الأربعاء 19 فبراير 2025
اقتصاد

إدريس الفينة: مراكش.. اللغز الذي يحيرني

إدريس الفينة: مراكش.. اللغز الذي يحيرني إدريس الفينة ومنظر من ساحة جامع الفنا
مراكش، مدينة ترتدي عباءة الفخامة والتميز، مدينة ليست كغيرها، مدينة تنبض بسحر خاص يجعلها تقف متفردة على خريطة المغرب والعالم. إنها ليست مجرد مدينة مغربية، بل هي نموذج استثنائي نجح في تحقيق معادلة تجمع بين الأصالة والحداثة، وبين المحلية والعالمية، في صورة قلَّ مثيلها.

عندما تخطو أولى خطواتك في مراكش، تشعر وكأنك قد انتقلت إلى عالم آخر. عالم يأخذك بين أزقته الضيقة وأسواقه العابقة بروائح التوابل، وبين حدائقه الغنّاء وقصوره التي تروي قصصًا من تاريخ يمتد لقرون. مراكش ليست فقط مدينة، بل تجربة حية، إحساس يغمر الحواس ويستولي على الروح. لهذا السبب، أصبحت مراكش علامة سياحية عالمية، بل ماركة يعرف قيمتها العالم أكثر مما نفعل نحن أبناءها.

يتساءل الكثيرون، مسؤولون وخبراء من مدن مغربية وأخرى عالمية، عن سر هذه الجاذبية التي تجعل من مراكش لغزًا محيرًا وقبلة لا تقاوم للسياح والمستثمرين على حد سواء. كيف يمكن لمدينة واحدة أن تجمع كل هذه العناصر في توليفة تنبض بالحياة والتميز؟ الإجابة ليست بديهية، فهي تتوارى خلف قناع من الغموض، مثل جوهرة تخفي بريقها حتى لمن يحاول الاقتراب منها.

ما يجعل مراكش فريدة حقًا هو مزيج من العوامل الظاهرة والخفية. الطقس المعتدل، السماء الزرقاء التي تكاد لا تغيب، والموقع الجغرافي الذي يضعها عند ملتقى طرق بين جبال الأطلس والصحراء المغربية، كلها تمنحها طابعًا فريدًا. ومع ذلك، فإن سرها الأعظم يكمن في روح أهلها: أناس بوجوه مشرقة وابتسامات دافئة، بانفتاح يجعل الزائر يشعر وكأنه واحد منهم، وكأنهم مرسلون من عالم آخر ليضفوا على مراكش سحرها الخاص.

ولا يمكن الحديث عن مراكش دون الإشادة بالجهود الكبيرة التي ساهمت في تعزيز مكانتها. من الدولة التي حرصت على تطوير البنية التحتية وضمان الأمن، إلى المستثمرين الذين ضخوا أموالهم لإحياء قصورها وبناء مشاريعها الضخمة، إلى الأفراد الذين عشقوها فعملوا بلا كلل على جعلها وجهة لا تُنسى.

لكن، رغم كل ما يمكن أن يقال، تظل مراكش محتفظة بسرها الخاص. سر عميق يأبى أن يُكشف، حتى لمن يقضي الليل والنهار يحاول فك طلاسمها. إنها مدينة تفتح ذراعيها للجميع، تمنحهم جزءًا من سحرها، لكنها لا تكشف كل شيء، وكأنها تُبقي على شيء لنفسها، شيء يجعلها تبقى دائمًا محط شغف وإعجاب لا ينتهي.

هكذا هي مراكش، لغزها في بريقها، وبريقها في لغزها. مدينة تروي حكاياتها للزائرين، لكنها تترك في أعماقهم شعورًا بأنها لم تقل كل شيء.