الأربعاء 5 فبراير 2025
مجتمع

الحدود الاقتصادية.. آفاق جديدة للتعاون الإقليمي

الحدود الاقتصادية.. آفاق جديدة للتعاون الإقليمي مشاهد من اللقاء
بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء المظفرة والذكرى 69 لعيد الاستقلال نظم مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية والمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورومتوسطية و الإيبيروأمريكية جامعة محمد الخامس الرباط بمعية شركائه المنتدى الدولي العلمي الثاني حول موضوع: "اقتصاد الحدود ورهانات الاندماج الإقليمي" وذلك يومي 5 و 6 دجنبر 2024 برحاب قاعة المحاضرات بالمعهد بمدينة العرفان الرباط.
 
وقد حضر أشغال هذا المنتدى الدولي العلمي الهام، ثلة من الأساتذة الأكاديميين من داخل المغرب ومن دول موريتانيا ومالي وتونس ومجموعة من الخراء ورؤساء مراكز الأبحاث والمختبرات البحثية، لمناقشة مختلف الجوانب التاريخية والقانونية والسياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ظلت تطرحها إشكالية الحدود، من خلال تناول الموضوع من زوايا ورؤى مختلفة، ومقاربات متعددة من قبل ثلة من الباحثين الأكاديميين والخبراء ذوي تخصصات معرفية متنوعة.
 
وقد انصب النقاش بين مختلف الخبراء والأساتذة الباحثين الحاضرين، على المواضيع والإشكاليات المحورية التي يطرحها موضوع الحدود من قبيل: الترسيم القانوني للحدود والمجالات السيادية بإفريقيا؛ معضلة الحدود ورهانات التكامل الاقتصادي الجهوي؛ أزمات الحدود ومخاطر التهديدات الأمنية المتنامية؛ آفاق التعاون المغاربي في ظل التحولات الجيواستراتيجية.
 
اختيار موضوع اقتصاد الحدود لم يكن اختياره اعتباطيا أو وليد الصدف، بل أمله سياقات اقليمية ودولية، أعادت موضوع الحدود لدائرة النقاش من جديد بالقارة الافريقية بالنظر لما يطرحه من تحديات واكراهات عديدة حول العديد من الدول المتجاورة. فقد ظلت الحدود تشكل موضوعا معقدا ومركبا ويطرح إشكاليات وتحديات ذو أبعاد وتجليات وامتدادات إقليمية؛ تتداخل فيها جوانب سيادية وقانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية وجيواستراتيجية، فضلا عن كونه موضوعا يشكل تناوله حساسية كبيرة لدى سلطات بلدان المتجاورة بالنظر إلى حجم الإشكاليات المعقدة والمركبة التي تطرحها المعضلة الحدودية.
 
ومن جهة أخرى، ظل موضوع الحدود وما ينجم عنه من معضلات بعيدا عن النقاش العام والأكاديمي بالرغم ما تطرحه معضلة الحدود من صعوبات وتحديات كبيرة، وعلى مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والأمنية، فضلا عن الإشكاليات المرتبطة بالجوانب القانونية والسيادية. ويزداد هذا الوضع أكثر تعقيدا في ظل اختلاف وجهات نظر الأنظمة السياسية القائمة بالمنطقة حول تدبير هذه الإشكالية الشائكة التي هي من مخلفات الحقبة الاستعمارية بالقارة الافريقية.
 
ومن الممكن، أن تتحول الصدمات والصراعات في المناطق الحدودية إلى نزاعات عسكرية فيما بين الدول المتجاورة، لا سيما في ظل الحساسيات السياسية لدول المنطقة وتسارع التحولات الدولية والإقليمية والجيواستراتيجية قيد التشكل بالقارة الإفريقية، وفي ظل التنافس الجيواقتصادي والجيوسياسي الشرس بين القوى الدولية والفاعلية حول إعادة اقتستم مناطق النفوذ على الخريطة العالمية وإفريقيا في قلب هذه المنافسة؛ حيث تؤكد العديد من التقارير الدولية الرسمية ومراكز الأبحاث والدراسات المستقبلية بأن إفريقيا هي مستقبل الاقتصاد العالمي بالنظر لما تزخر به من مؤهلات وموارد طبيعية هائلة.
 
وقد تتحول معضلة الحدود إلى قنبلة موقوتة قابلة للاشتعال في كل لحظة، خاصة في ظل تنامي الحركات الإرهابية والانفصالية والدينية المتطرفة التي تستوطن بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر ويتطلب إيجاد إطارات للتعاون الجهوي والإقليمي في أفق إحداث تكتلات اقتصادية جهوية تعود فوائدها ومزاياها الاقتصادية بالنفع على ساكنة المنطقة.
 
وفي الجلسة الختامية لأشغال هذا المنتدى العلمي الهام، تم توقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية والمنتدى المغربي الموريتاني للصداقة والتعاون، الذي أشاد رئيسه، الدكتور أحمد النحوي، بالعلاقات الموريتانية المغربية ودعا لشراكة اقتصادية استثنائية بين المغرب وموريتانيا الشقيقة. كما استعرض خلال مشاركته في أشغال هذا المنتدى أهمية التركيز على التعاون الاقتصادي بين الدول الافريقية وتجاوز الاختلافات السياسية لصالح التعاون الاقتصادي " فالاقتصاد يمكن أن يصلح مفاسد السياسة حين تكون إرادة جادو لذلك". واعتبر رئيس المنتدى المغربي الموريتاني للصداقة والتعاون أن المبادرة الملكية الأطلسية ستفتح آفاقا جديدة لتعاون اقتصادي مثمر بين دول المنطقة.
 
إن مركز اشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، يعتبر أن اللحظة التي تمر منها المملكة والتحولات الدولية الطارئة، تستدعي رد الاعتبار للجامعات المغربية ومراكز الدراسات والأبحاث والدراسات حتى تقوم بالدور المنوط بها في مجال البحث العلمي، وتساهم في نشر المعرفة العلمية الصحيحة والسليمة على نطاق واسع بالمجتمع، وكذلك المساهمة في الدبلوماسية الموازية من خلال خلق دينامية وزخم معرفي حول القضايا الراهنة والمستقبلية وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية للملكة تفعيلا وتنزيلا للخطب الملكية السامية ذات الصلة، حيث يسعى مركز إشعاع جاهدا وقدر المستطاع بأن يكون طرفا فاعلا للمساهمة في الدبلوماسية الموازية التي تهم قضية الوحدة الترابية وإعطاء زخم ودينامية لها استشرادا بالتوجهات الملكية السامية في هذا الإطار وتفعيلا للدور الذي يجب أن تضطلع به المؤسسات الجامعية ومراكز الدراسات والأبحاث في هذا المجال.
 
تماشيا على التوجهات الملكية الهادفة إلى إعطاء دينامية وزخم للدبلوماسية الموازية، واعتبارا للدور الذي تقوم به المؤسسات الجامعية والمعاهد والبحثية وكذا مراكز الأبحاث والدراسات في هذا المجال، فإن مركز إشعاع للدراسات الجيوسياسية والاستراتيجية، كمركز تفكير، وانطلاقا من قناعاته المعرفية وتوجهاته البحثية، يهدف من خلال أنشطته العلمية الجادة والهادفة (من خلال تنظيم ندوات وملتقيات علمية، إلى إثارة النقاش العلمي حول مجموعة من القضايا والمواضيع ذات راهنية سواء على المستوى الوطني أو القاري أو الدولي وخاصة الفضاء الإفريقي الأطلسي والمغاربي الذي يحظى باهتمام خاص في التوجهات الملكية السامية حيث تحظى القارة الإفريقية بالأولوية في السياسة الخارجية للمملكة.