إشراف وتقديم: أحمد فردوس
تحيي جريدة “أنفاس بريس” من خلال سلسلة حلقات “ذاكرة رمضان” ذكرى أحداث فارقة وشخصيات عظيمة وُلدت وأخرى رحلت في هذا الشهر المبارك. سنتناول ملوكًا تركوا بصماتهم في تاريخ الحكم، وعلماءً أثروا الفكر والمعرفة، وفقهاء أسسوا مدارس اجتهادية، ومقاومون كان لهم دور كبير في مقاومة الإستعمار وقدموا تضحيات في سبيل حرية الوطن واستقلاله، وأدباء وشعراء رسموا بالكلمات ملامح عصرهم، ورياضيين وفنانين حملوا اسم المغرب والأندلس إلى آفاق جديدة.
من قرطبة إلى فاس، ومن مراكش إلى غرناطة، شهـدت هذه الأرض ولادة عباقـرة ورحيل كبار، وكأن الزمان يختار هذا الشهر الكريم ليكرم فيه عباده، فيجعل لحظات قدومهم إلى الدنيا أو وداعهم لها تتـزامن مع أيـام الرحمة والمغفرة. إن رمضان ليس شهر النسيان، بل هو شهر الوفاء، ومن واجبنا أن نُحيي ذكراهم، وننفض الغبار عن صفحات مشرقة من تاريخنا، وأن نربط الحاضر بالماضي لنستفيد من تجارب الذين عاشوا ورحلوا تحت نور هذا الشهر المبارك.
“ذاكرة رمضان” ليست فقط رحلة عبر التاريخ، بل هي دعوة للتأمل في عمق التجربة المغربية والأندلسية، ولإعادة الإعتبار لمن أسهموا في تشكيل هذا الإرث الثقافي العظيم حتى لا نقع في فخ النسيان، الذي يُقال إننا لا نملك سواه. وهي أيضا سلسلة حلقات توثق لشخصيات مغربية حديثة ولدت وأخرى توفيت في هذا الشهر العظيم خلال هذا القرن، منهم الأحياء والأموات، شخصيات فاعلة ناجحة ومتألقة في مجالها.
ـ إليكم الحلقة 19 من سلسلة حلقات ”ذاكرة رمضان”
1 ـ يوم ولادة البطل المغربي العداء عبد السلام الراضي
ولد العداء المغربي عبد السلام الراضي في يوم 19 رمضان من العام 1347 هجرية، الموافق لـ 28 فبراير 1929 ميلادية في مدينة تاونات شمال المغرب.
ومن المعلوم أن العداء المغربي عبد السلام الراضي كا قد شارك في سباق الأمم تحت علم المنتخب الفرنسي العسكري ثلاث مرات "International Crosscountry Championships، الأولى في العام 1958 بمدينة كارديف الويلزية، حيث احتل المركز الخامس عشر، أما المشاركة الثانية فقد كانت في سنة 1959، في لشبونة بالبرتغال، حيث احتل المركز الثامن، ثم المشاركة الثالثة في سنة 1960 في هاميلتون الإسكتلندية، حيث احتل المركز الأول.
وكان العداء المغربي عبد السلام الراضي قد شارك بتاريخ 10 شتنبر 1960، في مسابقة الماراتون ممثلا بلده المغرب حيث حقق أول ميدالية للمغرب في أولمبياد 1960 بروما. وقد صنف البطل المغربي كعداء متخصص في سباق المسافات الطويلة، بعد انتزاعه أول ميدالية للمغرب في دورة الألعاب الأولمبية في أول مشاركة للمملكة المغربية في أولمبياد 1960، بالعاصمة الإيطالية روما.
بعد عودة البعثة المغربية إلى أرض الوطن، حظي البطل عبد السلام الراضي باستقبال رسمي من طرف الملك الراحل محمد الخامس، قبل أن يعود إلى فرنسا التي ظل مستقرا بها إلى أن تقاعد من سلك الجندية، حيث سيعود للاستقرار بصفة نهائية بوطنه المغرب بمدينة فاس .
2 ـ في مثل هذا اليوم كانت وفاة المؤرخ والكاتب الشيخ المهدي ابن العباس الناصري
توفي الشيخ المهدي ابن العباس الناصري ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان من العام 1347 هجرية الموافق لفاتح مارس سنة 1929 ميلادية. وقد كانت ولادته بمدينة تنغير ووفاته في تلوات.
حفظ القرآن الكريم، وتلقى دراسته الأولية على شيوخ الزاوية الناصرية وانتقل إلى جامعة القرويين بمدينة فاس في العام 1896 ميلادية، فدرس علوم الشريعة واللغة على يد شيوخها وتخرج منها عام 1908ميلادية.
عمل معلمًا بالزاوية الناصرية، فقام بتدريس علوم الشريعة والتصوف الشيخ المهدي ابن العباس الناصري هو مؤرخ وكاتب، له العديد من المؤلفات أشهرها "نعت الغطريس ابن الفسيس هيان بن بيان المنتمي إلى سوس"، ثم كتاب "حلة الأشباح وزينة الأكابر الرسّاخ" و كتاب "رحلته الزاهرة في أخبار درعة العامرة"، بالإضافة إلى مؤلف "منظومة في تذييل زهرة الشمارخ".
وقد ورد في سيرة المؤرخ والكاتب المهدي ابن العباس الناصري رحمه الله، أنه كان قد اختلف مع الباشا الكلاوي، حيث تم نفيه وإبعاده إلى منطقة تلوات، التي ظل فيها يتجرع مرارة الحسرة والندم إلى أن وافته المنية ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان من العام 1347 هجرية، الموافق لفاتح مارس سنة 1929 ميلادية.