الأحد 9 مارس 2025
فن وثقافة

ملامح من “ذاكرة رمضان” تفتح شهية قراءة مسار شخصيات ولدت وأخرى رحلت في شهر الصيام ( الحلقة 8 )

ملامح من “ذاكرة رمضان” تفتح شهية قراءة مسار شخصيات ولدت وأخرى رحلت في شهر الصيام ( الحلقة 8 ) الزميل أحمد فردوس والحسين العمراني (يسارا)

إشراف وتقديم: أحمد فردوس

تحيي جريدة “أنفاس بريس” من خلال سلسلة حلقات “ذاكرة رمضان” ذكرى أحداث فارقة وشخصيات عظيمة وُلدت وأخرى رحلت في هذا الشهر المبارك. سنتناول ملوكًا تركوا بصماتهم في تاريخ الحكم، وعلماءً أثروا الفكر والمعرفة، وفقهاء أسسوا مدارس اجتهادية، ومقاومون كان لهم دور كبير في مقاومة الإستعمار وقدموا تضحيات في سبيل حرية الوطن واستقلاله، وأدباء وشعراء رسموا بالكلمات ملامح عصرهم، ورياضيين وفنانين حملوا اسم المغرب والأندلس إلى آفاق جديدة.

من قرطبة إلى فاس، ومن مراكش إلى غرناطة، شهـدت هذه الأرض ولادة عباقـرة ورحيل كبار، وكأن الزمان يختار هذا الشهر الكريم ليكرم فيه عباده، فيجعل لحظات قدومهم إلى الدنيا أو وداعهم لها تتـزامن مع أيـام الرحمة والمغفرة. إن رمضان ليس شهر النسيان، بل هو شهر الوفاء، ومن واجبنا أن نُحيي ذكراهم، وننفض الغبار عن صفحات مشرقة من تاريخنا، وأن نربط الحاضر بالماضي لنستفيد من تجارب الذين عاشوا ورحلوا تحت نور هذا الشهر المبارك.

ذاكرة رمضان ليست فقط رحلة عبر التاريخ، بل هي دعوة للتأمل في عمق التجربة المغربية والأندلسية، ولإعادة الإعتبار لمن أسهموا في تشكيل هذا الإرث الثقافي العظيم حتى لا نقع في فخ النسيان، الذي يُقال إننا لا نملك سواه. وهي أيضا سلسلة حلقات توثق لشخصيات مغربية حديثة ولدت وأخرى توفيت في هذا الشهر العظيم خلال هذا القرن، منهم الأحياء والأموات، شخصيات فاعلة ناجحة ومتألقة في مجالها.

 

ـ إليكم حلقة اليوم الثامنة من سلسلة حلقات ّ”ذاكرة رمضان”

1 ـ في مثل هذا اليوم كانت وفاة العالم والطبيب الجراح أبو القاسم الزهراوي

 

أبو القاسم الزهراوي

كانت وفاة العالم أبو القاسم الزهراوي في اليوم الثامن من شهر رمضان في العام 400 هجرية، وقد عاش الطبيب الجراح أبو القاسم الزهراوي في الأندلس، حيث يعد من أعظم الجراحين الذين ظهروا في العالم الإسلامي، وصفه الكثيرون بأبي الجراحة الحديثة، وهو الطبيب العربي المسلم المعرف في الغرب بـ " Albucasis"

من أعظم مساهماته العلمية في الطب هو كتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف" الذي يعد موسوعة طبية من ثلاثين مقالة. وقد كان لمساهماته العلمية والمعرفية في مجال الطب، سواء في التقنيات الطبية المستخدمة أو الأجهزة التي صنعها، تأثيرها الكبير في الشرق والغرب، حتى أن بعض اختراعاته لا تزال مستخدمة إلى اليوم، هذا ويعد الجراح أبو القاسم أول طبيب يصف الحمل المنتبذ، وأول من اكتشف الطبيعة الوراثية لمرض الناعور "الهيموفيليا"

ولد الزهراوي في مدينة الزهراء ـ ترجع أصوله إلى الأنصار ـ عاش في قرطبة حيث درس وعلّم ومارس الطب والجراحة. ولم يتم الإشارة لاسم الزهراوي إلا من خلال كتابات ابن حزم الذي عدّه من ضمن أعظم أطباء الأندلس. أما أول من كتب سيرته الذاتية فهو الحميدي في كتابه جذوة المقتبس في ذكر علماء الأندلس الذي كتبه بعد 60 عامًا من وفاة الزهراوي حيث قال عنه أنه: "من أهل الفضل والدين والعلم ".

2 ـ يوم وفاة الفنان عبد الله العمراني

 

 

عبد الله العمراني

كانت وفاة الفنان الكبير عبد الله العمراني مساء يوم الثلاثاء ثامن رمضان من العام 1440 هجرية الموافق لـ 14 ماي 2019 ميلادية عن عمر يناهز 78 سنة (1941 – 2019).

يعد الفنان عبد الله العمراني من رموز التمثيل الإذاعي والتلفزيوني والسينمائي في المغرب، تخرج من مدرسة التمثيل للأبحاث المسرحية، وقد برز في عددٍ من الأفلام والمسلسلات المغربية ذات الطابع السياسي والتاريخي، فضلا عن مشاركته أيضًا في بعض الأفلام الأجنبية، حيث ساعده تكوينه الأكاديمي والمسرحي على وضع بصمته الخاصة على كل دور قدمه طول مسيرته الفنية التي امتدت لأزيد من أربعة عقود.

ولد عبد الله العمراني سنة 1941 بمدينة مراكش، وسط أسرةٍ محافظة حيثُ كانَ والده عمر بن حليمة العمراني يعملُ مُدرِّسًا للعلوم الدينية بجامعة ابن يوسف في مدينة النخيل، وخِلال سنين مراهقته انجذب عبد الله لفن التمثيل فعملَ بشكلٍ دوريّ على المُشاركة في المسابقات التي كان تنظمها مدرستهُ في ذلك الوقت قبلَ أن ينضمّ لفرقةِ الأمل، ثم الفرقة الوطنية للتمثيل الإذاعي رفقةً عددٍ من نجوم التمثيل بمن فيهم عبد الله شقرون، ومحمد حسن الجندي، وحميدو بن مسعود، ثم عزيز موهوب، إلى جانب عبد الرزاق حكم، والعربي الدغمي وحبيبة المذكوري ، والفنانة أمينة رشيد ومليكة العماري...وغيرهم.

3 ـ في مثل هذا اليوم كانت وفاة العلامة عبد القادر الفاسي

توفي العلامة عبد القادر بن علي الفاسي في يوم 8 رمضان، وكانت ولادته في 2 رمضان بين 1007 هجرية و1091 الموافق لـ 1599 ميلادية و1680.

من المعلوم أن العلامة عبد القادر بن علي الفاسي هو مؤسس الزاوية الشاذلية بمدينة القصر الكبير وصفه صاحب السلوة بـ "إمام الأئمة، وشمس الأمة، ركن الإسلام، وعلم الأعلام، أستاذ الأستاذين، وتاج العارفين". أما بخصوص سيرته فإنها مدونة في كتاب تحفة الأكابر بمناقب الشيخ سيدي عبد القادر” وهو من تأليف إبنه الفلكي والمؤرخ والموسيقي عبد الرحمن الفاسي.

وقيل في زمانه "لولا ثلاثة لانقطع العلم من المغرب في القرن الحادي عشر وهم: سيدي عبد القادر الفاسي في فاس، وسيدي محمد بن أبي بكر الدلائي في الدلاء، وسيدي محمد بن ناصر الدرعي في درعة”.

ولد العلامة عبد القادر بن علاي الفاسي بمدينة القصر الكبير يوم الإثنين 2 رمضان، وينتمي عبد القادر إلى آل الفاسي الذين كانوا يسمون بآل ابن الجد في الأندلس، وبنو الجد فهريون، وكان استيطانهم في لبلة ، ثم انتقلوا إلى إشبيلية، ومنها لمالقة ، ثم إلى فاس حوالي 880هـ/1483م، وبها تسموا بالشمّاع، ثم من فاس إلى القصر الكبير، وبها تسموا بالفاسي، ومنها عادوا إلى فاس مرة أخرى.

كانت وفاته بعد زوال يوم الأربعاء 8 رمضان 1091 هجرية، ودفن بالزاوية المنسوبة إليه الآن حومة القلقليين من عدوة فاس القرويين، في موضع تدريسه العلم بها