إشراف وتقديم: أحمد فردوس

تحيي جريدة “أنفاس بريس” من خلال سلسلة حلقات “ذاكرة رمضان” ذكرى أحداث فارقة وشخصيات عظيمة وُلدت وأخرى رحلت في هذا الشهر المبارك. سنتناول ملوكًا تركوا بصماتهم في تاريخ الحكم، وعلماءً أثروا الفكر والمعرفة، وفقهاء أسسوا مدارس اجتهادية، ومقاومون كان لهم دور كبير في مقاومة الإستعمار وقدموا تضحيات في سبيل حرية الوطن واستقلاله، وأدباء وشعراء رسموا بالكلمات ملامح عصرهم، ورياضيين وفنانين حملوا اسم المغرب والأندلس إلى آفاق جديدة.

من قرطبة إلى فاس، ومن مراكش إلى غرناطة، شهـدت هذه الأرض ولادة عباقـرة ورحيل كبار، وكأن الزمان يختار هذا الشهر الكريم ليكرم فيه عباده، فيجعل لحظات قدومهم إلى الدنيا أو وداعهم لها تتـزامن مع أيـام الرحمة والمغفرة. إن رمضان ليس شهر النسيان، بل هو شهر الوفاء، ومن واجبنا أن نُحيي ذكراهم، وننفض الغبار عن صفحات مشرقة من تاريخنا، وأن نربط الحاضر بالماضي لنستفيد من تجارب الذين عاشوا ورحلوا تحت نور هذا الشهر المبارك.

“ذاكرة رمضان” ليست فقط رحلة عبر التاريخ، بل هي دعوة للتأمل في عمق التجربة المغربية والأندلسية، ولإعادة الإعتبار لمن أسهموا في تشكيل هذا الإرث الثقافي العظيم حتى لا نقع في فخ النسيان، الذي يُقال إننا لا نملك سواه. وهي أيضا سلسلة حلقات توثق لشخصيات مغربية حديثة ولدت وأخرى توفيت في هذا الشهر العظيم خلال هذا القرن، منهم الأحياء والأموات، شخصيات فاعلة ناجحة ومتألقة في مجالها.

ـ إليكم الحلقة 20 من سلسلة حلقات ”ذاكرة رمضان”

 1 ـ في مثل هذا اليوم كانت ولادة الكاتب والباحث الطيب بوعزة

ولد الكاتب والباحث الطيب بوعزة في يوم 20 رمضان عام 1386 هجرية الموافق لـ 1 يناير من سنة 1967 ميلادية.

الدكتور الطيب بوعزة من مواليد مدينة طنجة، حاصل على الدكتوراة في الفلسفة من كلية الآداب جامعة محمد الخامس بالرباط، وشغل أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة.

للكاتب والباحث الأستاذ الطيب بوعزة مجموعة كبيرة من المقالات والدراسات منشورة في مجلات وصحف محلية ودولية، بالإضافة إلى مجموعة من الإصدارات والكتب خاصة في مجال الفكر الفلسفي.

ومن المعلوم أن الدكتور الطيب بوعزة يشرف على التحكيم العلمي لبحوث قسم الدراسات الفلسفية والعلوم الاجتماعية بمؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والبحوث.  ويشارك أيضا وبقوة في أكاديمية نماء للعلوم الإسلامية والإنسانية - للتعليم عن بعد.

في سياق متصل فقد تنوعت كتابات الدكتور الطيب بوعزة ما بين الكتب العلمية، والدراسات والأبحاث المحكمة، والمقالات الصحفية، والتي وصلت إلى ما يقرب من (300) عمل، ويمكن أن نستعرض جانب منها حيث نستحضر الكتب العلمية التالية: “قضايا في الفكر الإسلامي المعاصر” و “في دلالة الفلسفة وسؤال النشأة “، كتاب “الفلسفة اليونانية ما قبل السقراطية”.  كتاب “فيثاغور والفيثاغورية” ثم كتاب “نقد الليبرالية” وكتاب “في ماهية الرواية”

صدرت للدكتور الطيب بوعزة العديد من الأبحاث والدراسات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، “قراءات معاصرة في التراث الرشدي” و “الغزالي والفلسفة” ثم دراسة في “العلاقة الملتبسة بين الفن والفلسفة” فضلا عن “الفلسفة الوضعية والدين” ثم “في مفهوم المفهوم ومحددات المقاربة المفاهيمية” و “العقل والذاتية في فلسفة الحداثة من ديكارت إلي كانط” ثم  “مستجدات البحث في فلسفة الدين قراءة نقدية / مقارنة”.

ومن الكتابات الأدبية والفنية نذكر كتاب “اللغة والتواصل” وكتاب “الفلسفة في زمن ما بعد الحداثة” وكتاب “لماذا الفن؟” ثم كتاب “في سؤال النهضة، مقاربة تحليلية نقدية لتطور التفكير النهضوي” و “كيف يقرأ الفيلسوف التاريخ علم الاجتماع الاستعماري واستعمال ابن خلدون”.

 

الباحث الطيب بوعزة

2 ـ طيبب الأطفال البروفيسور عبد الرحيم الهاروشي

وُلد البروفيسور عبد الرحيم الهاروشي في يوم 31 يناير 1944 بمدينة الدار البيضاء، وكانت وفاته في يوم 21 غشت 2011 ميلادية الموافق 1432هجرية /9/21، وهو بالمناسبة طبيب أطفال وسياسي وفاعل جمعوي مغربي .

ومن المعلوم أن الدكتور عبد الرحيم الهاروشي كان قد تقلد ما بين 1985 و 1992 منصب عميد كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، وما بين 1992 و 1995 ، منصب وزير الصحة  في حكومة 1992 ليصبح في ديسمبر 2002 عضواً بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، كما تقلد منصب وزير للتنمية والأسرة والتضامن في 8 يونيو  من العام 2004 .

إطلاق إسم البروفسور عبد الرحيم الهاروشي، على مستشفى الأطفال بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، بعد أن تفضل الملك محمد السادس بإعطاء موافقته على تسمية المستشفى، يعتبر تكريما للراحل ولجيله من الرواد بشكل عام، واعترافا بما أسداه من خدمات جليلة لهذا الوطن، وتقديرا للعلم والعلماء.

البروفيسور الهاروشي كان قيد حياته، طبيبا متخصصا في جراحة الأطفال، وأستاذا متميزا خلال مساره المهني والعلمي، سواء بكلية الطب بالدار البيضاء، أو عند تقلده مجموعة من المناصب الهامة، بالإضافة إلى كونه مؤسسا لجمعية “آفاق” وحقوقيا توج بتعيينه سنة 2002 عضوا بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.

ويُشْهَدُ للدكتور الهاروشي بوافر إسهاماته في التكوين العلمي والأكاديمي، وتشهد إنجازاته العلمية على تميزه في مجال التكوين والبحث العلمي في ميادين جراحة الأطفال والبيداغوجيا الجامعية، حيث شغل منصب عمادة كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء، كما أسس وشغَّل أول مصلحة لجراحة الأطفال في الدار البيضاء منذ سنة 1976، علاوة على إسهاماته في الميدان الصحي والاجتماعي من خلال تقلده منصبي وزير الصحة العمومية ووزير التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن.

عبد الرحيم الهاروشي