اهتزت الأرض ليلة الإثنين 10 فبراير 2025، كما لو أنها تستعيد ذكرياتها القديمة لم تكن سوى لحظات لكن الزمن تمدّد كأنه لا يريد الرحيل تراقصت الجدران ببطء مخيف وشعر النائمون بأنهم يستيقظون داخل كابوس ثقيل لكن الحقيقة كانت أدهى الأرض تحرّكت لا لتذكّرنا فقط أنها حية بل لتطرح علينا سؤالًا قديمًا جديدًا هل استوعبنا الدرس أم أن النسيان أقوى من الارتجاف.
زلازل المغرب تاريخ يعيد نفسه
المغرب ليس غريبًا عن الهزات بل هو ضيفٌ دائمٌ على مائدة الزلازل زلزال أكادير 1960 زلزال الحسيمة 2004 زلزال الحوز 2023 والآن زلزال جديد يضاف إلى القائمة كل مرة تهتز فيها الأرض نعيد نفس السيناريو نحصي الضحايا نرفع الشعارات نبحث عن المفقودين ثم نعود لحياتنا وكأن شيئًا لم يكن إلى أن تأتي الهزة التالية لكن إلى متى سيظل المغرب فريسةً لأنياب الزلازل هل نحن عاجزون عن التعلّم أم أننا نعيش داخل حلقةٍ مغلقة من الإهمال والنسيان كم مرة سننتظر أن توقظنا الأرض من غفلتنا قبل أن نأخذ بالأسباب ونتعامل مع الواقع كما هو.
الزلزال ليس عدوًا لكننا نصنع الهشاشة بأيدينا
الزلازل ليست مفاجآت ولا كوارث بلا مقدمات بل هي جزءٌ من قوانين الطبيعة تحدث لأن الأرض تتنفس تتحرك وتعيد ترتيب نفسها لكن في المغرب تتحوّل كل هزةٍ إلى مأساة ليس لأن الأرض أكثر قسوةً هنا بل لأننا أكثر هشاشة الأبنية العشوائية الغش في مواد البناء التوسع العمراني فوق الخطوط الزلزالية وانعدام خطط الإخلاء كلها تجعل من كل زلزالٍ جريمةً نحن شركاء فيها.
في دولٍ أخرى يعيش الناس فوق براكين خامدة وسط أعاصير عاتية وعلى خطوط زلزالية نشطة لكنهم ينجون لأنهم استعدّوا فلماذا يظل المغرب استثناءً لماذا نبني مدنًا لا تحتمل حتى اهتزازًا بسيطًا هل نحن نراهن على الحظ أم أننا نؤمن بأن "المكتوب" أقوى من التخطيط.
عبث الجغرافيا أم عبث البشر
الأرض تتحرّك لكن البشر هم من يقررون كيف يعيشون فوقها فهل نحن ضحايا الجغرافيا أم أننا ضحايا قراراتنا كم مرة سنعيد ترميم المدن بدلًا من إعادة التفكير في أسس بنائها لماذا نترك الأقدار تتحكم بمصائرنا بينما بإمكاننا أن نأخذ زمام الأمور.
ما الفرق بيننا وبين اليابان التي تتعرض لزلازل أقوى لكنها تنهض دون خسائر هل السر في نوعية الإسمنت أم في نوعية العقول لماذا يتحوّل الزلزال في بعض البلدان إلى خبرٍ عابر بينما يكون في المغرب كارثةً وطنية.
الزلزال القادم بين الاستعداد والانتظار
العلم يقول إن المغرب سيظل فوق خط زلزالي نشط وإن الأرض ستتحرّك مجددًا ربما اليوم وربما بعد عام وربما بعد عقد لكن السؤال الحقيقي ليس متى سيحدث الزلزال بل كيف سنواجهه هل سنظل ننتظر الموت بين أنقاض هشاشتنا أم أننا سنبني مستقبلًا أكثر أمانًا.
الزلازل ليست سوى أضواء تحذير
هل ستكون الأرض دائمًا هي العدو الذي لا نراه في العيون؟ أم أننا نحن من نساعدها في إيذائنا؟ لماذا نواصل إغلاق أعيننا عن هذه الحقيقة؟ هل نحن خائفون من الحقيقة القاسية التي قد تكشف عن عجزنا؟
هل نحن حقًا مستعدون لفكرة أننا قد لا نملك السيطرة على كل شيء؟ لماذا نتصرف وكأننا نعيش في فقاعة آمنة؟ كيف نواجه الزمن الذي يسير من دون أن يرحم أحدًا؟ لماذا لا ننتبه إلى أن الزلازل هي فقط نقطة في بحر من التحولات التي نشهدها؟
هل نريد الانتظار حتى تصبح الأرض هي المعلم الذي يفرض علينا الدروس؟ ما الذي يجعلنا نعيش في غفلة؟ هل نحن شعبٌ مرتبط بالخرافات أكثر من ارتباطه بالعلم؟ هل نحن نرى الزلزال مجرد حدث عرضي أم هو تذكير دائم بأننا بحاجة إلى التغيير؟
هل سنظل نشاهد المدن تنهار أمام أعيننا في كل مرة تهتز الأرض؟ هل نستطيع أن نكون أبطال قصتنا أم أن الزمن سيكتب لنا نهاية مأساوية؟
هل نعرف حقيقة ما يعنيه أن نعيش فوق كوكب لا يتوقف عن الحركة؟ ماذا لو كانت الزلازل مجرد انعكاس للسياسات الهشة التي نبنيها على مر السنين؟ هل يمكن أن نبني جسرًا بين الواقع الذي نعيشه والطريق الذي يجب أن نسلكه؟
زبدة القول:
أن الأرض لا تسأل قبل أن تهتز ولا تهتم بدموعنا حين تنهار فوقنا لكنها تمنحنا فرصة الاختيار إما أن نتعلم ونستعد أو أن نبقى رهائن للخوف ننتظر صدمةً أخرى قد تكون أعنف وقد تكون الأخيرة.