الأربعاء 11 ديسمبر 2024
كتاب الرأي

نادية واكرار: المغرب والولايات المتحدة الأمريكية..تاريخ طويل من التعاون والمصالح المشتركة 

نادية واكرار: المغرب والولايات المتحدة الأمريكية..تاريخ طويل من التعاون والمصالح المشتركة  نادية واكرار
بعد الاعلان منذ قليل عن فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما يثير مجموعة من التساؤلات حول تأثير سياسته على ماهية وكينونة العلاقات المغربية الأمريكية والتي تعد من أقدم العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وأي دولة أخرى... إذ يعود تاريخها إلى اعتراف المغرب باستقلال الولايات المتحدة عام 1777 وما قبل... ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقة لتصبح شراكة استراتيجية تشمل عدة مجالات كالأمن، الاقتصاد، التعليم، والدفاع، الشيء الذي يجعل من المغرب حليفاً مهما ومميزا للولايات المتحدة في شمال إفريقيا..و الشيء الذي يمنح المغرب دورا مهما و رئيسيا في تفعيل الشراكات و تتمين التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
 
خلال ولايته السابقة (2017-2021)، تبنى الرئيس ترامب سياسة خارجية نمودجية و غير تقليدية، إذ ركز على تفنيد وتعزيز علاقات بلاده مع حلفائها لتحقيق المصالح الأمريكية. وقد شهد خلالها المغرب نقلة نوعية في علاقاته مع واشنطن في تلك الفترة بحين اتخذ ترامب قراراً تاريخياً بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء المغربية في ديسمبر 2020. وقد شكل هذا الاعتراف دعماً دبلوماسياً قوياً للمغرب في نزاعه الإقليمي كما ساهم في تعزيز موقفه على الساحة الدولية.
في المجال الاقتصادي، شهدت العلاقات المغربية الأمريكية خلال فترة رئاسته تطوراً لافتا بحيث تضافرت الجهود لاجل تشجيع الاستثمارات الأمريكية بالمغرب وتنمة حجم التبادل التجاري بين البلدين.
 
منذ ذلك الحين، أصبح المغرب شريكا اقتصادياً رئيسيا لأمريكا في منطقة شمال إفريقيا و ساهم ذلك ايضا في استقرار المنطقة عبر استثماراته في التنمية، البنية التحتية، والاقتصاد الأخضر، وهو ما يعزز فكرة و مبدأ الترابط الاقتصادي بين البلدين وخدمة المصالح و الاهداف المشتركة.
 
ومع عودة ترامب، ربما سيواجه المغرب تحديا جديد يتمثل في السياسة التي قد يفضلها الرئيس الأمريكي "أمريكا أولاً" التي لطالما سعى ترامب إلى إعادة تقييم بعض الاتفاقيات التجارية من خلالها لأجل تحقيق  مداخيل و مكاسب أكبر لصالح الشركات الأمريكية.
 
 ولأجل التكيف مع هذا التوجه، قد يتطلب الأمر من المغرب  اتخاد اجراءات وتدابير و استراتيجيات جديدة لاجل تحسين رؤيته الاقتصادية وميزانه التجاري المشترك و الولايات المتحدة ... ثم تقديم حوافز اقتصادية مستجدة ودائمة لاجل تحفيز وتشجيع الشركات الأمريكية لاجل الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية بالمملكة، كالصناعة والطاقة المتجددة و غيرهما...
 
فيما يخص جانب التعاون الأمني والعسكري فلطالما اعتبر المغرب حليفا رئيسيا للولايات المتحدة في مسألة مكافحة الارهاب وضمان الاستقرار الإقليمي بدعمه، احتضانه  و تنظمه لمناورات "الأسد الأفريقي" السنويةو التي تعزز مستوى التعاون الدفاعي بين الجيشين المغربي والأمريكي وتكريس الجهود لاجل محاربة الارهاب. 
 
من المرتقب أن يواصل ترامب سياسته هاته خلال ولايته الجديدة، وذلك بتنفيد وتعزيز هذا التعاون بل وقد يقدم دعماً تقنياً ولوجستياً أكثر أهمية وكبرا، لا سيما مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة شمال إفريقيا والساحل وكذا على الصعيد العالمي...
 
بالرغم من التحديات التي قد تفرض نفسها سياسيا، فإن العلاقة بين المغرب والولايات المتحدة تمتاز بتاريخ طويل من التعاون والمصالح الاستراتيجية المشتركة...الشيء الذي سيمنحها مرونة أكبر في التكيف مع المستجدات و التغيرات السياسية في واشنطن. كما قد يسهم توجه المغرب لمواكبة التغييرات التي قد تطال الاجراءات والقوانين التي قد ترأها ت شراكاته الدولية و واشنطن، في تعزيز استقرار  هذه العلاقة  بكل أريحية.
 
إن التوأمة المغربية الأمريكية قد تفرض نفسها في الساحة كنموذجاً ناجحاً للتعاون الاستراتيجي والذي لطالما حقق مصالح البلدين وجعل من المغرب شريكاً يعتمد عليه ترامب لتعزيز مصالح بلاده في شمال إفريقيا.