولا أعتقد أن هؤلاء الشرفاء يشكلون خطرا على الدولة ولا على الديموقراطية ولا على إرادة الشعب، بل هم نتاج خالص لإرادة الشعب تماما عندما خرج ذات 20 فبراير من سنة 2011، مطالبا بفصل السلط وبدسترة استقلال السلطة القضائية. وهو ما تمت الاستجابة له في دستور يوليوز 2011 بعدما تم التمهيد لذلك بالخطاب الملكي ل 9 مارس من نفس السنة. لكن يبدو أن السيد الوزير يحن لما قبل دستور 2011. 
أما ما تلفظ به السيد وزير العدل من تفسير حول توجه بعض القضاة إلى تفسير نية المشرع، فإنه يؤكد نظرته السطحية الكبيرة لهذا العمل الإجرائي الذي يضطر القضاة أحيانا للجوء إليه في بعض القضايا في علاقتها ببعض النصوص. فعملية تفسير النصوص باللجوء إلى نية المشرع لا تتم عبر النزوات الشخصية لكل قاض على حدة ودرجة اجتهاده في قراءة نفسية وعقلية وإرادة ونية الوزير وموظفي البرلمان والنواب والمستشارين البرلمانيين. فهذا هراء في هراء. بل إن عملية التفسير هاته  تسلك طريقة علمية بالأساس، تعتمد على الاطلاع على الأعمال التحضيرية التي سبقت أو صاحبت إعداد النص القانوني ومناقشته وخلفيات ذلك سواء في دواليب الوزارة أو الأمانة العامة للحكومة أو أمام اللجان البرلمانية. وغالبا ما يتم اللجوء إلى هاته العملية عندما يكون النص غامضا، أو تعترض القاضي صعوبة في ربط النزاع المعروض عليه مع النص القانوني الواجب التطبيق. ولهذا يجب على السيد وزير العدل عندما يخاطب أهل القانون أن يلتزم بأبجديات القانون وليس إطلاق الكلام على عواهنه.
 
ذ. رشيد أيت بلعربي، محامي بهيئة القنيطرة