الأربعاء 5 فبراير 2025
سياسة

تاج الدين الحسيني: فشلت الجزائر تاريخيا فـي محاولاتها الضغط على موريتانيا ضد المغرب

تاج الدين الحسيني: فشلت الجزائر تاريخيا فـي محاولاتها الضغط على موريتانيا ضد المغرب تاج الدين الحسيني
أكد تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة محمدالخامس، على أن موريتانيا كانت جزءا لا يتجزأ من المغرب تاريخيا، مبرزا في حوار مع جريدة "أنفاس بريس" ضمن ملف حول:"المغرب موريتانيا.. توأم مآمرة عسكر الجزائر"، مسار العلاقات بين البلدين، ومحاولات العسكر الجزائري الفاشلة في زعزعة الجذور التاريخية بينهما، فشلها في إقناع موريتانيا بإيقاف مرور أنبوب الغاز عبرها... الحوار 
 

بم‭ ‬تميزت‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا؟
يعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬موريتانيا‭ ‬كانت‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬المغرب،‭ ‬ولكن‭ ‬عملية‭ ‬قص‭ ‬الأصابع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬فرنسا‭ ‬لمستعمراتها‭ ‬السابقة،‭ ‬وخاصة‭ ‬المغرب‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مستعمرة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬فرنسا‭ ‬تنوي‭ ‬البقاء‭ ‬فيه‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬الحماية،‭ ‬ويوجد‭ ‬السلطان،‭ ‬والدولة،‭ ‬ومؤسساتها،‭ ‬وبالتالي‭ ‬اختارت‭ ‬أن‭ ‬تقزم‭ ‬مساحاته‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الحدود‭ ‬الشرقية‭ ‬مع‭ ‬الجزائر،‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬موريتانيا،‭ ‬ومنع‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬التفاوض‭ ‬فيها‭ ‬سنة‭ ‬1955،‭ ‬تم‭ ‬عند‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقلال‭.‬

ويظهر‭ ‬واضحا‭ ‬بأن‭ ‬التطورات‭ ‬الموالية‭ ‬دفعت‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬القبول‭ ‬بمقترحات‭ ‬فرنسا،‭ ‬والدفع‭ ‬بموريتانيا‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬دولة‭ ‬كاملة‭ ‬العضوية‭ ‬داخل‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬كان‭ ‬الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬رافضا‭ ‬لموقف‭ ‬والده‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬استرجاع‭ ‬موريتانيا،‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يتفق‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يمثلها‭ ‬بالخصوص‭ ‬علال‭ ‬الفاسي‭.‬

الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬وجد‭ ‬إحراق‭ ‬المسجد‭ ‬الأقصى‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الصهاينة‭ ‬فرصة‭ ‬جد‭ ‬مناسبة،‭ ‬فدعا‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬في‭ ‬الرباط‭ ‬للاعتراف‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬بسيادة‭ ‬موريتانيا‭ ‬كدولة‭ ‬مستقلة‭.‬

لكن‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وموريتانيا‭ ‬ظلت‭ ‬تتأرجح‭ ‬منذ‭ ‬سنة‭ ‬1969،‭ ‬وصارت‭ ‬تخضع‭ ‬لتوازن‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية‭ ‬بشكل‭ ‬جد‭ ‬حذر،‭ ‬بحيث‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬السبعينات‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬بمثابة‭ ‬النموذج‭ ‬لمقاومة‭ ‬الاستعمار،‭ ‬وتقديم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬شهيد‭ ‬ضد‭ ‬الاستعمار،‭ ‬كما‭ ‬تعتبر‭ ‬نفسها‭ ‬بعد‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬سنة‭ ‬1973‭ ‬رائدة‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭ ‬الثالث،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الاستقلال،‭ ‬والحرية‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬بذلك‭ ‬تذر‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬المساعدات‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وصار‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬1975‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬المغرب‭ ‬باسترجاع‭ ‬صحرائه‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭.‬

هذا‭ ‬الاسترجاع‭ ‬جاء‭ ‬بصك‭ ‬مزدوج،‭ ‬فمجموع‭ ‬التراب‭ ‬الموريتاني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مرتبطا‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬والصحراء‭ ‬أصبح‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬يطالب‭ ‬في‭ ‬شخص‭ ‬رئيسه‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬نصيب‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التسوية‭ ‬مع‭ ‬إسبانيا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الطرفان‭ ‬شاركا‭ ‬معا‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الملف‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬سلطان‭ ‬المغرب‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬علاقات‭ ‬بيعة‭ ‬مع‭ ‬ساكنة‭ ‬الصحراء‭ ‬والقبائل‭. ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬لهذه‭ ‬المنطقة‭ ‬علاقات‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمجموع‭ ‬الموريتاني،‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬تأكيدا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬موريتانيا‭ ‬كانت‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬المغرب‭.‬

لكن‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬كانت‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬استراتيجية،‭ ‬وبدونها‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إسبانيا‭ ‬والموقف‭ ‬الجزائري،‭ ‬والموقف‭ ‬الدولي‭ ‬أيضا،‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬سيفشل‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المهضومة‭ ‬تاريخيا‭.‬

وبالتالي‭ ‬أخذت‭ ‬العملية‭ ‬طريقها،‭ ‬لكن‭ ‬ظهرت‭ ‬مسألة‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬الهش‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالدول‭ ‬الثلاث‭ ‬بالأساس‭.‬

المغرب‭ ‬والجزائر،‭ ‬كانا‭ ‬يشبهان‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعتقد‭ ‬دور‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬كانا‭ ‬بمثابة‭ ‬قطبين‭ ‬مركزيين،‭ ‬لكن‭ ‬علاقاتهما‭ ‬كانت‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬ممزوجة‭ ‬بالصراع،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬حرب‭ ‬الرمال،‭ ‬وتصريح‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬بن‭ ‬بلة‭ ‬حينذاك‭ ‬بأن‭ ‬"المغاربة‭ ‬حقرونا"‭.‬

منذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ،‭ ‬والضغينة‭ ‬تتأجج‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الطبقة‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وللأسف‭ ‬كانت‭ ‬بداية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حركة‭ ‬التحرير،‭ ‬تم‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الجيش‭ ‬بعد‭ ‬انقلاب‭ ‬الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬بن‭ ‬بلة،‭ ‬وتم‭ ‬إعطاء‭ ‬الجيش‭ ‬دورا‭ ‬مركزيا‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬الدولة‭ ‬واستمرارها‭.‬

وبالتالي‭ ‬أصبحت‭ ‬موريتانيا‭ ‬نفسها‭ ‬مهددة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الجزائر‭ ‬بعد‭ ‬استرجاع‭ ‬إقليم‭ ‬الداخلة‭ ‬من‭ ‬طرفها‭. ‬هذا‭ ‬التهديد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬صور:‭ ‬فالرئيس‭ ‬بومديان‭ ‬مرة،‭ ‬زار‭ ‬الرئيس‭ ‬ولد‭ ‬دادا‭ ‬في‭ ‬معقله،‭ ‬وقام‭ ‬بتهديده‭ ‬شخصيا،‭ ‬ولاحظنا‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬عرفت‭ ‬انقلابا‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬ليقول‭ ‬الرئيس‭ ‬الجديد‭ ‬إن‭ ‬هجومات‭ ‬البوليساريو‭ ‬أصبحت‭ ‬خطيرة،‭ ‬وجد‭ ‬متطورة،‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬الجزائر‭ ‬حينها‭ ‬تعد‭ ‬العدة‭ ‬لكي‭ ‬تلحق‭ ‬منطقة‭ ‬الداخلة‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ ‬بالجمهورية‭ ‬الصحراوية‭.‬

إذن‭ ‬المغرب‭ ‬قام‭ ‬باسترجاع‭ ‬منطقة‭ ‬الصحراء،‭ ‬سكان‭ ‬المنطقة‭ ‬جاؤوا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ممثليهم‭ ‬لتقديم‭ ‬البيعة‭ ‬للمغرب‭. ‬وطوت‭ ‬موريتانيا‭ ‬الصفحة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببقضية‭ ‬الصحراء‭.‬

منذ‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬ظهرت‭ ‬مظاهر‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬التوثرات‭ ‬شاركت‭ ‬فيها‭ ‬أيضا‭ ‬موريتانيا،‭ ‬لأنها‭ ‬صارت‭ ‬حلقة‭ ‬ضعيفة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬توازن‭ ‬القوى‭ ‬داخل‭ ‬منطقة‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭. ‬أصبحت‭ ‬أحيانا‭ ‬تتضامن‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬مستويات‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثقافي‭ ‬والعلمي‭. ‬هناك‭ ‬مئات‭ ‬الشباب‭ ‬الموريتاني‭ ‬جاؤوا‭ ‬للدراسة‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬مؤسسات‭ ‬للتعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬واتفاقيات،‭ ‬وتستفيد‭ ‬موريتانيا‭ ‬من‭ ‬أبسط‭ ‬المواد‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الخضر‭ ‬والفواكه‭. ‬وبالتالي‭ ‬خضوعها‭ ‬للضغط‭ ‬الجزائري،‭ ‬خلق‭ ‬عرقلة‭ ‬للعلاقات‭ ‬الديبلوماسية،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬بداية‭ ‬انهيار‭ ‬اتحاد‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭.‬
 
إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬استطاعت‭ ‬الجزائر‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬موريتانيا‭ ‬في سياق تحرشاتها ‬بالمغرب؟
بالعكس،‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬أصبح‭ ‬يظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬بأن‭ ‬الرئيس‭ ‬الموريتاني‭ ‬الحالي‭ ‬له‭ ‬تعاطف‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬ممن‭ ‬درسوا‭ ‬في‭ ‬الأكاديميات‭ ‬المغربية،‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬زوجته‭ ‬أيضا‭ ‬ذات‭ ‬أصول‭ ‬مغربية،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬لزوجته‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬ووجودها‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المصحات‭ ‬وحضور‭ ‬الرئيس‭ ‬كان‭ ‬مناسبة‭ ‬للقائه‭ ‬مع‭ ‬الملك‭.‬

البلاغ‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إصداره‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬كان‭ ‬جد‭ ‬مقتنضب،‭ ‬لكنه‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬نقطتين‭ ‬أساسيتين،‭ ‬موريتانيا‭ ‬ستتعاون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬ببلوغ‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز،‭ ‬من‭ ‬نيجيريا‭ ‬نحو‭ ‬المغرب،‭ ‬تم‭ ‬أوربا‭ ‬ليمر‭ ‬بموريتانيا،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬كانوا‭ ‬يشككون‭ ‬في‭ ‬قبول‭ ‬موريتانيا‭ ‬مرور‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز‭ ‬بترابها‭ ‬نحو‭ ‬الصحراء‭ ‬أمام‭ ‬ضغط‭ ‬الجزائر‭.‬

تمت‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬تعاون‭ ‬البلدان‭ ‬المجاوزة‭ ‬للمحيط‭ ‬الأطلسي‭ ‬مع‭ ‬بلدان‭ ‬الساحل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المياه‭ ‬الأطلسية،‭ ‬وتعاون‭ ‬موريتانيا‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭.‬

وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬إذا‭ ‬سارت‭ ‬موريتانيا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التوجه‭ ‬المغربي‭ ‬بخصوص‭ ‬قضية‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز،‭ ‬والتعاون‭ ‬عبر‭ ‬المياه‭ ‬الأطلسية‭ ‬فهذا‭ ‬مكسب‭ ‬مهم،‭ ‬يؤكد‭ ‬التضامن‭ ‬القائم‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬موريتانيا‭ ‬وقفت‭ ‬كذلك‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتعاون‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬ممر‭ ‬الكركارات،‭ ‬ومرور‭ ‬الصادرات‭ ‬المغربية‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬إفريقيا‭ ‬الغربية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬موريتانيا‭.‬
 
إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬قد‭ ‬تنجح‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬موريتانيا‭ ‬بخصوص‭ ‬أنبوب‭ ‬الغاز؟‭ ‬
أعتقد‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ذلك كان‭ ‬حذرا‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬التطورات‭ ‬الممكنة،‭ ‬فالجزائر‭ ‬قد‭ ‬تهدد‭ ‬أحيانا‭ ‬حتى‭ ‬ممر‭ ‬الكركارات‭ ‬باستعمال‭ ‬القوات‭ ‬العسكرية،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬المغرب‭ ‬استعداداته‭ ‬ليقيم‭ ‬خطا‭ ‬بحريا‭ ‬مباشرا‭ ‬عبر‭ ‬الأطلسي‭ ‬إلى‭ ‬وادي‭ ‬بو،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬تطور‭ ‬مهم‭ ‬يعطي‭ ‬نظرة،‭ ‬بكون‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬مصدر‭ ‬تهديد‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬بدائل‭ ‬مناسبة‭.‬

علما‭ ‬بأن‭ ‬الجزائر‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬تهديد‭ ‬ذلك‭ ‬الممر،‭ ‬لأن‭ ‬المغرب‭ ‬حين‭ ‬استرجعه،‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬العازلة‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬كان‭ ‬بمباركة‭ ‬دولية،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬استرجاع‭ ‬سلمي‭ ‬لم‭ ‬ترق‭ ‬فيه‭ ‬قطرة‭ ‬دم‭ ‬واحدة،‭ ‬لذلك‭ ‬فحديث‭ ‬الجزائر‭ ‬عن‭ ‬خرق‭ ‬استعمال‭ ‬النار،‭ ‬لن‭ ‬تعترف‭ ‬به‭ ‬حتى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وكل‭ ‬بيانات‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬اليوم‭ ‬تطالب‭ ‬الأطراف‭ ‬بالتحلي‭ ‬باليقظة،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬منذ‭ ‬التسعينات،‭ ‬وهو‭ ‬إدانة‭ ‬مبطنة‭ ‬بقيام‭ ‬الجزائر‭ ‬بهجومات‭ ‬على‭ ‬الجذار‭ ‬الوقائي‭ ‬الرملي‭ ‬الذي‭ ‬أقامه‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فالوضعية‭ ‬الآن‭ ‬متوترة‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬موريتانيا،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬الجزائر‭ ‬بالأساس،‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬إفشال‭ ‬مقترح‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل،‭ ‬وبجميع‭ ‬البدائل،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬إشعاعه‭ ‬الإقليمي‭ ‬والقاري،‭ ‬ومصالحه‭ ‬الحيوية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭.‬

وعلى‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يبقي‭ ‬على‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬موريتانيا‭ ‬لأنها‭ ‬منفذه‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬وأن‭ ‬يبقى‭ ‬متضامنا‭ ‬معها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى‭ ‬لسد‭ ‬الثغرة‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬منها‭ ‬الجزائر‭ ‬لإقامة‭ ‬مغرب‭ ‬عربي‭ ‬جديد‭ ‬بدون‭ ‬المغرب،‭ ‬وكانت‭ ‬وسيلة‭ ‬تم‭ ‬اتباعها‭ ‬منذ‭ ‬أشهر،‭ ‬دخل‭ ‬في‭ ‬نطاقها‭ ‬للأسف‭ ‬النظام‭ ‬التونسي‭. ‬وحاول‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬أيضا‭ ‬لعب‭ ‬هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬مع‭ ‬ليبيا‭ ‬لكن‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬ويحاول‭ ‬دائما‭ ‬استمالة‭ ‬موريتانيا‭ ‬لذلك‭.‬