الثلاثاء 25 مارس 2025
فن وثقافة

ندوة فكرية بمراكش تضع النخبة والقيم تحت مجهر النقد ( مع فيديو)

ندوة فكرية بمراكش تضع النخبة والقيم تحت مجهر النقد ( مع فيديو) جانب من أشغال الندوة
نظم مركز التنمية لجهة تانسيفت مساء يوم السبت 22 مارس2025 برحاب كلية اللغة العربية بمراكش ندوة فكرية رمضانية حول: " النخبة والقيم"، شارك فيها ثلة من الأساتذة والباحثين من مختلف التوجهات والاهتمامات الثقافية والعلمية.

وعلى ضوء استحضار كلام عبد الله العروي في حديثه عن النخبة السياسية، وموضوعة الأمية، وحددها قائلاً: "ترتفع الأمية لا بإتقان الكتابة والقراءة ولا بحفظ مقولات عن الكون والإنسان والماضي، بل عندما يستقل المرء بذاته ويرى فيها المادة التي يشيد بها الكيان .". كما أكد على أن الشخص الموصوف بالأمي هو المرء الذي لا يستطيع ذهنه أن يتمثل الصالح العام وبناء على ذلك، أؤماً، غير ما مرة، إلى وصف حاضرنا ب "زمن الشوم". كانت بوصلة النقاش التي شارك فيه أيضا الجمهور الحاضر.

وفي بداية أشغال الندوة وفي كلمتها، شددت الأستاذة بشرى العاصمي وهي محامية لأزيد من عشرين سنة، على الإشارة إلى ما يقع من انهيار للقيم الكونية والتي تتجلى في أبشع صورها في الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يتعرض له شعبها من إبادة وتقتيل على يد الكيان الصهيوني، ومعه يتكشف نفاق المجتمع الدولي الذي يرفع شعار العدل وحقوق الإنسان، حيال كل ما يجري لعدة عقود. كما أشارت العاصمي أن مهنة المحاماة بالنسبة لمسارها علمتها كيف تأخذ المشعل لتثبيت القيم والأخلاق داخل المجتمع عبر مشاركتها وإشرافها على عدة محطات تنظيمية وحقوقية، في سبيل الحق والعدل والمساواة.

أما الدكتور شكيب بنفضيل وهو طبيب أخصائي، فقد تطرق إلى اﻟﻘﻴﻢ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﰲ ﺿﻮء ﻣﺘﻐﲑﺍﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭﺗﺄﺛﲑﻫﺎ ﻋﻠﻰ الأجيال.

متحدثا عن مساره المهني وعلى أهم المحطات التي كانت فيه القيم بالنسبة له هي الأساس، خاصة القيم الأخلاقية التي تميزت بها الأسرة المغربية في الماضي، الموسومة بالحياء والتوقير والتقدير والاحترام سواء داخل الأسرة أو المجتمع، لأنه يحول دون خدش الأحاسيس ويجعل العلاقات دافئة بين أفراد الأسرة والمجتمع. وأشار في مداخلته للقيم الأسرية وعن ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ من ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻻﻨﺘﻘﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ قام بها حفاظا على هذه القيم ضمن صورات ﻭﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺼﺭﻴﺤﺔ ﺃﻭ ﻀﻤﻨﻴﺔ تشبع بها منذ صغره، لكنها حاليا إلى تدهور.

أما المهندس ادريس جلولي وهو مهندس زراعي فقد تطرق إلى مفهوم القيم داخل المقاولة ومفهومها السوسيولوجي، باعتبارها الفضاء الذي تتشكل فيه الهوية والثقافة والاتفاقات الاجتماعية بين رب العمل والعامل والدولة، في إطار مجموعة من القيم والاخلاقيات المهنية، والثقة كأحد أعمدتها، على التصور الجماعي والمشترك بينها. وبحسب جلولي فإن المقاولة، وهي من المفاهيم الأكثر تداولا في الحقل الاقتصادي ، فهي أيضا كيان اجتماعي وثقافي تنصهر فيه كل القيم، قبل أن يكون اقتصاديا منتجا، حيث يضم كيانات تتحكم فيه روابط اجتماعية ويحيط بها فاعلون، هم بمثابة حراس القيم، وكلما انهارت هذه القيم ، انهارت المقاولة ومعها المجتمع.

الدكتور عبد الواحد طليمات، وهو وأستاذ جامعي ، فقد تطرق في عرضه إلى المدرسة والقيم. حيث المدرسة كفضاء أكثر ملاءمة وفعالية في التربية على القيم المنصوص عليها في الدستور ، كالحرية، الكرامة ، المساواة بين الجنسين، الانفتاح، الحوار ، الديمقراطية .. وفي ترسيخ الوعي المواطني" .
 
وأوضح طليمات، أي التربية على المواطنة، وعلى مبادئ الواجب، ومبادىء الحق.. وليست المدرسة وحدها تتكفل بذلك. فالتربية على القيم ليست فقط تربية" معرفية" بل تتوجه أساسا إلى السلوك. لذلك فالمتمدرسون لا يمكنهم تعلم وتمثل تلك القيم إذا لم يعيشوها في المدرسة ومحيطها، وفي الحياة المدرسية.

فالتربية القومية هي: تربية انسانية، يؤطرها الاحترام المشترك الانساني، والتربية العقلانية ضد تحكم الغرائز والأهواء والرغبات في السلوك ، ونقد لكل القيم المناهضة أو الماسة بالكرامة والمساواة والحرية .. وهذا ما يجعل من التربية على القيم أكثر من مشروع تربوي تعليمي بيداغوجي خالص ، بل هي مشروع سوسيوثقافي تحديثي لكل النسق المجتمعي ، الثقافي والسياسي..

وفي ختام مداخلته علق طليمات على الكيفية التي دبرت فيه النخب المدبرة لقضايا التعليم وولوج مهنة التدريس ببلادنا منذ انطلاق عشرية الإصلاح للمياه الوطني للتربية والتكوين إلى زمن الرؤية الاستراتيجية 2015_ 2030.

أما باقي مداخلات الحضور في هذه الندوة فقد كانت في مجملها تشير إلى تراجع القيم داخل المجتمع، سواء تعلق الأمر بالمؤسسات أو النخب أو الأفراد، حيث تظل ثقافة الريع هي السائدة والمهيمنة على كل مناحي الحياة اليومية ، سياسيا واجتماعيا وثقافيا وسلوكيا. وتلك من مظاهر استفحال الانتكاسة والتراجعات القيمية التي خيمت على مواقف نخبتنا على العموم وجثمت على جُلّ نفوس المواطنين.