الجمعة 21 مارس 2025
كتاب الرأي

ميمونة داهي: القانون أم الإنصاف.. هل يُعاقَب الفقر بالحراسة النظرية؟ 

ميمونة داهي: القانون أم الإنصاف.. هل يُعاقَب الفقر بالحراسة النظرية؟  ميمونة الحاج داهي
في مدينة القنيطرة، أثناء تنفيذ السلطات المحلية لقرار إزالة واجهة غير مرخصة لمطبعة في حي لافيلوط، رفضت صاحبة المحل الامتثال، واحتجت بانفعال، ووجهت عبارات اعتُبرت إهانة لرجل سلطة، مما أدى إلى تدخل الأمن وإيداعها الحراسة النظرية. الواقعة أثارت نقاشًا حول كيفية تطبيق القانون في مثل هذه الحالات، خاصة عندما يتعلق الأمر بمخالفات ذات بعد اجتماعي واقتصادي. فهل كان من الضروري اللجوء إلى الاعتقال؟ وهل يُطبَّق القانون بنفس الحزم في جميع الحالات أم أن هناك انتقائية في التنفيذ؟

القانون هو أساس النظام، لكن روحه تكمن في تحقيق التوازن بين الصرامة والإنصاف. حين يتم تحرير الملك العمومي، يكون الهدف هو حماية المجال العام من الفوضى، لكن تطبيق هذا المبدأ يحتاج إلى مقاربة ذكية، تأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي. من السهل إصدار قرارات الهدم والمصادرة، لكن الصعوبة تكمن في خلق بدائل عادلة تضمن احترام القانون دون أن تتحول العقوبات إلى مصدر إضافي للمعاناة.

في هذه الحالة، كان من الواضح أن المعنية ليست شخصًا نافذًا يستغل الملك العمومي لتحقيق مكاسب ضخمة، بل صاحبة مشروع بسيط يكافح للبقاء. عندما واجهت خطر فقدان مصدر رزقها، كان رد فعلها الغاضب متوقعًا، حتى لو لم يكن مبررًا قانونيًا. هنا يبرز السؤال: هل كان التوقيف هو الحل الأمثل؟ أم أن هناك طرقًا أكثر عدالة وفعالية للتعامل مع مثل هذه الحالات؟

السلطات ملزمة بتطبيق القانون، لكن هذا التطبيق لا ينبغي أن يكون عقابيًا فقط، بل يجب أن يحمل في طياته بعدًا إصلاحيًا وإنسانيًا. كثيرًا ما يتم اللجوء إلى العقوبات الزجرية في حق الفئات الضعيفة، في حين أن أصحاب النفوذ الذين يحتلون مساحات شاسعة من الملك العمومي دون وجه حق، غالبًا ما يتم التعامل معهم بمرونة أو تأجيل قرارات التنفيذ في حقهم. هذه الانتقائية في إنفاذ القانون تخلق فجوة في الثقة بين المواطنين والسلطات، وتعزز الإحساس بعدم المساواة أمام القانون.

إهانة رجل السلطة أمر مرفوض قانونيًا، لكن ينبغي أيضًا تحليل السياق والدوافع. هل كان هناك اعتداء جسدي؟ هل كان الفعل مقصودًا أم نابعًا من لحظة غضب تحت الضغط؟ في مثل هذه الحالات، ينبغي أن يكون هناك تمييز بين المخالفات، فليست كل إهانة تستوجب العقوبة الحبسية، كما أن الغرامات أو التدابير التصالحية قد تكون أكثر نجاعة من سلب الحرية.

حين يتعلق الأمر بقضية مثل تحرير الملك العمومي، فإن نجاح الحملة لا يقاس فقط بعدد المخالفات التي تم ضبطها، بل أيضًا بمدى التزامها بمبادئ العدالة الاجتماعية. ينبغي أن تكون هناك بدائل قبل الهدم، وإنذارات قبل التدخل الأمني، وحلول قانونية قبل اللجوء إلى الحبس. هناك حاجة إلى مقاربة تدريجية، تتدرج من التوعية والتحذير إلى فرض غرامات، قبل أن يتم اللجوء إلى التدخل الزجري.

القانون وجد لضبط الحياة العامة، لكنه لا ينبغي أن يتحول إلى أداة قمعية تفاقم معاناة الفئات المستضعفة. تطبيق القانون بحكمة يعني أن يكون هناك تفريق بين المخالفات الجسيمة والمخالفات الناجمة عن الحاجة، وأن يتم تخصيص حلول مرنة لمن يخالف بدافع البقاء، بدل معاملتهم كمن يخالف بدافع الاستغلال. بين النصوص القانونية والواقع الاجتماعي مسافة يجب أن تملأها العدالة، وإلا فقد القانون روحه، وبات أداة لإنتاج مزيد من الغبن بدل أن يكون وسيلة لتنظيم المجتمع وضمان استقراره.
ميمونة الحاج داهي، إعلامية